المقصود بالثقافة هنا، المحيط الذي يعيش فيه مواطنو دولة ما، وكل ما يحتويه هذا المحيط من قيم ومبادئ وتقاليد وأعراف وسلوكيات.
من هذا الفهم يمكن تعريف ثقافة الشيطنة على أنها الجانب السلبي والضار للثقافة في هذا المحيط، ففي هذا النوع من الثقافة يسود الأشخاص الذين يعملون على تشويه سمعة ومكانة خصومهم ومنافسيهم، بل وكل من يعتقدوا أنه قد يُسبب خطر على مصالحهم الشخصية، هذا النوع من الأشخاص تجدهم يحاولون نسب كل الأخطاء السائدة في مُحيطهم لمنافسيهم أو من يختلف معهم! وتجد همهم الأساسي إعاقة وإهانة كل من يُخالفهم والإساءة لهم واحتقارهم والاستخفاف بما يُنجزونه مهما كان مُفيدا وعظيماً!.
إن ثقافة الشيطنة تقوم على العديد من الركائز السلبية والضارة للجميع، لعل من أهمها: الكراهية، والحقد، والحسد، والجحود، والإقصاء، والتحريض، واستغلال الظروف، والاستخفاف بالآخر، والفجور في الخصومة.
وباختصار شديد، هي ثقافة حب التسلط، وضد النجاح وكره الناجحين، وهي مدرسة للفشل والفاشلين، ومن المؤسف إنها قد أصبحت الثقافة السائدة والأكثر انتشارا وشيوعاً بين النُخب السياسية وصُناع القرار في كل ربوع الوطن، هذه الأيام، تحت شعار “شرعية الأمر الواقع!!”.
فما العمل؟
لعله من البديهي أن يُدرك الجميع أن نتيجة الشيطنة هي خسارة الجميع، وعليه فقد آن الأوان أن نعمل على تخليص أنفسنا وشعبنا من هذا المرض السياسي الضار والخبيث، والذي زرعته بعض النخب السياسية المفلسة بيننا، وأن نعمل على أن نكون مواطنون فاعلون وإيجابيون، تجمعهم دولة ديمقراطية تعددية يعيش فيها كل الفرقاء أحرار متساوون، بغض النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم ولغاتهم وأفكارهم ومشاريعهم، ويسعون جميعاً لتأسيس وطن:
يُجمع لا يُفرق، ويُعلم لا يُجهل، وتُتاح فيه الفرصة لكل مُواطن أن يعيش سعيد ويشعر بالرضا الذي لن يحدده له أحد إلا هو.
وفي اعتقادي لكي يتحقق هذا الهدف السامي والنبيل لابد من:
أولا: أن نبدأ برفض رؤساء وأنصار وتجار ثقافة الشيطنة، وأن نُعرض عن كل من يُسوق للكراهية، وأن نستنكر كل من يدعو للإقصاء، وأن نتصدى لكل من يستخدم أساليب التحريض، وأن نُناهض كل من يلتجئ للفجور في الخصومة، وأن نترك كل من يدعو إلى احتقار واستخفاف ما يُنجزه ويقوم به الآخرون.
وثانيا: لابد أن تكون ثقافتنا السياسية الجديدة مُنطلقة من الخُلق الحسن في التعامل، والثقة بالنفس، والحكمة في القول، والشجاعة في مواجهة التحديات، والقدرة على الإنجاز والإدارة، وتكافؤ الفرص في العمل، والاختيار على أسس الكفاءة والجدارة، والاتصال والتواصل مع الآخرين مهما كانت الاختلافات، وفوق هذا وذاك احترام كل الاجتهادات والسعي لتأسيس دولة القانون والمؤسسات التي ثار من أجلها شعبنا المحروم، فهل يمكننا أن نُحقق ذلك؟!.
ادعو الله أن يتحقق ذلك في القريب العاجل.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً