بالتأكيد الأزمة الليبية يسهم فيها عاملين أساسيين: أحدهما داخلي والأخر خارجي. وتظل الظروف الداخلية الأهم بالرغم من ضعف تأثيرها السياسي الذي يسهم فيه المجتمع الدولي بشكل أكثر فعالية. الوضع المتردي والتجهيل الذي عاشه الشعب الليبي خلال حقبة دكتاتورية الجماهيرية أزداد سوءًا عقب الإطاحة بالقبضة الأمنية والتي بانهيارها بات لها تداعياتها على الفوضى التي نعيشها اليوم. هذا التحول من قبضة أمنية تعُد وتحصي أنفاس المواطن/ة إلى انفلات تام بدون رقيب، بل وتدخل خارجي لجميع استخبارات العالم مما زاد الطين بلة وأفقدنا سيادة بلادنا وضاعت فيه كرامة المواطن/ة. ومع كل ذلك وذاك يظل عبأ الإصلاح والمصالحة على عاقتنا والحل بأيدينا لإنقاذ بلادنا من الأزمة التي تعيشها اليوم. فصناعة الاستقرار في ليبيا منا وبنا.
ليبيا اليوم:
الواضح في الشأن الليبي أن كل من يصل السلطة، وبدون استثناء، لا يريد تركها والتنازل عليها وربما لوجود بعض العناصر، المساعدة على الاستمرارية في السلطة والتشبث بها، والتي تتمثل في الأتي:
- وفرة الأموال مع قلة التعداد السكاني يُسهل إشغال الشعب الليبي وترويضه بافتعال الأزمات المساعدة على النهب وسرقة المال العام فانشغالات مؤسسات هرم الدولة لا ترقى لمستوى محافظة أو حتى بلدية ببعض الدول المجاورة.
- ميراث الكراهية الذي صنعه العداء الجماهيري للشعب بمقولات الكتاب الأخضر التي سمحت التعدي على حرمات وأموال الناس وأرزاقهم مما منح للكراهية فرصة للانفجار كدم وقيح وصديد بعد 2011 والانتقام والاقتصاص دون الرجوع للقانون الحاضر شكلياً والغائب ضمنياً.
- فتح مخازن السلاح في 2011 وانتشاره ساعد من يطلبون السلطة على الاستعانة بالتشكيلات المسلحة وبمن حملوا السلاح.
- انتشار القوى الأجنبية واستخباراتها على الأرض الليبية وانقسامهم وتضارب مصالحهم منح أصحاب السلطة فرصة الاستمرار إلى حين إشعار أخر.
- رخاوة البنية الاجتماعية وغياب البنية الفكرية والسياسية ساعد القوى الأجنبية على الاستعانة بعشاق السلطة على إشعال الحروب، وهم المستفيد الأول، بالرغم من أن الشعب الليبي هو الخاسر الأول.
ليبيا المستقبل:
مستقبل ليبيا يصنعه الفاعلين، والمشتتين اليوم، والمنقسمين بتأييدهم لبعض الأطراف ممن هم في السلطة أو خارجها وفي “المعارضة” .. هؤلاء عليهم جميعاً التجرد من انحيازهم لأحد وليجمعهم التصميم على أن يكون حل الأزمة الليبية منا وبنا، بدون الدخول في مواجهة مع أي طرف. يجب أن يتوافق الفاعلين على مواثيق مؤقتة تنظم الحياة الاجتماعية والسياسية والحكومية ببرنامج خدماتي وأمني، وبما يضمن الاستقرار والمصالحة إلى حين بناء المؤسسات العدلية القادرة على جبر الضرر وإرجاع المظالم لآهلها ومكافحة الفساد.
التركيز على بناء قوى شرطية قادرة على دعم تنفيذ القوانين، ومساعدة التشكيلات المسلحة على الانضمام إليها. والتركيز على الارتقاء بالجيش الليبي تكنولوجياً فمراقبة الحدود الليبية الطويلة وحمايتها يحتاج لتوظيف التكنولوجيا الحديثة.
بالدبلوماسية الحيادية تستطيع ليبيا أن تحول الصراع الدولي على أرضها إلى تنسيق وتوزيع مصالح بين الجميع وبدون الضرر أو المساس بمصالح ليبيا وتهديدها. ومع أهمية إشراك الدول المجاورة، بما تملك من أمكانيات بشرية وخبرات تنموية، في صناعة مستقبل ليبيا سيظل حل الأزمة الليبية منا وبنا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً