تعتبر ألعاب الفيديو نوعا من الترفيه والتدريب وتعلم المحاكاة، فألعاب الفيديو يمكن القول أنها برمجيات حاسوب مصممة بواسطة مطورين ويتم انتاجها بواسطة شركات متخصصة، ويتم التشغيل بناء على أوامر أو تعليمات من قبل اللاعب. تم تصميم ألعاب الفيديو بدرجة عالية ويمكن تشغيلها على نظم تشغيل حاسوب متعددة وفقا لمتطلبات الألعاب، مثل الحاسوب المكتبى والمحمول واللوحى والهاتف المحمول وأجهزة “إكس بوكس” و”بلاي ستيشن” عن طريق توصيلها بالشاشة المسطحة او التلفزيون وغير ذاك.
تعتير ألعاب الفيديو مفيدة وسيئة ويمكن أن تكون الاثنين على حد سواء، فكل الاهمية ان تكون هناك معرفة بكل من الجوانب المضيئة والايجابية للاستفادة منها، والجوانب المظلمة والسلبية لمعرفة كيفية التعامل معها والتخلص منها او على الاقل الحد منها، وفيما بعد مجموعة من الايجابيات والسلبيات:
أولا: الإيجابيات
- التدريب على التخطيط وإدارة الموارد والخدمات اللوجستية، حيث يتعلم اللاعب إدارة الموارد المحدودة وتحديد أفضل استخدام للموارد بالطريقة نفسها كما في الحياة الحقيقية، ويتم تحفيز هذه المهارة في الألعاب الاستراتيجية.
- العديد من العلماء والأخصائيين النفسيين يجدون أن ألعاب الفيديو يمكن أن يكون لها فوائد عديدة في الواقع والتى من بينها:
- جعل الأطفال أذكياء، فقد تعلم ألعاب الفيديو مهارات التفكير عالي المستوى للأطفال التي سيحتاجون إليها في المستقبل.
- ألعاب الفيديو تساهم فى تغيير الدماغ، حيث تؤدي ممارسة ألعاب الفيديو إلى تغيير البنية الفيزيائية للدماغ بنفس طريقة تعلم القراءة أو العزف أو التنقل باستخدام الخريطة، فهى مثل الكثير من التمارين الرياضية يمكن أن تبني العضلات، والمزيج القوي من التركيز وتقوي الدوائر العصبية التي يمكن أن تساهم في بناء الدماغ، فهناك إجماع واسع في المجتمع العلمي على أن لعب ألعاب الفيديو لا يغير فقط كيفية أداء الدماغ ولكن أيضا هيكله.
- عند لعب ألعاب الفيديو يعطي الدماغ تجربة المهارات المطلوبة للفوز على التفكير المجرد وعالي المستوى، وهى مهارات لاتدرس في المدرسة.
- مهارات حل المشكلات والمنطق ويدريب الدماغ على ابتكار طرق مبتكرة لحل الألغاز ومشاكل أخرى في فترات قصيرة.
- تعلم التنسيق بين اليد والعين والحركية الدقيقة والمهارات المكانية، حيث يجب على اللاعب أن ينسق تفسير الدماغ ورد الفعل مع الحركة بين يديه وأطراف أصابعه وتتطلب هذه العملية قدرا كبيرا من التنسيق بين العين والقدرة البصرية المكانية على النجاح، وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص يمكنهم تعلم مهارات الانتباه الأيقونية والمكانية والبصرية من ألعاب الفيديو، والتى تساهم في مستقبل نجاح الطيارين المقاتلين والحراجين.
- تعلم العمل بتعدد المهام والتتبع المتزامن للعديد من المتغيرات وإدارة الأهداف المتعددة.
- التفكير السريع مما يجعل التحليل سريع والقرارات تتم وفق ذلك، حيث يقوم اللاعب بذلك كل ثانية تقريبا من اللعبة، مما يمنح الدماغ تمرينا حقيقيا، فإن الألعاب التي تحاكي الأحداث المجهدة مثل تلك الموجودة في ألعاب القتال والتى يمكن أن تكون أداة تدريب لمواقف العالم الحقيقي، وأن ألعاب الفيديو التي تعمل بشكل فعلي تعد الدماغ في اتخاذ قرارات سريعة، ويمكن استخدام ألعاب الفيديو لتدريب الجنود والجراحين والأهم من ذلك أن القرارات التي يتخذها لاعبو ألعاب الفيديو المليئة بالحركة ليست أقل دقة.
- التدرب على الدقة حيث تعمل ألعاب الحركة على تدريب دماغ اللاعب على اتخاذ قرارات أسرع دون فقدان الدقة، ففي عالم اليوم من المهم التحرك بسرعة دون التضحية بالدقة.
- تعلم الاستراتيجية والترقب للتعامل مع المشاكل الفورية مع الحفاظ على ألاهداف على المدى الطويل.
- التدرب على الوعي بالوضع حيث تتضمن ألعاب فيديو التدريب لتحسين الوعى بالوضع وبالمحيط، وتتطلب العديد من الألعاب الإستراتيجية أيضا من اللاعب أن يضع في اعتباره التغييرات الظرفية الظاهرة في اللعبة وأن يتكيف وفقا لذلك.
- تطوير مهارات القراءة والرياضيات حيث يقرأ اللاعب للحصول على التعليمات ومتابعة أحداث الألعاب والحصول على معلومات من نصوص اللعبة، ومن المهم استخدام مهارات الرياضيات للفوز في العديد من الألعاب التي تنطوي على التحليل الكمي مثل إدارة الموارد.
- التعود على المثابرة ففي المستويات الأعلى من اللعبة، عادة ما يفشل اللاعب في المرة الأولى لكنه يستمر في المحاولة حتى ينجح وينتقل إلى المستوى التالي.
- التفكير الاستقرائي واختبار الفرضيات حيث إن لعب لعبة فيديو يشبه العمل من خلال مشكلة علمية، ووضع بدائل الفرضيات ومتطلبات كل منها لاستخدامها في مثلا إلحاق الهزيمة بالعدو، وإذا لم ينجح البديل فإنه يغير الفرضية ويحاول إجراء الاختبار التالي.
- ألعاب الفيديو هي تجارب مستندة إلى الأهداف، وهي أساسية للتعلم، ومن العوالم المساعدة في تنمية الذاكرة حيث ان لعب ألالعاب تمكن اللاعب من الحكم بفعالية على المعلومات التي يجب تخزينها في ذاكرته العاملة وما يمكن استبعاده بالنظر إلى المهمة الحالية.
- تطوير ملكة التركيز وتحسين القدرة على التعرف السريع والدقيق على المعلومات البصرية، وأن الأشخاص الذين يمارسون ألعاب الفيديو على أساس منتظم يكونون أفضل في تسجيل البيانات المرئية وبالتالي فهم متعلمون بصريون أسرع.
- القدرة على إصدار الأحكام المنطقية وأخذ وتحمل المخاطر وكيفية الاستجابة للتحديات وكيفية الاستجابة للإحباطات، وكذلك كيفية استكشاف وإعادة التفكير في الأهداف.
- التعود على العمل الجماعي والتعاون عندما يلعب مع الآخرين، فالعديد من الألعاب متعددة اللاعبين تتطلب التعاون مع لاعبين آخرين في نفس المكان او عبر الإنترنت من أجل الفوز، مما تشجع هذه الألعاب اللاعبين على الاستفادة القصوى من مهاراتهم الفردية للمساهمة في الفريق.
- العمل باسلوب الإدارة حيث تقوم ألعاب محاكاة الإدارة بتعليم اللاعب اتخاذ قرارات الإدارة وإدارة الاستخدام الفعال للموارد المحدودة، وكذلك تعلم المحاكاة يساعد على التمكن من مهارات العالم الحقيقي، فمثلا محاكاة الطيران والتى تحاول محاكاة حقيقة لتحليق طائرة، حيث يتم عرض جميع عناصر التحكم بما في ذلك السرعة الجوية وزوايا الجناح ومقياس الارتفاع وما إلى ذلك، بالإضافة إلى تمثيل مرئي للمحيط الخارجى، ويتم التحديث في الوقت الفعلي.
ثانيا: السلبيات
- تثير غضب اولياء الامور على أنها تهدر الوقت.
- بعض خبراء التعليم يعتقدون أن هذه الألعاب تفسد الدماغ.
- يلقي الإعلام وبعض الخبراء باللوم على ألعاب الفيديو العنيفة على أنها السبب في أن البعض يصبحون عنيفين أو يرتكبون سلوكا متطرفا مناهضا للمجتمع، اى ان معظم الآثار السيئة لألعاب الفيديو نتيجة للعنف الذي تحتويه، فمن المرجح أن الأطفال الذين يلعبون ألعاب فيديو أكثر عنفا يكون لديهم أفكارا ومشاعر وسلوكيات عدوانية متزايدة، كما تقلل من المساعدة الاجتماعية الإيجابية.
- يعتقد بعض الخبراء أن تأثير لعبة فيديو العنف في الأطفال يزداد سوءا بسبب الطبيعة التفاعلية للألعاب، ففي العديد من الألعاب يكافأ الأطفال لكونهم أكثر عنفا ويتم عمل العنف بشكل متكرر، فالطفل يتحكم في العنف ويواجه العنف في عينيه مثل القتل والركل والطعن وإطلاق النار، فهذه المشاركة النشطة والتكرار والمكافأة هي أدوات فعالة لسلوك التعلم، وفي الواقع يبدو أن العديد من الدراسات تشير إلى أن ألعاب الفيديو العنيفة قد تكون ذات صلة بالسلوك العدواني.
- إمكانية الادمان على ألعاب الفيديو حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية في يونيو 2018، ان إدمان الألعاب كاضطراب في الصحة العقلية، وتشير دراسة قام بها المعهد الوطني للإعلام والأسرة في “مينيابوليس بامريكا” إلى أن ألعاب الفيديو يمكن أن تسبب الإدمان للجميع وخاصة للأطفال، وأن إدمان الأطفال على ألعاب الفيديو يزيد من مستويات الاكتئاب والقلق لديهم، فالاطفال المدمنون تظهر عليهم مظاهر الرهب الاجتماعي، فليس من المستغرب أن يدمن الأطفال على ألعاب الفيديو.
- يكشف التصوير بالرنين المغناطيسي أن ألعاب الفيديو المسببة للإدمان يمكن أن يكون لها تأثير مماثل على أدمغة الأطفال كالمخدرات والكحول، ووجدت سلسلة من الدراسات التي أجرتها جامعة ولاية كاليفورنيا الامريكية أن الجزء الاندفاعي من الدماغ والمعروف باسم نظام اللوزة المخية كان أكثر حساسية وأصغر في اللاعبين المفرطين في اللعبة، ووفقا لدراسة اخرى فإن لاعبي اللعب الثقيل الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 15 عاما والذين لم يتم تطوير نظام التحكم الذاتي لديهم حتى الآن يمكن أن يكونوا أكثر عرضة للإصابة بأشكال أخرى من الإدمان ويمكن أن يكونوا أكثر ميلا إلى السلوكيات المندفعة والمحفوفة بالمخاطر في وقت لاحق من الحياة. (باذن الله سيكون هناك مقال حول ادمان ألعاب الفيديو).
- تشير دراسة أجريت عام 2017 من جامعة مونتريال الكندية إلى أن ممارسة ألعاب الفيديو قد تضر بالفعل بالمخ، فمعظم المشاركين في الدراسة يستخدمون بشكل رئيسي منطقة من الدماغ تسمى النواة المذنبة حيث يتنقل هؤلاء اللاعبون عبر تضاريس اللعبة باستخدام أدوات التنقل داخل النظام أو نظام تحديد المواقع العالمي على الشاشة معتمدين على “العادة” الملاحية بدلا من التعلم النشط، ويبدو أن هذا يسبب زيادة في كمية المادة الرمادية، وسبق أن تم ربط المادة الرمادية المخففة بزيادة مخاطر أمراض الدماغ، بما في ذلك الاكتئاب والفصام واضطراب ما بعد الصدمة ومرض الزهايمر، ولكن اللاعبين الذين يلعبون ألعابا تتطلب من اللاعبين التنقل باستخدام استراتيجيات مكانية زادت المادة الرمادية لديهم.
- لعب الكثير من ألعاب الفيديو يجعل الانسان معزولا اجتماعيا، وأيضا قد يقضي وقتا أقل في أنشطة أخرى مثل القيام بالواجبات المنزلية والمدرسية والقراءة والرياضة والتفاعل مع العائلة والأصدقاء.
- تعلم بعض ألعاب الفيديو الأطفال القيم الخاطئة، حيث يكافأ السلوك العنيف والانتقام والعدوان بينما عمليات التفاوض والحلول اللاعنفية الأخرى ليست خيارات في الغالب، ومن ناحية أخرى تشير دراسة جامعة “بوفالو” إلى أن العنف والسلوك السيئ في العالم الافتراضي قد يساهمان في سلوك أفضل في العالم الحقيقي، فقد يشعر اللاعبون الذين يمارسون الألعاب العنيفة بالذنب تجاه سلوكهم في العالم الافتراضي، وقد يجعلهم ذلك أكثر حساسية تجاه القضايا الأخلاقية التي ينتهكونها أثناء اللعب، والعكس صحيح.
- يمكن للألعاب الخلط بين الواقع والخيال مما ينتج عنه العديد من المشاكل وخاصة لدى الاطفال.
- قد يكون الإنجاز التعليمى مرتبطا بشكل سلبي بالوقت الإجمالي الذي يتم قضائه في ممارسة ألعاب الفيديو، وقد أظهرت الدراسات أنه كلما زاد الوقت الذي يتم قضائه في لعب ألعاب الفيديو كان ذلك أفقر في الاداء المدرسى، حيث وجدت دراسة أجرت في علم النفس المهني في جامعة “أرجوسي” أن مدمني ألعاب الفيديو يجادلون كثيرا بمعلميهم، ويتشاجرون كثيرا مع أصدقائهم ويسجلون درجات أقل من غيرهم ممن يلعبون ألعاب الفيديو غير العنيفة، وتشير دراسات أخرى إلى أن العديد من لاعبي الألعاب يتخفون بشكل روتيني عن واجباتهم المدرسية للعب الألعاب، واعترف العديد من الطلاب بأن عادات ألعاب الفيديو الخاصة بهم غالبا ما تكون مسؤولة عن درجات المدرسة الضعيفة.
- في دورية حوليات الطب النفسي العام تم استنتاج أن المراهقين الذين يلعبون أكثر من ساعة واحدة من ألعاب الفيديو بدون انترنت أو على الإنترنت قد يعانون من أعراض شديدة أو أكثر من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو عدم الانتباه مقارنة بأولئك الذين يفعلون ذلك، وقد يؤدي هذا التأثير السلبي إلى مشاكل في المدرسة.
- قد يكون لألعاب الفيديو آثار سيئة على صحة بعض الأطفال، بما في ذلك السمنة والمضبوطات الناجمة عن الفيديو، واضطرابات الوضعية والعضلات والهيكل العظمي، مثل التهاب الأوتار وضغط الأعصاب ومتلازمة النفق الرسغي
- عند اللعب على الإنترنت يمكن للطفل أن يلتقط لغة وسلوكا سيئا من أشخاص آخرين، وقد يجعل الطفل عرضة للأخطار عبر الإنترنت.
- قد يقضي الأطفال الذين يقضون وقتا طويلا في لعب ألعاب الفيديو سلوكا اندفاعيا ولديهم مشكلات في الانتباه، وهذا وفقا لدراسة نشرت في عدد فبراير 2012 من مجلة علم النفس والثقافة الإعلامية الشعبية، فبالنسبة للدراسة تم تعريف مشاكل الانتباه على أنها صعوبة في التفاعل أو الحفاظ على السلوك للوصول إلى الهدف.
ختاما ان الامر لا يكون فقط بالسماح للأطفال باللعب وفقا لما سبق من المعرفة بالايجابيات والسلبيات، وبالتالى فان ما يحتاجه الأطفال بإنهم بحاجة إلى وقت لأحلام اليقظة والتعامل مع القلق ومعالجة أفكارهم ومشاركتها مع أولياء الأمور الذين يمكنهم تقديم الطمأنينة والنصيحة والتوجيه.
اترك تعليقاً