قالت هيومن رايتس ووتش اليوم، بعد زيارة البغدادي المحمودي في زنزانته في طرابلس، إنه يتعين على السلطات الليبية عرض رئيس الوزراء السابق على القضاء أو إعلامه بالتهم الموجهة إليه، وهو ما لم تقم به السلطات حتى الآن رغم أنها تسلمت المحمودي من تونس في 24 يونيو/حزيران 2012. وقال البغدادي المحمودي إنه لم يتعرض إلى سوء المعاملة في معتقله في طرابلس، ولكن تم الاعتداء عليه جسديًا عندما كان محتجزًا في تونس.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن السماح بزيارة المحمودي خطوة ايجابية، ولكن يجب على السلطات الليبية منحه جميع حقوقه كمشتبه فيه. ويجب الإسراع بتقديمه إلى القضاء لتحديد أسباب اعتقاله وإعلامه بالتهم الموجهة إليه. كما قالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب على السلطات التونسية فتح تحقيق سريع وشفاف في مزاعم المحمودي بتعرضه إلى سوء المعاملة في تونس.
وقال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “سلّمت تونس البغدادي المحمودي بعد حصولها على ضمانات من ليبيا بأن لا يتعرض الرجل إلى سوء المعاملة. إن الكرة الآن في ملعب السلطات الليبية، لتثبت التزامها بوعودها الخاصة باحترام حقوق المحمودي، ولتبرز حسن نواياها تجاه ما يقارب سبعة آلاف معتقل آخر في كامل أنحاء البلاد وتحت إشراف سلطات متعددة”.
كما قالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على مكتب النائب العام في ليبيا أن يضمن حصول المحمودي وجميع المعتقلين الآخرين على محاكمة عادلة وعلى إجراءات تقاضي سليمة.
وكان البغدادي المحمودي، رئيس وزراء القذافي من 2006 إلى 2011، قد فرّ من ليبيا في سبتمبر/أيلول 2011. وفي نفس الشهر، قامت السلطات التونسية باعتقاله بتهمة عبور الحدود بطريقة غير شرعية. وحصل انقسام في الحكومة التونسية حول موضوع تسليم المحمودي إلى سلطات بلده، حيث اعتبر الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي إنه لا يجب تسليمه خشية أن يتعرض إلى التعذيب هناك، بينما قال حمادي الجبالي، رئيس الوزراء المؤقت، إن ليبيا قطعت وعودًا بأن لا يتعرض المحمودي إلى سوء المعاملة، وفي 24 يونيو/حزيران قامت السلطات التونسية بتسليمه، فتم اعتقاله على الفور.
وفي 3 يوليو/تموز، زارت هيومن رايتس ووتش المحمودي في سجنه في طرابلس، وهو نفس المكان الذي يوجد فيه ثمانية مسؤولين آخرين من نظام القذافي، بمن فيهم أبو زيد دوردة، رئيس المخابرات الخارجية السابق. وأمضت هيومن رايتس ووتش قرابة ثلاثين دقيقة تتحدث إلى رئيس الوزراء السابق، في وضع بدا أنه يوفر الخصوصية التامة في أحد مكاتب السجن.
ولم يشتكي المحمودي من المكان الذي يتم فيه اعتقاله، وقال: “أخشى أن أتعرض إلى سوء المعاملة على أيدي أشخاص عاديين أو المليشيات، ولكنني أشعر بالأمن في هذا المكان”.
كما قال المحمودي لـ هيومن رايتس ووتش إنه تحدث عبر الهاتف عند وصوله مع مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، وأضاف: “كنت متخوفًا جدا في البداية، وكنت أخشى أن أتعرض إلى سوء، ولكنه طمأنني وقال لي إنني الآن بين أهلي وإنني سوف أتلقى معاملة جيدة”.
ولكن هيومن رايتس ووتش لم تكن في وضع يسمح لها بالتأكد مما إذا كان المحمودي يشعر بالحرية الكاملة حتى يتحدث إلى ممثلها حول المعاملة التي تلقاها من السلطات الليبية والتونسية.
ويقع سجن المحمودي تحت إشراف الشرطة القضائية. وقامت هيومن رايتس ووتش بجولة في أرجاء المكان بصحبة مدير السجن الذي قال إن المحمودي محتجز بشكل منفصل عن بقية السجناء. وأثناء جولتها في المكان، شاهدت هيومن رايتس ووتش مصحة فيها طاقم طبي، وفناء صغير قال مدير السجن إن السجناء يسيرون فيه عندما يتم إخراجهم من زنزاناتهم. ويقبع المحمودي في جزء خاص من السجن توجد فيه أربع زنزانات محاذية لفضاء للاستراحة، فضلا عن مرافق صحية في نفس المبنى.
وقال البغدادي المحمودي لـ هيومن رايتس ووتش إنه عندما كان معتقلا في سجن المرناقية في تونس، قام الحراس بتهديده وضربه بهراوات والركلات وسياط بلاستيكية. كما قال إن السلطات التونسية لم تسمح له بالالتقاء بمحاميه، وهو ما دفعه إلى الدخول في إضراب عن الطعام.
وأكد أحد محاميّ المحمودي في تونس لـ هيومن رايتس ووتش إن المحامين لم يتمكنوا من التحدث إليه لمدة أسبوع كامل أواخر مايو/أيار.
كما قال المحمودي لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولين تونسيين قالوا له في 24 يونيو/حزيران إنه سوف يُنقل لتلقي العلاج، ولكنه وضع على متن مروحية في اتجاه طرابلس. وأضاف: “[على متن المروحية]، كان في انتظاري اللواء يوسف المنقوش، رئيس هيئة أركان الجيش الليبي، الذي قال لي إنني لن أتعرض إلى سوء المعاملة ولن أتعرض إلى الخطر.”
وأضاف المحمودي إنه عندما وصل إلى طرابلس، قامت السلطات بعرضه على الفحص الطبي، وبعد ذلك تم استجوابه من طرف محققين من مكتب النائب العام. ومازال المحمودي لا يعلم بالتهم الموجهة إليه ولم يُعرض بعد على قاض للبت في ما إذا كان اعتقاله قانونيًا.
كما قال المحمودي إنه طالب بحضور محام أثناء استجوابه إثر وصوله إلى ليبيا، ووافقت السلطات على تمكينه من ذلك، ولكنه قال إنه كان يحبذ أن يختار محاميه بنفسه، وأضاف إن عائلته كانت تختار له محامياً.
وينصّ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه ليبيا سنة 1970، على حق كل شخص يواجه تهمًا جنائية في “أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها”. كما ينص العهد على أن تضمن ليبيا الإسراع بعرض أي شخص معتقل على قاض أو هيئة معادلة. كما أن حق المعتقل في المراجعة القضائية دون تأخير حق غير قابل للانتقاص.
ودعت هيومن رايتس ووتش مكتب النائب العام إلى ضمان حصول المحمودي والمحتجزين الآخرين على إجراءات تقاضي سليمة تنتج عنها محاكمات عادلة. كما تدعو هيومن رايتس ووتش السلطات التونسية إلى فتح تحقيق في مزاعم المحمودي بتعرضه إلى سوء المعاملة على يد سلطات السجن، ومعاقبة كل من يثبت قيامه بذلك أو إصداره أوامر في الغرض.
وقال إريك غولدستين: “كي يحقق الليبيون العدالة، يتعين على السلطات الليبية ضمان واحترام سيادة القانون ومنح الأشخاص المحتجزين حقوقهم في سلامة إجراءات التقاضي”.
اترك تعليقاً