أردوغان: مجلس الأمن بحاجة للإصلاح والنبي محمد خط أحمر

أردوغان
أردوغان

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن السياسي الناجح يجب أن يحدّث حياته بشكل مستمر، وبناءً عليه فإنه يجب إصلاح مجلس الأمن الدولي، مشيرًا إلى وجود 196 دولة في الأمم المتحدة، غير راضية عن حال مجلس الأمن في الوضع الراهن، وجميعها يصرّح بذلك، ولكن عند التطبيق تكون دائمًا كلمة الفصل للإمبريالية والقوى المهيمنة.

جاءت تصريحات أردوغان في كلمة ألقاها في مؤتمر اتحاد برلمانات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الذي استضافه البرلمان التركي، في إسطنبول، الأربعاء.

ولفت أردوغان إلى وجود 56 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي، ورغم ذلك كلمة المنظمة غير مسموعة في مجلس الأمن، مبينًا أن ثلث مجلس الأمن تمثله دول إسلامية، متسائلًا: “ألن نقدم على أي خطوة في هذا الاتجاه؟”.

وأضاف الرئيس التركي أن هناك عمليات خطيرة تجري في العالم الإسلامي، و”المسلمون يذبح بعضهم بعضًا ويتناحرون فيما بينهم، وعند النظر إلى الدم النازف نجد أن القاتل والمقتول من المسلمين، وهذا يعني أننا نبتعد عن قيمنا، والأصل أن نضع جميع خلافاتنا جانبًا”، مشددًا على “ضرورة تفعيل العقل المشترك وأدوات الحلول المشتركة”.

وأشاد أردوغان بالتوافق الذي تشكلت على أساسه منظمة التعاون الإسلامي، واتحاد برلمانات الدول الأعضاء فيها، واصفًا إياه بأنه “ذو مغزى وقيمة”.

وقال إن المشاورات التي تجريها الدول الإسلامية وممثلو العالم الإسلامي في محفل واسع، وإجراءهم لقاءً على أرضية واسعة، يمثل فرصة نادرة في الوقت الحاضر والمستقبل، مشددًا على ضرورة اغتنامها.

سوريا والعراق وفلسطين

وأوضح الرئيس التركي، أن النظر من زاوية المصالح، والزاوية الحزبية أدى إلى مقتل 350 ألف إنسان سوري، وتهجير أكثر من سبعة ملايين آخرين، ومقتل العشرات يوميًا من المدنيين بينهم أطفال ونساء، ولا يعدّ النظر من هذه الزاوية عملًا إنسانيًا أو يمت للإسلام أو للضمير بصلة.

كما لفت أردوغان في هذا الإطار إلى أن بلاده تستضيف نحو مليون و700 ألف لاجئ سوري، وأنها أنفقت 5.5 مليار دولار أمريكي، مساعدات وخدمات لهم، في حين وقف العالم متفرجًا حيال ذلك، ولم يقدم أي مساعدات في هذا الإطار، مشيرًا إلى أن إجمالي عدد اللاجئين السوريين الموجودين في كل دول أوروبا لا يتجاوز 130 ألف لاجئ، في الوقت الذي يوجد فيه أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ في لبنان، ونحو مليون آخرين في الأردن.

وأشار الرئيس التركي إلى أن أفغانستان ومصر وليبيا تعيش الظروف ذاتها، مشددًا على ضرورة التفكير سويًا لإنهاء المعاناة فيها ومواجهة الصراعات والإرهاب، والفقر، والتمييز، والتفرقة.

وتساءل أردوغان مخاطبًا العالم: “هل مجرد الشعور بالألم إزاء قتل الأطفال الفلسطينيين، يعفينا من تحمل المسؤولية؟ وهل وخز الضمير إزاء مقتل آلاف السوريين، وهجرة الملايين، والموت تجمدًا من البرد في المخيمات، يعفينا من المسؤولية؟ وهل قتل الإخوة العراقيين لبعضهم، والقتل في المساجد، وفي الأضرحة، يعفينا من الحساب؟”.

شارلي إيبدو

وتطرق أردوغان إلى الرسوم الكاريكاتورية، التي نشرتها صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة، التي تمثل شخص الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، قائلًا: “إن حرية التعبير، لا تعني فعل كل شيء، وكتابة كل شيء، ورسم كل شيء دون ضوابط، حرية التعبير لا تمنح أحدًا الحق بالتطاول على القيم المقدّسة.

إن الذين يختبئون وراء حرية التعبير، ويرسمون رسومًا كاريكاتورية بحق نبيّ الإسلام، عليهم أن يروا ما الذي فعلوه، وكيف تسببوا بالألم للبعض، وكيف أوقدوا فتيل التحريض.

في الواقع، إن الذين يحرصون على توخي الدّقة في تصرفاتهم، لكي لا يتسببون بأي أذى لليهود أو خوفًا من أن يلصق بهم وصف معاداة السامية، عليهم أن يتوخوا الدّقة، وأن يتصرفوا بذات الطريقة المسؤولة تجاه النبي محمد والمسلمين، لأن النبي محمد هو الخط الأحمر لجميع المسلمين”.

وتابع أردوغان: “إذا كانوا يعدّون رسامي الكاريكاتير وحدهم ضحايا للإرهاب، فسأسوق لهم إذًا هذا المثال، ناجي العلي، هو الشخص الذي رسم شخصية حنظلة الكاريكاتيرية، ناجي العلي، طُرِدَ من بلده فلسطين، وعاش في مخيمات اللاجئين، هاجر إلى بريطانيا، إلا أنهم لم يتركوه وشأنه، قُتل ناجي العلي الذي لم يكن يقوم إلا برسم الرسوم الكاريكاتورية بعملية اغتيال وسط لندن، لم يخرج أحدٌ آنذاك ليقول بأن ما جرى هو إرهاب إسرائيلي، لم يخرج أحدٌ آنذاك ليقول لنا بأن ما جرى هو رصاصة في صميم الفن، والفكر الحر، وحرية التعبير، إن الذين يقومون بحماية قتلة ناجي العلي، والتربيت على أكتافهم، يخرجون الآن ويقومون بمسيرات من أجل من قتلوا في باريس، نحن نشاهد كل ما يحدث، فليخرجوا من أجل من قتل في باريس، لا ضير في ذلك، لكن لنكن منصفين ورحماء، فجميع المسلمين يرون هذا الظلم وعبثية الكيل بمكيالين، بل يجب أن يروه، خاصة وأن كل عاقل وصاحب ضمير حي، يرى اللعبة الجارية بكل وضوح”.

وعدّ أردوغان الحديث عن الإرهاب عقب هجمات باريس، والحديث عن العالم الإسلامي تغطية على العنف، والظلم، والإرهاب، كما عدّ التحريض على العداء وكراهية الإسلام في دول مختلفة من العالم، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي، بادرة خطيرة جدًا على مستقبل الإنسانية، مضيفًا: “إن الذين بدأوا يوجهون إلى العالم الإسلامي والمسلمين دعوات، لإجراء نقد ذاتي في أعقاب الهجمات الإرهابية الأخيرة، هم الأحوج لإجراء ذلك النقد، وعليهم مساءلة أنفسهم ومحاسبة ذاتهم”.

وأردف أردوغان قائلًا: “لقد انخرطنا مع إسبانيا في تحالف الحضارات، وهناك حوالي 150 دولة ومنظمة دولية انضمت إلينا، إذا لم ننجح في هذا التحالف فسيتجه العالم نحو صراع الحضارات، وسيشكل كارثة بالنسبة لنا، نحن مجبرون على النجاح في تحالف الحضارات، ملزمون بأن ننجح بذلك سويا”.

الإرهاب

وفي تطرقه إلى قضية الإرهاب قال الرئيس التركي: “كما ترون، فقد ظهر تنظيم إرهابي يدعى داعش، يقوم بقتل المسلمين باسم الإسلام، علينا أولاً أن نسأل: من أين حصلوا على تلك السلطة التي تبيح لهم ذلك؟، داعش الآن يحتل 40% من العراق، وينشر الإرهاب والخوف في سوريا، تاركًا وراءه الآلاف من القتلى”، مضيفًا: “إن الإرهابيين والمنظمات الإرهابية، لا يمثلون بأي من الأحوال العالم الإسلامي والمسلمين، وليسوا متحدثين باسمهم، ولن يكونوا كذلك”.

ودعا أردوغان قادة الدول الإسلامية إلى تشكيل جبهة موحدة ضد الإرهاب والعنصرية، قائلا: “إننا نتحدث ربما لغات مختلفة، ونأتي من أماكن مختلفة، وننتمي إلى جذور إثنية مختلفة، لكن يتوجب علينا أن نضع كل هذه الاختلافات جانبا في مواجهة الإرهاب والعنصرية”.

وتابع رئيس الدولة التركية إن “أجانب يأتون ويزرعون قنابل ويقتلون، فلماذا نترك تسوية هذه المشاكل للآخرين، بدلا من أن نقدم على تسويتها بأنفسنا؟”، داعيا نظراءه إلى “النقد الذاتي”.

وأضاف محذرا: “عندما يبقى العالم الإسلامي صامتا، وكل واحد يدعم أنصاره فقط، فان آخرين يستغلون ذلك: الإرهابيون وأشباه لورانس (العرب) الحديثين”.

يذكر أن أردوغان ندد في الآونة الأخيرة مرات عدة بأشباه “لورانس” الغربيين الذين يتهمهم بالسعي إلى زعزعة استقرار تركيا والشرق الأوسط.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً