نجح حفتر وبشكل منقطع النظير في تحويل بنغازي إلى مدينة للدمار والكره والموت والأحقاد.
البلدوزرات مستمرة في هدم تاريخ بنغازي، لا يوقفها أحد، ولا أحد فيها يجرؤ أصلا حتى على مجرد السؤال ما الذي يحدث؟
لا أحد في بنغازي يستطيع حتى مجرد الهمس لصاحبه أو لمن بجانبه قائلا: من يهدم؟ ولصالح من؟ وماذا بعد الهدم؟ من أتى بهذه البلدوزرات؟ ما مصير آلاف العائلات التي ستهدم بيوتها الواقعة في رقعة كبيرة وواسعة، تُشكل الواجهة البحرية الرئيسية لبنغازي، وقبل ذلك تشكل هوية بنغازي البصرية ومعالمها التاريخية.
جميع من أيدوا حفتر في السابق لأسباب عدة أبرزها أنهم كانوا ينتقمون من خلاله من خصومهم لا يجرؤ أحد منهم الآن على الحديث، وهم الذين كانوا يملؤون دنيا المدينة ضجيجا خلال عامي 2012 و2013 ويوزعون تهم القتل على من يشاؤون لدواعٍ انتقامية، كانوا ينعقون ذات يوم: فلان يقتل، فلان يذبح، فلان يقطع الرؤوس، فلان يمارس الإرهاب، ولاحقا أصبحوا يصرخون ملء حناجرهم: بنغازي روحت، لكنهم الآن يشاهدون تاريخ مدينة بأكمله تهاجمه البلدوزرات بعنف لتحوله إلى ركام أمام أعينهم بعد أن ضربتهم الذلةُ معززةً بالخوف والرعب من شارع الزيت أوالزج بهم في معتقلات الإجرام في الكويفية وسي فرج وقرنادة، جميعهم انعقدت ألسنتهم وأصابهم البكم ودسوا رؤوسهم قي التراب، وفي أحسن الأحوال تحول بعضهم الى”تيس مستعار” يحاول تبرير الدمار الذي هدم بنغازي.
أهالي بنغازي ابتلعوا السكين بدمه ليمزق أحشاءهم وهم صامتون دون أن يجرؤوا حتى على مجرد الصراخ من الألم.
في السنوات الأولى للحرب في بنغازي ولمآرب عدة مختلفة صفق لحفتر”عيال لبلاد” أو الحضور – كما نسميهم إلا من رحم الله منهم – ودعموه إعلاميا أو سياسيا أو التزموا الصمت التام الذي هو علامة الرضا، رموا بنغازي تحت أقدام حفتر ليذبحها، أباحوها له لينتقم منها، والآن يعانون غصة القهر وذلّ الرعب، و والله لولا الحياء من أُسَرِهم لكتبت أسماء عدد منهم.
وبما أنه لا صوت فوق صوت آل حفتر في بنغازي وفي خضم ارتفاع أصوات البلدوزرات وآلات الهدم هناك، يواصل حفتر وأبناؤه الاستيلاء على منشآت عامة تابعة لمؤسسات الدولة وضمها إلى ممتلكاتهم ووضع عوائدها في جيوبهم، مثل منتزه بنغازي المعروف لدى أهالي المدينة بـ”البوسكو” وعلى قريتها السياحية، هذا بعد الاستيلاء على ميناء بنغازي ومطارها ومصلحة ضرائبها، وهذا الاستيلاء يتم بضم هذه المؤسسات والمنشآت إلى جهاز الاستثمار العسكري التابع لحفتر مباشرة أو إلى جهاز طارق بن زياد للخدمات والإنتاج التابع لمليشيا طارق بن زياد التي يقودها صدام حفتر.
ومازال الحبل على الجرار إلا أن توقف هذه الأسرة المجنونة عند حدها بإسقاطها سياسيا وشعبيا وتقديمها للمحاكمات عن كافة جرائمها التي ارتكبتها في حق ليبيا والليبيين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً