تحتاج المجتمعات إلى رموز وقادة حكماء يملكون القدرة والحكمة لإدارة سفينة الوطن ومراعاة كل التناقضات الطبيعية والمتمثلة في الاختلافات الفكرية والاجتماعية والطبقية وأن يمتلكوا رؤية واضحة ووطنية صادقة يمكن أن يقودوا بها الوطن.
من سمات مجتمعاتنا أنها تعاني من تخلف ينعكس على الحالة النفسية الرافضة لكل الرموز ومحاولة إيجاد نقائص وكأنها تبحث عن نبي مرسل.
واليوم نحن في امس الحاجة إلى وجود رمز أو مجموعة رموز تقود الوطن وخلال مسيرة العشر سنوات من محاولة التغيير والتي اجتمعت فيه قوى الشر ضد هذه المحاولة وساندها تخلف عميق طال عقولنا وتفكيرنا فلابد أن نجلس جلسة هدوء وأن نبحث عن رموزنا وأن نصنع قادة حقيقيين لإنقاذ الوطن وتجاوز أشباه القادة ولقد تشرفت بمعرفة الكثيرين خلال ثورة فبراير ولاشك أن هناك رجال مواقفهم كانت قوية وكانت شخصياتهم قوية ولكن عمل البعض بغباء لإبعادهم وهم أيضا كانوا يتعففون عن خوض الجدل العقيم والمهاترات وبعضهم قد نختلف معه اختلافا فكريا ربما عميقا ولكنهم بالشهادة من القادة الذين يجب المراهنة عليهم فهم للجميع ويقبلون الاختلاف بسعة وحكمة.
لابد لنا اليوم أن نتحدث بصوت عالي وأن نطالب برجوعهم إلى المشهد الفاعل وأن يكون لهم دور في إنقاذ الوطن.
أتحدث اليوم عن الأستاذ والمفكر عبد الرحمن شلقم فقد تابعت مقالاته وأنا شاب يافع عندما كان رئيسا لإحدى الجرائد واعتقد أنها الأسبوع الثقافي ولازلت أذكر مقالاته الرائعة والتي لم تعجب النظام فتم استبداله ورأيت موقفه العظيم خلال ثورة فبراير وكيف استجاب وانظم إلى صوت الثورة وكان جسر عبور للثورة ونجاح ولم يخن صديقه حيث نصحه بأن يترك لليبيين الخيار ولكنه تجبر وتأله ورفض فكان قرار الانضمام للثورة.
جمعتني به أول جلسة في عمان حيث كان الحوار لإيجاد مخارج لأزمة المؤتمر الوطني وسمعت بقلبي كل ما قاله عن ضرورة إنقاذ الوطن واستيعاب الجميع.
لقد كان الأستاذ شلقم مفكرا وأديبا وكان ديبلوماسيا وسياسيا عميقا بل كان طوال عمله يدعو إلى الإصلاح وكان محل احترام العرب والأفارقة وكل من تعامل معه .
أراه شخصية وطنية تفخر فبراير أنه كان أحد رموزها شاء من شاء وأنكر من أنكر وأراه ممن يجب أن يكون لهم دورا أساسيا في خروجنا من الأزمة وبديلا لديكتاتورية هذا وتطرف ذاك وذاك، وأرى أنه قويا بفكره وخبرته وأمينا بحبه الخالص للوطن وربما في رسالتي له أننا نلوم عليه عزوفه وابتعاده فالوطن الذي شنق لأجله المختار يشنق اليوم بيد أبنائه وأحفاده ولابد لنا أن ننتصر جميعا ولابد للوطنيين أن يضحوا ويتقدموا الصفوف.
أخي الأستاذ عبد الرحمن كفاك هروبا فالوطن يناشدك أن تضمد جراحه وأن تعود فأنت أهل لذلك والوطن يستحق منك ذلك.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً