البرلمان المنتخب شعبيا حاربه الإسلام السياسي منذ نشأته، واضطره الى عقد جلساته خارج العاصمة حيث استولوا عليها بقوة السلاح، وتم حرق الأملاك العامة والخاصة ومئات الشهداء من المدنيين العزل إضافة الى تهجير مناطق بأكملها، فأصبحت الدولة تحت حكم الانقلابيين يساعدهم في ذلك الغرب الاستعماري، حيث سحب سفاراته بدلا من الوقوف الى جانب الشرعية، اختلقت مسارات تصالحية في ظاهرها، بينما كان السعي لأجل سحب البساط من البرلمان.
لقد أفلح الإسلام السياسي وبدعم إقليمي ودولي في ان تكون له الغلبة في المجلس الرئاسي، الذي تؤول له كافة الصلاحيات، ومنها تعيين قيادات الجيش التي تحارب الإرهاب، ومحافظ البنك المركزي ورئيس مؤسسة النفط والمحكمة العليا وديوان المحاسبة الذي يراقب صرف الأموال العامة بمعنى ان المجلس الرئاسي أصبح سيد نفسه، فأفراده السبعة وأعضاء الحكومة يتصرفون وكأنهم نالوا الثقة، يقومون بزيارات محلية وخارجية، يجهزون لصفقات تشتم منها رائحة الفساد، خاصة عند الطلب من الأمم المتحدة بالأفراج عن الأموال المجمدة.
المؤتمر الوطني العام المنقلب على الشرعية، عدّل الدستور وضمّنه الاتفاق السياسي، حلّ نفسه ليظهر “خرج من الشرنقة “علينا في ثوب الجديد، المجلس الأعلى للدولة “مجلس الشيوخ” بصلاحيات تنافي المسندة اليه في الاتفاق السياسي، جامعا بين السلطات التشريعية والتنفيذية إضافة الى ابداء الراي والمشورة، لأن من يسمون أنفسهم بأنهم مشايخ واعيان القبائل والمدن لم يقوموا بواجباتهم على مدى خمس سنوات، وبالتالي على هؤلاء المشايخ والاعيان ان يحفظوا بعضا من ماء الوجه وينسحبوا من المشهد السياسي.
لم يتبقى امام الإسلام السياسي الا البرلمان المنتخب شعبيا، فاستطاع بطرق عدة استمالة بعض الأعضاء، وخاصة فريق الحوار عن البرلمان “عصابة الاربعة” لدى هيئة الحوار السياسي، الذي أصبح يقدم التنازلات تلو الأخرى بما فيها التنكر لتضحيات الجيش في محاربته للإرهاب بان جعل مصيره رهنا للمجلس الرئاسي, الذي يعلن جهارا نهارا معاداته لقيادات الجيش, من خلال فرض المادة الثامنة, حجة هؤلاء المصلحة العليا للبلد وما يعانيه الشعب من أزمات خانقة، جعلته يقف في طوابير لأجل استلام الراتب الذي يسلم له على دفعات، ربما لئلا يتعرض المواطن للسلب والنهب، ربما لترشيد الاستهلاك في ظل ارتفاع الأسعار (لم يعد يكفي سد الحاجيات الاساسية).
يبدو ان الإسلام السياسي رغم كل الوعود بالمناصب وشراء الذمم لبعض النواب، لم يستطع تامين النصاب لتضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري وبالتالي منح الثقة للحكومة، وفي محاولة بائسة ومفضوحة لن تنطلي على أحد، أقدم النواب الداعمين للحكومة على حذف المادة الثامنة، وهم يعلمون جيدا ان الغاءها يتطلب موافقة هيئة الحوار، ولأنهم لم يحققوا ما يتمنونه، فانهم يسعون جاهدين الى عقد جلسة للبرلمان بمكان اخر، ولكن ياترى هل سيؤمن النصاب”134 نائبا” في حال الانعقاد في مكان اخر؟ وهل سيضمنون128 نائبا لإقرار الميزانية العامة؟ ام ان الحكومة ستباشر عملها دونما حاجة لنيل الثقة من البرلمان الذي تمارس عليه الضغوط من كافة الأطراف بمن فيهم السيد كوبلر الذي امهله عشرة أيام للاجتماع ومنح الثقة، ربما في حال عدم حدوث ذلك يعتبر البرلمان فاقدا للشرعية وقد تفرض عقوبات مادية ومعنوية على الرافضين لمنح الثقة للحكومة.
السيد كوبلر نصب نفسه حاكما على ليبيا، فقال بان قيادة الجيش التي تخوض المعارك في الشرق الليبي لا تمثل كل الجيش الليبي “اعتراف ضمني بان هناك جيش” وبالتالي على العسكر ان يختاروا قيادة لهم، انها ولا شك دعوة صريحة لأفراد الجيش الليبي بالمناطق الأخرى بان يعلنوا عدم تبعيتهم لقيادة جعلت للعسكر قيمة وشان، بعد ان كانوا يقتلون بدم بارد في كل مكان وزمان على ايدي من يدعون الإسلام والثورة, وكلنا امل في ان يتنادى العسكر بكافة المناطق ويعلنون انضمامهم للقيادة التي جعلت من الجيش رقم صعب, واصبح يشكل هاجسا لمن كانوا يعتقدون بان العسكر لن تقوم لهم قائمة, هؤلاء الطغاة الجدد كل همهم اسقاط قيادة الجيش لانهم يرون فيها نهايتهم المحتومة.
يبقى القول بان البرلمان يضم في صفوفه أناس شرفاء يأبون الاملاءات، ويرفضون الخنوع والرشاوى، وتعلق عليهم امال غالبية الليبيين ويعتبرون البرلمان خط الدفاع الأخير، لن يرضوا بان يسلموا البلد لحفنة من البشر، خريجي تورابورا، من جلبوا الناتو لقتل وتشريد الاف البشروتدميرالممتلكات العامة والخاصة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً