عقد مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الخميس، جلسة خاصة حول آخر تطورات الأوضاع في ليبيا.
وقدمت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز، إحاطة أمام المجلس حول مستجدات الأوضاع في ليبيا.
وفيما يلي النص الكامل للإحاطة:
السيدة الرئيسة، السفيرة كينغ (سانت فنسنت وجزر غرينادين)،
أصحاب السعادة،
منذ أن قدّم الأمين العام إحاطته في 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أثناء الاجتماع رفيع المستوى بشأن ليبيا، أحرزنا تقدماً كبيراً في سعينا نحو السلام والاستقرار في ليبيا. فبعد سنوات عديدة من الاضطهاد والانقسام والفوضى والبؤس والنزاع، تتوحد صفوف الليبيين من أجل ليبيا، من أجل أبنائهم وأحفادهم، لصياغة رؤية ليبية للمضي قدماً تمكّن من المحافظة على وحدة البلاد وتأكيد سيادتها.
ومع استمرار الهدنة الفعلية على الأرض، يسّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بدعم منكم ومن مجموعة برلين، حواراً مفتوحاً يرمي إلى بناء الاستقرار وتحقيق الأمن والوحدة الوطنية بين الأطراف الليبية. وأسفرت هذه الجهود أولاً عن توقيع اتفاق وقف إطلاق نار دائم في جميع أنحاء البلاد وذلك في جنيف في 23 تشرين الأول/ أكتوبر ليبدأ سريانه على الفور. وهناك، وضع الضباط العشرة الذين يشكلون اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) خلافاتهم جانباً واستجابوا، مدفوعين بروحهم الوطنية، لدعوة الأمين العام لوقف إطلاق النار على الصعيد العالمي. وينص هذا الاتفاق التاريخي على انسحاب جميع الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلحة من خطوط المواجهة؛ وخروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من كامل الأراضي الليبية خلال 90 يوماً. وفي إثبات آخر لعزم الليبيين، أعقب هذا القرار جولتان متتاليتان من المناقشات عُقدتا على الأراضي الليبية للإسراع في تفعيل الاتفاق.
وفي مدينة غدامس بجنوب ليبيا، وفي الفترة من 2 إلى 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، انضممت إلى كلا الوفدين وهما يضعان بنود آلية مراقبة وقف إطلاق النار التي تقودها ليبيا وتدعمها الأمم المتحدة والتي سيتم تطبيقها بدايةً في منطقة تمتد من سوكنه إلى أبو قرين وبن جواد وسط ليبيا. وفي سرت، وفي الفترة من 10 إلى 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، أنشأت اللجنة مقرها الدائم في مركز واغادوغو للمؤتمرات. وقرر المشاركون إعادة فتح الطريق الساحلي بين مصراتة وسرت يدعمه نشر قوة أمنية مشتركة فضلاً عن انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من المنطقة.
ويطيب لي أن أبلغكم بأنه تم إحراز تقدم ملموس كجزء من حزمة تدابير بناء الثقة المتفق عليها في جنيف حيث استؤنفت الرحلات الجوية بين بنغازي وطرابلس وكذلك إلى سبها وغات وأوباري، وآمل أن أشهد إعادة انطلاق رحلات الطيران إلى غدامس قريباً. ويتواصل تبادل المحتجزين بتيسير من مجلس الحكماء وبدعم من اللجنة العسكرية المشتركة، فيما يعد الانخفاض الحاد في عدد الضحايا المدنيين مقارنة بالربع الثاني من عام 2020 اشعار أخر قوي بأنه عندما تصمت البنادق، تُنقذ أرواح المدنيين.
وعقب وضع ترتيبات لإخراج القوات الأجنبية من المنشآت النفطية، رفعت المؤسسة الوطنية للنفط تدريجياً القوة القاهرة عن المنشآت النفطية، منهيةً بذلك وبشكل فعلي الإغلاق النفطي الذي فُرض على البلاد لأكثر من تسعة أشهر. وعاد إنتاج النفط الآن إلى مستويات ما قبل الحصار عند 1.2 مليون برميل في اليوم. إن إحراز تقدم في إنشاء هيئة اقتصادية شفافة لإدارة عائدات النفط من شأنه أن يساعد في دعم هذا التطور الإيجابي للغاية. وقد أدى استئناف إنتاج النفط، بالإضافة إلى وقف إطلاق النار، إلى تهيئة الظروف اللازمة لمعالجة القضايا الأمنية الأساسية. فقد حضرت في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر اجتماعاً في البريقة مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط وقادة حرس المنشآت النفطية في الشرق والغرب لمناقشة توحيد وإعادة هيكلة قوة حرس المنشآت النفطية.
وفي إشارة أخرى إلى التقدم المحرز، أعلن مجلس أمناء الهيئة الليبية للاستثمار في 13 تشرين الأول/ أكتوبر أنه سيجري أول مراجعة شاملة منذ إنشاء الهيئة في عام 2008. وإلى جانب المراجعة المالية الجارية لفرعي مصرف ليبيا المركزي، فإن هاتين المراجعتين المتزامنتين من شأنهما أن ترفعا مستوى الشفافية بشكل كبير في كيفية إدارة الأموال العامة.
السيدة الرئيسة، أصحاب السعادة،
إن المستوى العالي من المهنية والمسؤولية اللتين أبدتهما اللجنة العسكرية المشتركة والتقدم المحرز على المسار الأمني مهد الطريق لاستئناف العملية السياسية.
ففي الأسبوع المنصرم، وابتداءً من 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، عقدتُ وبشكل رسمي الجلسة الأولى وبالحضور الشخصي لملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس بالاستناد إلى خلاصات مؤتمر برلين التي أقرها مجلس الأمن في قراره المرقم 2510 لسنة 2020. وفي إطار الاستعداد لهذا الملتقى، أجريتُ سلسلة من المشاورات عبر الاتصال المرئي مع مجموعات كبيرة من عمداء البلديات والنساء والشباب الليبيين بغية الاستماع إلى توصياتهم وأولوياتهم لتستنير بها مناقشات ملتقى الحوار السياسي الليبي. وأود أن أكرر الإعراب عن امتناني الشخصي وامتنان المنظمة للرئاسة التونسية للاستضافة الكريمة لهذه الجولة الأولى من المحادثات السياسية الليبية – الليبية.
ومن بين المشاركين الخمس والسبعين الذين يمثلون الفئات الجغرافية والاجتماعية والسياسية الليبية الرئيسية، انتخب مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة 26 ممثلاً عن كل منهما، بالإضافة إلى 49 شخصاً – بينهم 16 امرأة – اختارتهم البعثة. ويسعدني أن أبلغكم أن المناقشات جرت في جو بنّاء وبروح جماعية وأود هنا أن أثني على المشاركين على حسن نيتهم ومثابرتهم.
واختتم الحوار في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر باعتماد الملتقى خارطة طريق سياسية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تقرر إجراؤها في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021، والذي يتزامن مع الذكرى الـ 70 لاستقلال ليبيا. وتعد الوثيقة التي تم الاتفاق عليها، والمعنونة “المرحلة التمهيدية للحل الشامل” مكملةً للاتفاق السياسي الليبي وهي تحدد المبادئ والأهداف العامة التي تسترشد بها الفترة الانتقالية في ظل المؤسسات التي سوف تتم إعادة تشكيلها وتوحيدها وكذلك الأطر الزمنية الرئيسية اللازمة لمجلس النواب للمصادقة على سلطة تنفيذية جديدة، وتحديد المحطات الرئيسية للترتيبات الدستورية والانتخابات.
ومع تحديد موعد الانتخابات في غضون 12 شهراً تقريباً، تحدد خارطة الطريق مواعيد نهائية واضحة يجب على المؤسسات ذات الصلة أن تتخذ بموجبها إجراءات بشأن التعيين في المناصب السيادية، والمصادقة على السلطة التنفيذية الجديدة. وفي حالة الإخفاق في ذلك، سوف يجتمع ملتقى الحوار السياسي الليبي مرة أخرى ويتخذ القرارات اللازمة، تماشياً مع خلاصات برلين والقرار 2510. كما تم تفويض ملتقى الحوار السياسي الليبي بالاجتماع بانتظام لمراقبة تنفيذ خارطة الطريق من أجل ضمان الإنجاز في المواعيد اللازمة لإجراء الانتخابات. وتم وضع هذه الآليات للحيلولة دون وجود فترة انتقالية جديدة مفتوحة وكضمان لمطلب الغالبية العظمى من الشعب الليبي في إجراء انتخابات الوطنية.
وتم أيضاً تضمين خارطة الطريق مبادئ حقوق الإنسان الرئيسية التي برزت أثناء المشاورات مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، بينها ناشطات في مجال حقوق المرأة، الأمر الذي يعد بمثابة تعزيز عملية تتمحور حول الحقوق.
وتوافقت اراء المشاركين في الملتقى أيضاً على اختصاصات السلطة التنفيذية الجديدة ومعايير الترشح للمناصب التنفيذية. ومن الجدير بالذكر أن المشاركين اتفقوا على إصلاح صلاحيات واختصاصاتالمجلس الرئاسي واستحداث منصب منفصل لرئيس الوزراء. وستكون حكومة الوحدة الوطنية بقيادة رئيس للوزراء ونائبين وستكون مهمتها الرئيسية قيادة الفترة الانتقالية نحو الانتخابات وإعادة توحيد مؤسسات الدولة وتوفير الأمن والخدمات الأساسية للسكان حتى إجراء الانتخابات.
أنا ممتنة بشكل خاص للمشاركات اللواتي كان دورهن حاسماً في ملتقى الحوار السياسي الليبي وأسهمن إسهاماً هاماً في رأب الصدع. وأصدرت المشاركات بياناً حددن فيه سلسلة من المبادئ والتوصيات التي تهدف الى تعزيز مشاركة المرأة في العملية السياسية والحكم. ودعون إلى تحقيق تمثيل أفضل للمرأة في الحياة السياسية، كما دعون الدولة إلى الوفاء بالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق المرأة وحمايتها. وقد عكست خارطة الطريق مطلب النساء الليبيات بأن تشكل المرأة ما لا يقل عن 30 في المائة من المناصب القيادية في السلطة التنفيذية التي سيتم إصلاحها.
وفي الأسبوع المقبل، سوف أدعو الملتقى للاجتماع من جديد لمواصلة المحادثات حول طرق اختيار المرشحين للمناصب التنفيذية.
السيدة الرئيسة،
أصحاب السعادة،
لقد أوضح الليبيون جلياً أن تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هو مطلبهم ويجب أن يكون هدفاً مشتركاً. وقد أكد رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، الدكتور عماد السايح، أن هذه المؤسسة السيادية لديها القدرة الفنية على إجراء الانتخابات في بيئة سياسية وأمنية مواتية وإطار تشريعي عملي وميزانية كافية يتم توفيرها في الوقت الملائم. ومما يبعث على التشجيع إعلان رئيس الوزراء، السيد فايز السراج، في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر بأن الحكومة ستقوم بتخصيص الأموال والموارد للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات. وأنا واثقة من أن هذا البيان سوف يُترجم على الفور الى واقع ملموس، وأرى كذلك أنه إلى جانب اتفاق الملتقى على إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021 والعمل المتميز الذي تقوده اللجنة العسكرية المشتركة بشأن الترتيبات الأمنية، فإن البيئة الآن أكثر ملاءمة لإجراء انتخابات شاملة وذات مصداقية.
ويسعدني أيضاً أن أحيي اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية لتمكنها من مواصلة اجراء انتخابات في خمس بلديات أخرى بما في ذلك مدينة مصراتة، والتي تعد ثالث أكبر مدينة ليبية. وأتوجه بالتهنئة الى اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية لنجاحها في إجراء انتخابات ذات مصداقية مع اتباع جميع التدابير الاحترازية اللازمة في ظل استمرار تفشي الوباء ورغم الظروف الصعبة في بيئة تعاني من أوضاع ما بعد الحرب.
السيدة الرئيسة، أصحاب السعادة،
بالتأكيد لا يزال هناك المزيد من العمل يتعين القيام به، بيد إن الليبيين قاموا بما ينبغي عليهم عمله، ونحن مدينون لهم بأن نقوم بدورنا وذلك من خلال الاحترام والدعم الكامل لهذه الاتفاقات الليبية – الليبية التي تم التوصل إليها بموجب قرار مجلس الأمن 2510 لسنة 2020 وخلاصات مؤتمر برلين. ويشمل ذلك أيضاً احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبية والتنفيذ التام لحظر التسليح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.
ولدى هذا المجلس أدوات تحت تصرفه بما في ذلك أدوات تمنع المعرقلين من تعريض هذه الفرصة النادرة لاستعادة السلام في ليبيا للخطر، وانا أدعوكم لاستخدامها.
السيدة الرئيسة،
أصحاب السعادة،
اسمحوا لي أن أكرر أن الوضع لا يزال هشاً؛ وليس هناك وقت للتهاون.
فبينما تسعى اللجنة العسكرية المشتركة إلى تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار، لم يبدأ الجانبان بعد في سحب قواتهما. فلا تزال قوات حكومة الوفاق الوطني متمركزة في أبو قرين والوشكة، مع ورود أنباء عن تسيير دوريات. وتم رصد رحلات شحن عسكرية في مطاري الوطية ومصراتة، فيما واصلت القوات المسلحة العربية الليبية والمتعاونين معها إقامة تحصينات ونقاط عسكرية مزودة بأنظمة دفاع جوي بين سرت والجفرة وفي المنطقة الشمالية من قاعدة الجفرة الجوية. وتم رصد نشاط مكثف لطائرات شحن بين مطار بنينة والجفرة وقاعدة القرضابية الجوية.
على الصعيد الاقتصادي، لا يزال التفاوض للتوصل الى إنشاء هيئة اقتصادية دائمة تضمن التوزيع الشفاف لعائدات النفط يعتمد على التقدم المحرز في المسار السياسي. وبموجب ترتيبات استئناف إنتاج النفط، تتحفظ المؤسسة الوطنية للنفط على عائدات النفط حتى يتم التوصل إلى اتفاق. وفيما وضع الحوار الاقتصادي الليبي خيارات تتعلق بالسياسة العامة لتحسين إدارة الثروات، فإن التفاوض على مثل هذه الهيئة لا يزال يمثل تحدياً نظراً للاستقطاب بين النظامين التنفيذيين.
السيدة الرئيسة،
أصحاب السعادة،
إن مقتل السيدة حنان البرعصي، وهي محامية ومن أشد منتقدي الفساد وإساءة استخدام السلطة وانتهاكات حقوق الإنسان، من المفترض أن يؤدي بجميع الليبيين إلى وضع خلافاتهم جانباً والتوصل سريعاً إلى حل شامل للأزمة التي طال أمدها لاستعادة العدالة والمساءلة وإنهاء المناخ السائد للإفلات من العقاب. إن وحشية مقتلها تبين بجلاء التهديدات والمخاطر الشخصية التي تواجهها المرأة الليبية بسبب المجاهرة بصوتها.
ولا يزال العديد من الأشخاص محتجزين بشكل تعسفي في ليبيا، دون أن تكون هناك أنظمة قضائية للطعن في الأساس الذي يستند إليه احتجازهم. فضلاً عن ذلك، وكما تناهى إلى مسامع هذا المجلس من قبل، فإن مرافق الاحتجاز غير القانونية التي تديرها المجموعات المسلحة هي جزء من اقتصاد الحرب، إذ تستخدم التعذيب والابتزاز والاغتصاب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان كأدوات للسيطرة. وأجدد مرة أخرى الدعوة إلى تحديد جميع هذه المرافق غير القانونية وإغلاقها.
وتظل الاحتياجات الإنسانية، التي تتفاقم بفعل التأثير المتزايد لجائحة كوفيد-19، قائمةً على المدى القريب ريثما يتم تجسيد الاتفاقات على الأرض ويتعافى الاقتصاد. وتشير التقديرات إلى أنه في بداية عام 2021، سيكون هناك 1.3 مليون شخص في حاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وذلك بزيادة قدرها 40 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وعقب وقف الأعمال العدائية، انخفض عدد النازحين في ليبيا من 426000 شخص في حزيران/يونيو إلى 392000 شخص، إلا أن عودتهم إلى ديارهم كانت بطيئة حيث لا تزال الخدمات الأساسية معدومة. وستظل المخاطر التي تشكلها الفخاخ المتفجرة، بما في ذلك العبوات الناسفة والألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات، تقف حائلاً أمام العودة الآمنة والكريمة لهؤلاء إلى أن تتم إزالة جميع الألغام من المناطق الملوثة بها.
وفي هذا العام، تعرض أكثر من 11000 مهاجر ولاجئ كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا إلى الاعتراض في البحر وتم اعادتهم إلى ليبيا، التي وبموجب مختلف التصنيفات لا تعتبر مكاناً آمناً للعودة. وهذه الأرقام بالفعل تتجاوز بكثير العدد الإجمالي المسجل لعام 2019. لقد دفع المئات أغلى الأثمان، حيث غرق أكثر من 900 مهاجر ولاجئ، أو عدّوا من الغرقى، في البحر الأبيض المتوسط في عام 2020. وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر، أودى تحطم ثلاثة قوارب في يوم واحد بحياة أكثر من 100 شخص.
ويواجه المهاجرون واللاجئون الباقون في ليبيا تزايداً ملموساً في المخاطر الجسيمة التي تهدد حمايتهم ناهيك عن انتهاكات حقوقهم الإنسانية. ففي 10 تشرين الثاني/نوفمبر، قُتل طالب لجوء إريتري يبلغ من العمر 15 عاماً، وأصيب اثنان آخران بجروح عندما اقتحم مسلحون أماكن إقامتهم وبدأوا بإطلاق النيران. وكان الضحية الشاب ينتظر إعادة توطينه في بلد آخر خارج ليبيا. ويأتي هذا في أعقاب حوادث أخرى وقعت هذا العام قُتل أو أصيب فيها مهاجرون ولاجئون؛ فيما تم احتجاز كثيرين آخرين بصورة تعسفية. ولغاية 8 تشرين الثاني/نوفمبر، سُجل أكثر من 2000 مهاجر ولاجئ في مراكز الاحتجاز الرسمية في ليبيا.
ويستمر ارتفاع عدد الإصابات والوفيات بسبب جائحة “كوفيد-19” في ليبيا شهرياً. فحتى 15 تشرين الثاني/نوفمبر، كان هناك 74324 حالة مؤكدة و1025 حالة وفاة. وشهد الأسبوعان الأولان من شهر تشرين الثاني/نوفمبر زيادة بنسبة 22 في المائة في عدد حالات الإصابة بـ “كوفيد-19″، حيث شهدت أكبر مدن ليبيا – طرابلس ومصراتة وبنغازي – العدد الأكبر من الزيادات. ومع محدودية القدرة على إجراء الاختبارات وضعف ترصد الوفيات، فإن هذه الأرقام تشكل جزءاً ضئيلاً مما يرجح خبراء الصحة في أنه الحجم الحقيقي للمشكلة.
وفي الوقت الذي نحتاج فيه إلى تركيز الجهود على مكافحة هذا الوباء، فإن استمرار إغلاق مرافق الرعاية الصحية الأولية بسبب نقص العاملين في مجال الرعاية الصحية وانقطاع التيار الكهربائي ونقص معدات الحماية الشخصية لا يؤثر على القدرة على مكافحة الفيروس بفعالية فحسب، بل يؤثر أيضاً على استمرار حصول الناس على الخدمات الصحية الأساسية الأخرى.
وبالمثل، أظهر تقييم حديث للقاحات في ليبيا أن إمدادات اللقاحات لأمراض الطفولة الشائعة سوف تنفد بحلول نهاية هذا العام إذا لم تُتخذ تدابير فورية لشراء وتوزيع إمدادات إضافية. وستكون هذه هي المرة الثانية التي ينفد فيها مخزون اللقاحات في ليبيا في عام 2020. وهذا يعني أن العديد من الأطفال قد فاتتهم أو قد تفوتهم جرعات اللقاح المقررة، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.
إن الأمم المتحدة وشركاءنا في طليعة الداعمين للسلطات الوطنية في تصديها لـ كوفيد-19، بما في ذلك من خلال توفير الإمدادات الصحية ومعدات الحماية الشخصية، فضلاً عن بناء قدرات العاملين في المجال الصحي. كما نقدم الدعم أيضاً من أجل التخفيف من معاناة الأشخاص الأكثر تضرراً والمحتاجين للمساعدة بسبب النزاع طويل الأمد والآثار الاجتماعية-الاقتصادية التي تخلفها جائحة “كوفيد-19″، حيث تم إيصال المساعدات الإنسانية إلى ما يفوق 309000 شخصاً هذا العام.
السيدة الرئيسة،
أصحاب السعادة،
يحدوني التفاؤل بشأن الطريق إلى الأمام في ليبيا، ومع ذلك، فإنني أعي تماماً التحديات العديدة التي تنتظرنا. عشر سنوات من الحرب لا يمكن حلها في أسبوع واحد من المحادثات السياسية، لكن ما نسمعه الآن أكثر هو لغة السلام بدلاً من لغة الحرب. فمن أجل ليبيا، اجتمع خمسة وسبعون ليبياً في تونس الأسبوع الماضي في مجهود تحدوه حسن النية لبدء عملية تضميد جراحات أمتهم. فقد جلسوا، وتحدثوا وكما يقولون في ليبيا (قعمز وهدرز)، ومدوا أيديهم، بل وقلوبهم، لبعضهم البعض. لقد شهدتُ في الأشهر القليلة الماضية إمكانية حدوث نقلة نوعية في كيفية رؤية العسكريين والسياسيين والقادة الليبيين لدورهم في رسم مسار مستقبل البلاد من مسار يتسم بتقاسم السلطة المبني على المصالح المتبادلة قائم على تقسيم الثروات بين القلة المحظوظة، إلى رؤية تتسم بتقاسم المسؤولية من أجل إنقاذ البلاد من المزيد من الدمار. إن المسؤولية المشتركة، التي تغذيها الوطنية وحب الوطن، هي وحدها التي يمكن أن تؤدي إلى الأمن والازدهار اللذين يتوق إليهما الكثير من الليبيين. الليبيون يستحقون إن لم يكن الدعم، فعلى الأقل وقف تدخل الجهات الدولية الفاعلة الرئيسية، خاصة وهم يسعون إلى صياغة مستقبل سياسي سيادي لأجيال الليبية المستقبلية.
شكراً لكم
اترك تعليقاً