ليبيا تمر في منعطف خطير جدا فالتحول من الدكتاتورية إلى الديمقراطية يعتبر انحراف بزاوية ضيقة جدا وهذا يتطلب جانبين متلازمين من الجهد والعطاء يطلق عيهما بالانجليزية دبل بي (PP) ويمثلان (Persistence & patience) الصبر والمثابرة. نعم فبعد الحرب الأهلية الثانية مع منتصف 2014 كان لزاما الوصول إلى أتفاق سياسي يحقن دماء الشعب الليبي. واليوم ومع تحقيق البنيان المرصوص النصر على داعش في سرت واقتحام أحرار ليبيا قاعات واقادوقو يحتم علينا جميعا التوافق مع المجلس الرئاسي ومجلس الدولة والبرلمان أملا في تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الأمن والحاجات الضرورية للخروج من الأزمة بسلام.
لنتعلم من الأمام حسن البنا:
الكاتب ليس إخوانيا ولكن يؤمن بالانفتاح التام دون حدود على التراث الإنساني برمته.. ففي سنة 1983 وفي مدينة هاميلتون بكندا تحديدا أتيحت للكاتب فرصة التعرف عن بعض أعضاء الأخوان المسلمين من خلال النشاطات الدينية بجامعة ماك ماستر McMaster)). بل كانت فرصة اللقاء، في جلسة خاصة، مع الدكتور عبدالمتعال الجبري رحمه الله وتعلمت الكثير منه وربما ما نقتبسه اليوم من عنوان لمقالتنا هي مقولة للشهيد الأمام حسن البنا: “نتعاون فيما اتفقنا فيه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه”.. والكاتب على قناعه تامة بأهمية الدين في حياة الإنسان لكن لا مكان للسلطة الدينية في حياة الناس وطرائق معيشتهم وعمارتهم للأرض. نعم علينا أن نعمل أو نتعاون مع المجلس الرئاسي فيما اتفقنا فيه معه ولنعذره في قراراته التي نختلف فيها معه.. وربما لا يختلف اثنان في دعم المجلس والاتفاق معه في الآتي:
- وقف الحرب الأهلية ومنع أي دول أجنبية، ولو كانت عربية، من قصف الليبيين والليبيات.
- توحيد جهود الجيش والقوات المساندة ضد إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية داعش في ليبيا.
- فتح الطريق الساحلي وربط طرابلس العاصمة مع باقي المدن على الجانب الغربي منها.
- تسيير ضخ النفط وتصديره عبر الموانئ النفطية الليبية وإبعاد النفط عن ساحة الصراع الداخلي والدولي.
- حل أزمة السيولة بإيجاد بدائل للمعاملات الالكترونية بدلا من النقدية وتوفير ضمانات أفضل لإيداع العملة المحلية بالمصارف الليبية.
- الارتقاء بجميع أجهزة الشرطة ودعمها للقيام بواجباتها تجاه حماية الأمن والعدل وتطبيق القانون.
- وقف نشر الكراهية ودعم المصالحة وإيجاد ميثاق شرف إعلامي ينطلق من الحفاظ على حرية الكلمة والتعبير بما يضمن وحدة التراب الليبي وتطبيق الإنفاق السياسي.
ربما لو توافقنا مع المجلس الرئاسي في النقاط السبعة أعلاه لضمنا إنقاذ ليبيا من الوقع في الهاوية. نعم فأنانية بعض الشخصيات الليبية القبلية وحسد بعض الدول في استقرار ليبيا وتطلعها للديمقراطية يدفعهم للتعاون مع الثورة المضادة ولقذف ليبيا لهاوية المجهول.. ليغيب عنا النور ويموت الأمل!!!
التنطع والمثالية كسرت ظهر ليبيا:
نعيش النسبية في حياتنا وربما هي الشيء الحقيقي الوحيد بعد الحق سبحانه!!! ولكن ما روج له الكثير ممن تصدروا المشهد السياسي الحديث باسم المثالية تارة باسم اللبرالية وأخرى باسم الدين وثالثة باسم الوطنية وأحيانا باسم الأثينية. وكانت المبالغة في العزل السياسي، وكذلك إيهام الشعب الليبي بالعيش في رخاء تارة بمجرد موت الدكتاتور معمر وتارة أخرى بوصول الحزب الفلاني للسلطة وأخرى بكتابة الدستور. فلم يترك مجال للمناورة أو الحركة لمراجعة خطواتنا نحو بناء دول العدل والقانون والمواطنة.
نعم الحقيقية هي أنه بعد الحق سبحانه كل شيء نسبي في الوجود بصفته المادية أو المعنوية! فلا يوجد رضى تام وكامل عن أي أحد ولو كانوا أمهاتنا أو إبائنا أو حتى أنبياء الله. لكن الغريب أننا نريد رضى الشعب بالكامل على أداء المجلس الرئاسي وهذا بالطبع مستحيل.. ببساطة.. لأنه أمر نسبي! فعلينا وزن المكاسب الايجابية ومقارنتها مع الخسائر. لا يوجد اتفاق بالإجماع للشعب ولو كان على أداء نبي مرسل من الواحد الأحد الفرد الصمد.
لقد علمتنا السيرة ورأينا كيف أن الصحابة اختلفوا مع سيدنا المصطفى في تحديد موقعهم عند بئر بدر وبالتأكيد لم يتفقوا مع ما قاله: “لو لم تفعلوا لصلح” بشأن “توبير” النخل بل هناك من زعل عند كتابة نص صلح الحديبية بعد مسح أسم الله وصفة الرسول لسيدنا محمد! وهنالك من عارض شروطها وكثر من لم يسعفهم الفهم لقول المصطفى”لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة “، بل المصطفى لم يرضى بزواجه من زينب بن جحش، طليقة زيد بن الحارثة، بعد أن تبناه!!! وهذا ما من شأنه يؤكد نسبية الرضى على أي فعل ولو كان صادر من الأنبياء! فكيف اليوم نريد الرضى التام من أداء المجلس الرئاسي؟! بالطبع لا يعني ذلك السكوت دون اعتراض.. ولكن الاعتراض يكون بالتعبير اللبق والمحترم وذكر أسباب الاعتراض.
تدر ليبيا تادرفت
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً