كيف ‘تعيش’ الأسود والنّمور والدّببة والضّباع في ‘حدائق الرّعب’ في أغنى البلدان ومهد الإسلام؟
باريس – من حبيب طرابلسي
أسد بلا أنياب وقرد كئيب وضبع في سجن انفرادي يتضوّرون جوعا ويترقّبون الموت ليُحرّرهم من جحيم حديقة “أبو جرّاح” التابعة لمنتزه “الفانتزي لاند” أشهر حدائق الحيوانات في السعودية إحدى أغنى بلدان العالم ومهد الإسلام الذي يدعو إلى احترام جميع الكائنات الحيُة والتّعامل معها بلُطف.
إنه “المشهد المرعب” الذي يتجلّى من تقرير مصوّر لقناة “فرانس 24″ عن هذا المنتجع والذي وصفته بـ”متحف للأهوال” وقارنه أحد القُرّاء بمعتقل “غوانتانامو” الأميركي سيئ الصّيت.
منذ سنة، بثّت صحيفة الرياض شبه الرسمية تقريرا ورديّا عن “العُروض المُميّزة للدّلافين في حديقة ‘أبو جراح’ وما حوتها من أسود ونُمور وكلاب وغيرها من الحيوانات المفترسة والتي تستقطب أكثر من 15 ألف زائر وزائرة في فعاليات مهرجان صيف ‘الفانتزي لاند’ الذي تُنظمه الغرفة التجارية الصناعية بالتعاون مع عدة جهات حكومية وقطاعات خاصة”.
ولم تذكر الصحيفة شيئا عن “مآسي الحيوانات هزيلة الجسم والمريضة التي فقدت أسنانها ويسكنها القمل وترقد فوق فضلاتها في أقفاص بالكاد يتجاوز حجمها حجم خزانة مكانس”. لم تتحدّث عن “القرد الذي سكن عينيه الحزن وهو مشدود بحبل طوله عشرة سنتمترات إلى قضبان قفصه” ولا عن “الضّباع التي تحوم داخل قفصها الضّيّق ولا يُسمح لها بالخروج مما يجعلها تصاب بحالة من الجنون”.
انتشر التحقيق كالنّار في الهشيم في المواقع الإلكترونية وسط صمت رسمي مطبق في بلد لا تتوفر على تشريعات خاصة تعاقب سوء معاملة الحيوانات. وجاءت التّعليقات مفعمة بالمرارة والسّخرية.
تساءل أحدهم قائلا “اذا كان وضعنا نحن البشر مأساويا، فما بالك بالحيوان؟” وأضاف مخاطبا القرد “كلنا في الهوى سوى، فلا تحزن يا قرد!”.
وقال آخر “الله يكون في عون الحيوانات، كل حدائق الحيوان في السعودية أسوء من هذه بكثير”.
ونبّهه ثالث بالقول “وهل هذه حدائق حيوان؟ بل إنها مقابر حيوانات” وأضاف “من الأفضل لهذه الحيوانات أن تنتحر للخلاص من العيشة في هذه الحدائق البائسة”.
واستغاث رابع بـ”بريجيت باردو” الممثلة الفرنسية الشهيرة ونجمة الإغراء السّابقة التي اعتزلت السينما فى قمة مجدها وكرّست جهودها للدفاع عن حقوق الحيوان.
لكن هناك من قال “المواطن هنا لا يجد شقّة تستره وتريدون تأمين مآوي للحيوانات؟ غريب أمر الغرب: يشيلون همّ أسد الحديقة ويتركون أسد دمشق يعيث فسادا في الأرض ويستبيح دماء شعب بأكمله!”.
وجاء التصريح عقب نشر مدوّن على الإنترنيت عريضة تطالب بإغلاق حديقة “أبو جرّاح” وإلى “معاملة الحيوانات بطريقة إنسانية”.
وطالب المدوّن، الذي أطلق على نفسه اسم “أبو هُريرة”، الجميع بـ”إمضاء العريضة وتعميمها داخل المملكة وخارجها، لأننا بحاجة الى الدّعم الدّولي لحقوق الحيوان وضدّ الانتهاك الصّارخ للقوانين في المملكة العربية السعودية”.
قبلها ببضعة أشهر، برزت مجموعة من نشطاء حقوق الحيوان من خلال مواقع التّواصل الاجتماعي، تدعو إلى “الرحمة بالحيوان والتعريف بحقوقه وإعادة الاعتبار له والتركيز على الواجب الديني والاجتماعي نحوه”.
وأطلقت المجموعة حملة سمّتها “ارحمني” قالت أن من بين أهدافها “السّعي لتأسيس جمعية معترف بها”. ونشرت المجموعة تقارير عن “وضع الحيوانات السّيئ جدا” في بعض الحدائق في السعودية.
وحصل القطّ على نصيب الأسد… حيث أن المجموعة تسعى كذلك إلى “ايجاد حل لمشكلة القطط الضّالة”. وتقوم حاليا بعرض صور ومعلومات عن “قطط للتبنّي”.
اترك تعليقاً