كنا نتوقع أن يكون باتيلي أفضل من سابقيه، يلم الشمل ويسعى إلى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء واختصار المدد الانتقالية التي لم تنتهي بعد، فكل من ينتخب آو ينصب لأجل إقامة الانتخاب يسعى جاهدا للتمديد لنفسه، فالسراج وزبانيته بقوا في السلطة أكثر من 4 سنوات وكأنهم جسم منتخب شعبيا فخرج من السلطة بتوافق أممي ذهب السراج في سبيله ولم تقم أي من الجهات المختصة بمحاسبته على إهدار المال العام وشراء الذمم، جيء بالدبيبة لفترة انتقالية محدودة جدا لا تتجاوز السنة لأجل التهيئة للانتخابات لكنه اليوم يقترب من نهاية عامه الثاني في السلطة، استطاع أن يمكّن نفسه من خلال شراء ذمم بعض التشكيلات المسلحة في العاصمة وما حولها، أغدق عليها الأموال وأطلقها تسرح وتمرح في ربوع الوطن، ضمن إلى جانبه محافظ البنك المركزي (بيت المال) وكذلك استطاع أن يحدث تغييرا في رئاسة مجلس الدولة الذي أظهر تقاربا في وجهات النظر مع مجلس النواب انعكس ذلك بحوارات أبوزنيقة المغربية واللجنة المشتركة لإنهاء الأزمة بشأن الانتخابات وقوانينها الانتخابية واستصدار المراسيم بالخصوص.
الدبيبة الذي أسقطه مجلس النواب ولم تعد له شرعية قانونية أو دستورية يتكئ على الجماعات المسلحة ومحافظ البنك المركزي ومجلس الدولة الذي يعتبره سلطة تشريعية موازية لمجلس النواب بينما هو مجلس استشاري ما يصدر عنه ليس ملزما لغيره.
السيد باتيلي يبدو أنه ركب الموجة كسابقيه ويريد التمديد لنفسه أيضا، فلم يبارك تفاهمات المجلسين ونتائج لجنة 6+6 التي أفضت إلى نتائج إيجابية جدا بشأن الانتخابات قام مجلس النواب بالمصادقة عليها دون تغيير، السيد باتيلي يريد العودة من جديد إلى مربع الصفر بطلبه دعوة الأجسام الفاعلة في المشهد الليبي للاجتماع، فالجسمين التشريعيين قالا كلمتهما من خلال لجنة الحوار المشتركة بينهما (6+6)، بينما المجلس الرئاسي لا نرى أنه قام بأي دور يذكر وخصوصا بشأن المصالحة، كذلك لاحظنا وباعتبار أنه القائد الأعلى للجيش على الأقل في المنطقة الغربية، فإنه لا سلطة له على التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية والتي تم منحها الشرعية من قبل الدبيبة باعتباره وزير الدفاع (الذي يتبعه) المكلف منذ تعيينه بهذا المنصب!، أما القيادة العامة فإنها تُحكم السيطرة على المنطقتين الشرقية والغربية وتقوم بدورها الأمني وهي على توافق تام مع رئاسة مجلس النواب وهما راضيان جدا عن ما توصلت إليه اللجنة المشتركة بين النواب والدولة وما صدر من قوانين من شأنها إقامة انتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب الآجال وإنهاء الفترات الانتقالية.
الدفع الرباعي آليات تستخدمها التشكيلات المسلحة في تحركاتها، ولم تكترث يوما في أن تستخدمها في دهس المواطنين، فهي ترى نفسها فوق الجميع وصاحبة القرار، كذلك يقوم السادة المسؤولين باستخدام سيارات الدفع الرباعي في أرتال بالطرقات العامة والطلب من مرتادي الطرقات بإفساحها لهم وإلا وجدوا أنفسهم وسياراتهم خارج الطريق غير قادرين على الحركة.
لماذا إذن دعوة باتيلي إلى الاجتماع الرباعي؟ يراه غالبية الشعب وبعض السياسيين مضيعة للوقت وإطالة أمد الأزمة وبالذات تشكيل حكومة جديدة مهمتها إجراء الانتخابات التي يتمسك السيد الدبيبة بالبقاء على رأسها وهي منتهية الولاية وتعتبر بحكم القوة القاهرة أو بالأحرى حكومة الأمر الواقع خاصة وأنه يرغب وبقوة في الترشح لرئاسة الدولة، أي أنه ينحاز إلى طرف دون آخر ومحاولة تثبيته في السلطة لإهدار المال العام.
ما يقوم به باتيلي هو محاولة قيادة ليبيا وكأنها عربة بدفع رباعي لتدهس ما تبقّى من الشعب الذي يفتقد إلى العيش الآمن ومستوى معيشي جد متدني، لتستمر المعاناة التي طال أمدها، ويستمر الساسة في نهب الأموال، ويستمر السيد باتيلي في منصبه للحصول على المزيد من الأموال على هيئة مرتبات ومهايا ومزايا قد تكون مستديمة.
يبقى القول إن الشعوب العربية المنكوبة والتي فرضت عليها عقوبات أممية وشمل بعض الفصل السابع لم يتحسن وضعها بفعل المندوبين الساميين للأمم المتحدة بل تفاقمت أزماتها، ما لم يتحرك الشعب ويوقف المهزلة فإن القادم أعظم وأمرّ.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً