نفذ الجيش الجزائري مناورة بالذخيرة الحية على حدوده الجنوبية المطلة على منطقة الساحل، في تدريبات تهدف لإظهار قدرات الجيش على مواجهة أي تهديد عسكري.
وقالت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان “أن رئيس أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة أشرف يوم الثلاثاء 27 فبراير بالناحية العسكرية السادسة، على تنفيذ تمرين تكتيكي بالذخيرة الحية سمي زوبعة الهقار 2024”.
وتم اختيار اسم ” الهقار” نسبة لسلسلة جبلية صعبة المراس تتواجد في ولاية تمنراست بأقصى الجنوب الشرقي للجزائر،على الحدود مع دولتي النيجر ومالي. بيان وزارة الدفاع أضاف بأن “التمرين قامت بتنفيذه وحدات من القطاع العملياتي المسماة “برج باجي مختار” مدعومة بوحدات من مختلف الأسلحة، تخللته عملية إنزال لمفرزة من القوات الخاصة وإنزال مظلي بمهمة تدمير قوات عدو غير تقليدي، فضلا عن عملية تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود جوا”
حضور رئيس الأركان شخصيا للحدود الجنوبية وتزامن مناورة “الهقار” مع التطورات السياسية والأمنية في دول الساحل، يدلل على أن الحكومة الجزائرية لديها مخاوف من تدهور الأوضاع الأمنية وتريد أيضا ارسال رسائل عسكرية وسياسية في المنطقة.
وشهدت العلاقات بين الجزائر وباماكو، تدهورا ملحوظا منذ الانقلاب العسكري في دولة مالي عام 2021 بزعامة العقيد أسيمي غويتا، حيث تمسكت الجزائر بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى في البداية، ونادت بضرورة إيجاد حلول دبلوماسية غير أن موقفها تغير منذ انسحاب فرنسا ورواج الأخبار حول استعانة المجلس العسكري في مالي بمجموعة “فاغنر” الروسية وتوجهها لمساعدة الجيش المالي في الشمال بمنطقة قبائل الأزواد والطوارق الأمازيغية حيث تحظى الجزائر بشعبية بحكم علاقات الحكومة الجيدة مع قبائل المنطقة.
يجدر بالذكر، أن الجزائر كانت راعية لاتفاق المصالحة في شمال مالي الذي أبرم مع قبائل الطوارق عام 2015 وقد طفى التوتر مع سلطات مالي عندما قرر العسكريون الغاء هذا الاتفاق واتهامهم للجزائر بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية لمالي.
ويرى المراقبون أن حدة التصريحات القادمة من مالي وحتى من سلطات نيجر الجديدة التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم، حليف أخر للجزائر، فرض على السلطات الجزائرية تنفيذ هذه المناورات العسكرية التي تأتي أيضا في ظل توترات أمنية غير مسبوقة بين حلفاء الجزائر من حركات الأزواد والجيش المالي، الذي تدعمه “فاغنر” حيث قرر العسكر الإنقلابيون في باماكو ملاحقة الطوارق في الشمال الى غاية الحدود الجزائرية.
التدريبات العسكرية يمكن قراءتها من جهة أولى في رغبة السلطات الجزائرية في توجيه رسالة للسلطات العسكرية في مالي، التي بدأت تطلق تصريحات قوية للقول إن أقلية الطوارق المتواجدة في الجزائر وفي حدود الصحراء تعتبر أمنا قوميا ولا يمكن التعامل معها من دون موافقة جزائرية، وهناك رسالة ثانية لجميع دول منطقة الساحل وداعميهم، أن الجيش الجزائري هو من بين الأكثر قوة في أفريقيا ويمكن أن يحمي حدوده إذا حدثت تجاوزات أمنية.
الرسالة الأخرى ذات بعد دولي ولها علاقة بمخاوف عودة نشاط تنظيمات إرهابية مسلحة مثل تنظيم القاعدة الى منطقة الصحراء، وذلك بعد تحذيرات وجهتها كل من الولايات المتحدة واسبانيا لرعاياها بتوخي الحذر وعدم المغامرة داخل جنوب الصحراء الجزائرية.
اترك تعليقاً