اللهم أرحم شهدائنا الذين جرفتهم سيول العواصف المطرية بمدننا الحبيبة درنة وما حولها سوسة والبيضاء والمرج.. على مراد الله واللهم لا اعتراض. بالتأكيد هذا ابتلاء من الله عز وجل “كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالخير والشر فتنة وإلينا ترجعون”، ودفع الله عنا شر ما كان أعظم. والحمد لله على كل حال وتظل هذه الكارثة المطرية درساً يمكننا أن نستفاد منه. والحمد لله أنها فرصة لملمة شتات الليبيين/ات الذين مزقتهم سكاكين التشظي السياسي وحروب الوكالة، بين الدولة الغربية، التي حصدت أرواح شباب ليبيا ودمرت بنيان وحدتها كما جرفت السيول اليوم بيوت العائلات الليبية وهجرتهم.
الأسباب الظاهرية كارثية وهي حقيقية:
حُمكنا البشري يظل ظاهري وهو حقيقي بالنسبة لنا مهما أخفت عنا الحالة المرفوضة من مكاسب. وهنا يُذكر الكاتب بقصص سورة الكهف، خرق السفينة، قتل الولد، وبناء الجدار مع رفض الإطعام، التي ظاهرها مرفوض ونتائجها النهائية مقبولة بل ومطلوبة. وبخصوص كارثة العاصفة المطرية سيبدأ الكاتب بطرح السلبيات التي كانت وراء تفاقم العاصفة المطرية لتصبح كارثة فوق مستوى الإدراك بل وحتى التخيل، وتتلخص فيما يلي:
- تهاون واضح من المسؤولين على مستوى إدارة الشؤون المحلية والحكومة المركزية بشأن التحذيرات المتعددة والمتكررة بشأن صيانة السدين: سد أبومنصور وسد البلاد.
- حظر التجول الصادر عن جيش المنطقة الشرقية ساهم بشكل مباشر في الكارثة، ولا يستغرب الكاتب أن ذلك تصفية حسابات حرب 2014.
- الأداء الحكومي الضعيف والانشغال بتنفيذ أجندات لا تهم المواطن، زعزعة ثقة المواطن/ة في الحكومة لدرجة لم يأخذ التحذيرات الأخيرة محمل الجد.
- الانقسام السياسي الحكومي وانعكاساته السلبية بإهمال الشؤون الداخلية ومتابعة البنية التحتية المهترئة التي ورثناها عن النظام السابق.
- هروب الحكومة بانشغالات خارجية وصلت إلى مستوى محاولات التطبيع مع الحركة الصهيونية، مع احترام الكاتب ليهود ليبيا، وتحييد بوصلة عملهم عن الداخل وتوجيهها إلى سفريات ورحلات مكوكية بالخارج.
- عجز الحكومة الوطنية على التدخل فيما يحصل بالمنطقة الشرقية، وخاصة درنة، من إهمال وخاصة بعد تجاهل حفتر لطلب عميد بلدية درنة بإخلاء المواطنين، بل وأمرهم بالبقاء داخل مساكنهم.
- دور البعثة سيء لا يكترث بمصالح ليبيا وشعبها بل تتقاذفها صراعات دولية لا يهمها إلا مصالحها ولو كانت التكلفة تقسيم ليبيا.
دفع الله ما كان أعظم:
“اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إن شئت سهلا”
يقال بأن السهلة الأرض الرملية على شاطئ البحر، كما هي شواطئ درنة وسوسة، والبيضاء، وشحات والمرج، والحزنة الأرض الغليظة الجبلية كما هي جبالها.. ويرى الكاتب بأن العواصف المطرية بما لها من ملامح غليظة خارجية كارثية إلا أنها قد تكون الطريق إلى نتائج نفعية سهلة. وقد لا نستغرب بأن ليبيا حققت بعض المصالح من هذه الكارثة يمكن اقتراحها على النحو التالي:
- مخططي الخرائط السياسية الجديدة يعملون بجد واجتهاد على ضمان مصالحهم بتقسيم ليبيا ويوظفون القبلية، والمناطقية، والتنوع العرقي، وحتي المذهبية الدينية والسياسية، لفرض واقع يمسح ليبيا من خارطة العالم، وإنشاء دويلات كرتونية على أرضها، إلا أن الكارثة المطرية ستربك مخططاتهم والظروف ليست في صالحهم الآن، وعلى الشعب الليبي إعادة ترتيب صفوفه لإفشال مخططات التقسيم.
- بعد رواج مصطلح شرقي، وغربي، وجنوبي، اليوم التلاحم الجماهيري الذي صنعته الكارثة المطرية غيب هكذا مصطلحات هدامة تضعف ليبيا ووحدة ترابها.
- الكارثة المطرية حطمت كل الحواجز النفسية التي بناها عدوان 4 أبريل 2019م على العاصمة طرابلس، وما سببه من ركبة للحركة بين شرق وغرب ليبيا.
- إعلام اليوم لا يقبل منه إلا أن يقول ليبيا واحدة موحدة وسيرفض ويستهجن لو لمح باستعمال مصطلحات قبيلة أو جهوية.
الكارثة ومصلحة العدو:
وتستمر المؤامرة! مع أن الكارثة أفشلت مخططات التقسيم ولكن يرى الكاتب قد يغير العدو خطة لعبة السياسية.
ومخططات الانتقام من درنة على رأس أجندات التقسيم، فمن الجهل في حياتنا الدنيا أن نرتاح ونطمئن ونأمن جانب الشر. لذلك علينا أن نفرز من هم أعدائنا ومن يمكن أن تتلاقى مصالحنا مع مصالحهم. فتباين الأعداء تفرضه مصالحهم واليوم سنجد عدو يريد أن يملئ الفراغ الذي حصل بسكين من خارج الوطن، وخاصة بدرنة، إشعاع الثقافة والمدنية، وبتغيير ديموغرافيا المكان. وقد نبه إلى ذلك أحد سكان درنة بعدم ترك درنة ومغادرتها، ولعمري أنه لواعي ودارك للمخاطر التي قد تكون أكثر من الكارثة المطرية لو تركت درنة لغير أهلها.
تنبيه:
لا يستغرب الكاتب استغلال الظروف اليوم ودخول جهات أجنبية “السوس”، ولو كانت عربية، تحت مظلة الإغاثة للعبث بمصير ليبيا، ووحدة ترابها، وحكمها المدني الذي انتفض الشعب الليبي لأجله في 2011.
لك الله يا ليبيا:
اللهم أرحم شهدائنا وأشفى مرضنا وهون عليهم، والحمد لله على كل حال “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” صدق الله العظيم وصدق سيدنا المصطفى عندما قال: “عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خير له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له” فاللهم أجعل الكارثة خيرا على أهلنا في الشرق بصبرهم وعلى باقي أهلنا بالعمل على دعمهم والوقوف معهم وإفشال مخططات التقسيم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً