يقول البارئ سبحانه: “إن الله يجب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص” ففي عملية البنيان المرصوص أصطف أحرار ليبيا.. فكان التقدم والمحاصرة والاقتحام.. وهزموا داعش، ومرتزقتها التكفيريين، التي كانت مسيطرة على آلاف الكيلومترات المريعة، والممتدة من محمية بوقرين غربا، والنوفلية وبن جواد شرقا، ووادي زمزم ووادي اللود جنوبا.. وضيق الخناق عليها في رقعة ضيقة لا تتعدى خمسة كيلومتر مربع متمثلة في الحي رقم 2 ومستشفى أبن سيناء وقاعات واقادوقو والجيزة العسكرية.. وهذا بمثابة إعلان عن نهاية المعركة ضد داعش ومرتزقتها التكفيريين. وما تبقى لهم من أفراد يمكن القضاء عليهم حتى بالرجوع خطوة للوراء ومحاصرتهم بدلا من الاستمرار في الخطوة الثالثة الاقتحام.. إذن فهزيمة داعش تقريبا مؤكدة بإذن الله وسرت لم تعد مغتصبة من داعش.. والفضل يرجع لله ولأحرار ليبيا.. دون أي مساعدة تذكر من العالم الذي أدعى ويدعي محاربة الإرهاب المتمثل في داعش.
كما أسلفت في مقالتي: “ما بعد هزيمة داعش” الحفاظ على النصر ومكتسبات الانتصار أصعب من المعركة ضد داعش ومرتزقتها التكفيريين.. أحرار ليبيا من جيش وقوات مساندة تتبع المجلس الرئاسي في التشطيبات الأخيرة لعملية تحرير سرت.. ندعو لجميع الشهداء بالرحمة والجرحى بالشفاء العاجل.. سيطرت داعش قرابة سنتين على سرت وما حولها تجربة جديرة بالتوثيق والدراسة، وفعلا نحتاج في ليبيا إلى مركز بحثي لدراسة ظاهرة دكتاتورية معمر القذافي والثورة المضادة بمرتزقة تكفيريين “داعش” والحرص على عدم تكرار أي مشاريع قمعية من هذا النوع تعود بليبيا للدكتاتورية.
علينا أن نعترف بأن أحرار ليبيا، ومن بعد انتصار 17 فبراير، ارتكبوا بعض الأخطاء نتيجة لغياب ثقافة المواطنة وعدم ممارسة العمل المدني الإنساني والحقوقي.. فكل ما حرص عليه النظام السابق هو تعميق الهوة بين المواطنين/ات وترسيخ ثقافة الانتهازية والكراهية بين الجميع فاستبيحت السرقة والسطو والسلب والنهب بل وحتى القتل استنادا إلى تشريعاته الجماهيرية: البيت لساكنه، والسيارة لمن يقودها، والأرض ليست ملكا لأحد، والتجارة ظاهرة استغلالية، والأجراء مما تحسنت أجورهم هم نوع من العبيد.. وبالتصعيد الشعبي سلمت الإدارات الصناعية والخدمية لمن لا يستحقها أو بالأحرى لسراقها ومخربيها.. ووصل الأمر إلى أدارة الجامعات الليبية من قبل طلبة!!! نعم ثقافة الكراهية أورثت سلوكيات غير مرضي عنها من بعض المشاركين في انتفاضة 17 فبراير وخاصة ممن ركبوا الموجهة بعد إعلان التحرير.. وإلى اليوم ليبيا تعاني من أرث الكراهية الذي تركه لنا الدكتاتور معمر القذافي.
المشككين في انتصارات البنيان المرصوص:
العالم لم يستطع إخفاء انبهاراته بانتصارات البينان المرصوص وقد أشرنا في مقالات سابقة لتصريحات العديد من رؤساء الدولة ووزراء خارجيتها بالانتصارات التي حققتها عملية البنيان المرصوص على الأرض في زمن قياسي.. وربما اختلطت على المجتمع الدولي حساباته فلم يكن يتوقع هذه الانتصارات فتلكك في وعوده وتقديم الدعم بالإفراج عن حظر السلاح إلى ليبيا!!! أو حتى تقديم العون لمستشفياتنا لمعالجة الجرحى. فمن الخطوة الأولى كان التقدم السريع لحوالي 100 كيلومتر من الغرب والوصول إلى هروارة في الشرق لتنتهي العملية بمحاصرة المرتزقة التكفيريين في مساحة لا تتعدى 15 كيلومتر مربع. ثم كانت الخطوة أو المرحلة الثانية الحصار، والذي لم يدم طويلا، من ثلاثة محاور: شرق وجنوب سرت ومن ساحل البحر إضافة إلى تمركز حرس المنشآت النفطية في الشرق.. وتتم بفضل الله وبعزيمة أحرار ليبيا الشجعان الخطوة الثالثة والأخيرة الاقتحام والذي بات يضيق الخناق على الدواعش ويحشرهم في مساحة ضيقة جدا ومحدودة لا تتعدى بضعة كيلومترات مربعة. فبات الإعلان عن تحرير سرت قريبا وأقرب مما يتصور بالرغم من محاولات أيادي السوء من فتح ثغرات أو مشاكل لتربك مشهد الانتصار، فغرفة عمليات الثورة المضادة بمصر تبعث بالمرتزقة التكفيريين لليبيا وتشتري بالمال الذمم وبتنسيق مع بعض الدول الغربية المتآمرة معها.. ولا نستغرب ما يحص اليوم من تعويق للخدمات في محاولات يائسة لتحريك الشارع بشكل غوغائي لتعم الفوضى. لن يسمح العالم بنجاح الديمقراطية في ليبيا بسهولة.. ولكنه سيحترم في النهاية إصرار الأحرار على بناء دولة العدل والقانون ورفض عودة ليبيا للدكتاتورية بأي شكل كان عسكري أو “إسلامي”.
هناك من الليبيين/ات المغفلين/ات من يحاول الاستنقاص من انتصارات البنيان المرصوص بإدعاء وجود قوات اجنبية مساندة وتتناقل هذه الأكاذيب إذاعات تدعي أنها وطنية. كذلك تتناقل نفس الادعاءات الباطلة وسائل إعلام من دول عربية وغربية منزعجة من هذا التقدم وخاصة الداعمة للسيد خليفه حفتر الذي بالرغم من الدعم الذي يتلقاه منهم، استشارات عسكرية متمركزة، وسلاح وذخيرة وحتى مقاتلين، إلا أنه فشل في تحقيق أي مكاسب ترقى إلى القليل النذر مما يحققه أحرار البنيان المرصوص في معركتهم ضد داعش الحقيقية، وليس ما يدعيه السيد حفتر من محاربة الإرهاب وداعش، في زمن قياسي وليس سنتين..
سرت بعد 17 فبراير:
بعد الانتصار على الدكتاتور معمر القذافي ما حصل في سرت لا يفرق كثيرا عما حصل في معظم المدن الليبية. فلا نستغرب أن الممارسات التي حصلت بعد تحرير سرت في 2011 كانت بعيدة عن روح المواطنة وحقوق الإنسان.. والفضل يرجع لدكتاتورية معمر.. بل ونتيجة لتجدر ثقافة القبيلة المتناحرة على السلطة في التصعيد الشعبي والتي حرص القذافي على زرعها ورعايتها لتنمو وتترعرع في ثنايا التركيبات الاجتماعية الليبية مورست بعض الأعمال الانتقامية وبدون وجه حق.. لتذكير أهلي من سرت.. في سباق همجي محموم للوصول للسلطة عايشت تصعيدا شعبيا خلال أحدى اشهر رمضان في سرت وكانت النتيجة موت أحدهم بتحطيم جمجمته حتى الموت تحت ضربات الحجارة خلال عملية التصعيد الشعبي وغيرها من مثل هذه الحوادث المأساوية في مختلف المدن الليبية .. للأسف ثقافة القذافي “المنتصر له الحق أن ينتقم”.. فمشهد الانتقام المرعب في رمضان 1984 مازال يشوه الذاكرة الليبية وربما حرك أو أستفز رغبة البعض في الانتقام أيضا بعد فبراير 2011. علينا أن نعترف بأخطائنا بعد التحرير في سرت وفي ليبيا بعد 2011. لكن سؤلنا اليوم.. ما الذي يجب أن نحرص على القيام به اليوم في سرت بعد اندحار الدواعش بعيدا عن الانتقام؟
سرت بعد التحرير من الدواعش المرتزقة التكفيريين:
الذاكرة الليبية عانت الكثير من التشوهات المؤذية نفسيا ووجدانيا قبل وبعد 17 فبراير.. وتشويه الذاكرة يحتاج إلى معالجة وترميم قد يطول لسنيين.. الحرب تترك آلام عميقة وتشوهات وشروخ نفسية لكل من يفقد عزيز له وخاصة في حرب جانب منها يعتبر حرب أهلية. لذلك يجب ألأخذ في الاعتبارات جملة من التحوطات التي يجب مراعاتها بعد إعلان غرفة البنيان المرصوص عن التحرير النهائي لسرت من الدواعش.. سرطان العصر.. هذه التحوطات تتلخص في جملة من الاجراءات نسوقها كمقترحات وعلى النحو التالي:
- تنظيم عملية التمشيط الأخيرة بحيث يتابع خطواتها مكتب التوثيق والإعلام بالغرفة والحرص على حماية الممتلكات العامة والخاصة.
- الحرص على المعاملة الإنسانية مع جميع الأسرى والاستفادة إلى أقصى حد من الأسرى للوقوف وراء الدوافع التي كانت وراء انضمامهم لداعش، وتكليف وحده بالخصوص.
- التعامل مع الأسرى من قيادات الدواعش بتحوطات أكثر والحرص على تأمين سلامتهم وخاصة الأجانب منهم فقد يكونوا عرضة للاغتيالات بعد انتهاء صلاحية مهامهم أو لخطورة المعلومات التي عندهم. مع أننا نشك في بقاء أي قيادات مهمة!!! فداعش مشروع استخباراتي منشور على مناطق واسعة من الدول المتخلفة والقيادات المهمة لن يجازف بها وربما تم تأمين خروجها مبكرا.
- مع ضرورة الحرص على تأمين رجوع الأسر إلى سرت بسرعة إلا أن التأكد من خلو الجميع بدون استثناء من حيازة أي أسلحة مهم جدا لاستتباب الأمن وستكون مهمة استتباب الأمن صعبة. ولكن بالحرص على عدم وجود أي تشكيلات مسلحة باستثناء شرطة نظامية وجيش يتبع حكومة الوفاق الوطني.
- ليعلو صوت التسامح مع جميع الأسر والتركيبات الاجتماعية والقبلية ولو ثبت تعاون بعض أفرادها مع داعش أو حتى قاتلوا مع داعش. وعلى أئمة المساجد ودار الأوقاف لعب هذا الدور المهم.
- لضمان وصول الخدمات بيسر وبسرعة للجميع على المجلس المحلي سرت انتداب بعض المدراء من خارج سرت لضمان التعامل بحياديه مع الجميع وعدم الوقوع في شرك وساطة القبيلة أو التقسيم الجائر الذي حدث بعد 2011 لسكان سرت بين مؤيد ومعارض.
- على المجتمع المدني الليبي أن ينشط في سرت من خلال التوعية والتثقيف بالمواطنة وتدعيم السلم الاجتماعي والذي نحتاجه بجميع المدن الليبية.
- دحض الدروس والسموم التي كان يبثها داعش عبر إذاعة سرت المحلية وينفث سمومه من خلالها. وهذا يتطلب برامج توعوية وتهذيبية ثقافية ودينية تدحض كل أكاذيبه وادعاءاته.
- عدم ترك أي فراغ اجتماعي مفكك. فقد يتم استغلاله في سرت لعودة الكراهية أو إعطاء فرصة لنفث سموم التفرقة بين سكانها بمختلف قبائلهم وتركيباتهم الاجتماعية.
- جميع سكان سرت الذين عاشوا في ظل إرهاب الدواعش من ذبح وشنق يجب إخضاعهم إلى تأهيل نفسي. فعلى مكاتب الرعاية الاجتماعية أن تنشط في هذا المجال، والاستعانة بالإذاعة المحلية والمساجد لهذا الغرض.
- على جامعة سرت لعب دورا في التوعية والتثقيف ونشر معاني المواطنة وحقوق الإنسان من خلال أنشطة طلابية وندوات وحلقات فكرية تنشر السلم الاجتماعي.
- لضمان سلطة القانون يجب أن تشرف على مديرية الأمن بسرت خبرات من خارج سرت لضمان العدالة وعدم إعطاء فرصة للمحاباة القبلية أو تكرار ممارسة المنتصر والمغلوب مرة أخرى.
العالم يشيد بهزيمة داعش ولا يدعم ليبيا:
صحيح أن العالم يحارب داعش بالرغم من أنها صناعة استخباراتية عالمية توظف بشأن التمهيد لإعادة صياغة أدوار تهدف لتغيرات جيواقتصادية وجيوبلوتيكية وربما داعش في ليبيا تلعب دورا أخر يتعلق بتحويل مسؤوليات الهجرة غير الشرعية من الدول الأوربية المطلة على البحر المتوسط ورميها على دول جنوب المتوسط. والجميع طامع في ليبيا لإمكانيات الصرف على المهاجرين ومساحتها تستوعب توطينهم!!! لكن ما يهمنا في ليبيا الانتباه إلى نقطتين مهمتين:
أولاً: تحصين أبنائنا وبناتنا ضد الغزو الديني المتطرف وتجنيبهم أن يكونوا وقودا لحرب الدواعش والتطرف الديني أو أن تصبح أرضنا ساحة معركة لمحاربة التطرف خدمة لأجندات استخباراتية.
ثانياً: المنظومة الدولية لن تسمح لك بالعمل لوحدك وهي تتصارع فيما بينها لتحقيق بعض المصالح في ليبيا.. ولكن علينا الموازنة بين تحقيق المصالح الأقل ضررا وضمان مصالحنا كليبين وليبيات وعلى رأسها وحدة وطننا ليبيا. فلا ندري هل جاءت داعش بمرتزقتها التكفيريين لتنفيذ مشروع تقسيم ليبيا أم تمت محاولة توطينها لتكون عامل مساعد على انفصال الشرق لينتهي التقسيم برقعة جغرافية يسهل تحويلها مكب للهجرة غير الشرعية؟ فربما التحول الديمقراطي سيحد من المصالح الغربية وهذا ما يفسر الإصرار على ايجاد مكان للمنظومة السابقة في حكومة ليبيا الجديدة.
لقد كلفت ليبيا حرب تحرير سرت المغتصبة من داعش الكثير من خيرة شبابها، ومدينة مصراته شاركت لوحدها بالحصة الأكبر بحكم موقعها ودورها الطليعي في 17 فبراير ، فرحمت الله عليهم ونحسبهم جميعا شهداء عند الله سبحانه، ونسأل الله الشفاء لجرحانا .. درس داعش مكلف للوطن الذي لم يتلقى فيه أي دعم من العالم الذي يدعي ويتشدق بأنه يحارب داعش!!! وربما لوحظ بعض التلكك أيضا من المجلس الرئاسي بشأن الخدمات الطبية. ولكن علينا الاستفادة من الدرس والحرص على ألا يتكرر التطرف في ليبيا أو أن تعطى أي فرصة للتقسيم بسبب التعنت السياسي.. أنانية بعض الشخصيات السياسية قد تعطي الفرصة لظهور أشكال أخرى من التطرف وتطفو على السطح .. لذلك يجب على المجتمع المدني، خط الدفاع الأخير والحقيقي الموحد لليبيا، التعاطي معها بسرعة ويلونه ومنعها من الانتشار. فأي نوع من التطرف: ديني، سياسي، مذهبي، عرقي، أو حتى فكري سيعيق مسيرة التحول والانتقال الديمقراطي في ليبيا.. وعلى المجلس الرئاسي ومجلس الدولة والخيريين من أعضاء مجلس البرلمان تأسيس مبدأ الحوار السلمي لحل كل الاشكاليات التي قد تواجه ليبيا .. كفانا إراقة دماء شبابنا ومن الطرفين المتحاربين.. فالعالم يتربص ولن يرحم من يغفل عن مصالحة ويستهين بوحدة وطنه!!! تدر ليبيا تادرفت.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
بعد تكتب قرآن اكتبه صح وﻻ ماتكتباش
التريس تجاهد في سرت والمخانب تسرق في الليبيين وتخرب
الفساد في الشركة العامة للكهرباء احد عصابة الوزير الكهرباء نوري الدين سالم وهو ابوبكر اشتيوي مدير الرقابة في الكهرباء اكبر سارق يا لييبين