فشلت الانتخابات لأنها صممت منذ البداية لئلا تكون، ولقد أوغلت المخابرات الاقليمية في وضع خطط لإفشالها وحبك مخرجاتها من أجل استمرار الأجسام السياسية المهترئة؛ وضعت القوانين المعيبة تحث قبة بيت العثل في القبة، ودُفع بها للمفوضية التي اعتقدت أن بقاء إدارتها العليا رهين وجود الديناصورات التي لا تريد أن تنقرض؛ مجلس النواب ومجلس الدولة فتماهى معهما، وكانت النتيجة “فشل بالجلاجل” كما يقول جراننا المصريين.
من نافلة القول أن مجلس النواب لم يسدل الستار عن الظهور من باب الحياء أمام اثنان ونصف مليون ليبي سجل أسمائهم للانتخابات وخاب ضنهم من التصرفات المقيتة لخلق البلبلة وإيقاف الانتخابات مثل إدخال القضاء في المعمعة وإعطاء اشارات للمفوضية بالقوة القاهرة ورفض اعلان القائمة النهائية للمترشحين، بل عقد اجتماعات وشكل لجان لوضع خريطة طريق مفادها العودة إلى ما قبل 2018م؛ والتي تتلخص في الاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية، وهو تمديد لعمر هذا الجسم الميت سريريا، واستمرار النهب لهؤلاء النواب الذين تلقى كل منهم ما يزيد عن مليون دينار بلا فائدة تذكر سوى حبك الدسائس وإطالة عمر الفوضى.
كالعادة يقوم مجلس النواب بوضع كل اللوم وأسباب الفشل على المفوضية، وهو محق لأن المفوضية جزء من المشكلة أكثر من أن تكون جزء من الحل بعد أن وافقت على قوانين معيبة وعدم وجود قاعدة دستورية للانتخابات. وفي معرض إحاطة المفوضية لمجلس النواب تحولت الجلسة إلى مسائلة على غرار مسائلة الوزارات في العهد السابق، وتوجيه الأنظار إلى إستهجان تعاون المفوضية وإجتماعاتها مع سفراء الدول ومنهم السفير الأمريكي، والزعم أن الليبيين قادرين على حل مشاكلهم!!! وهو نوع من الهراء؛ ألم يجتمع عقيلة مع أبوسهمين في مالطا وعقيلة والسويحلي في روما، وعقيلة والمشري في المغرب، وكذلك السراج وحفتر ثلاثة مرات في باريس وابوظبي والرجمة وحفتر والدبيبة في بنغازي وكل ذلك باء بالفشل.
الغريب في الامر كلما كان مجلس النواب في حالة تخبط وسقوط كان مجلس الدولة هو المنقذ والمخرج من الأزمة، فبعد تشكيل قوة الشروق لتحرير المواني كان مجلس الدولة المعارض، وبعد حرب طرابلس ودحر حفتر ومن ورائه المشرعن له مجلس النواب، عقد مجلس الدولة محادثات بوزنيقة وتونس لإقتسام السلطة، واليوم يستعد رئيس مجلس الدولة للقاء حفتر وعقيلة والاتفاق على حكومة جديدة، نعم “من السياسة ما هو حقير”. هذا التصرف اللاعقلاني يضع مجلس الدولة في صف التآمر على الشعب وفي سلة واحدة مع مجلس النواب المخجل.
الدستور كان هناك منذ 2017م وقبله ثلاث سنوات ولم ينجز لأسباب جوهرية، وهو لن يتم تغييره بالأجسام السياسية الحالية، واستمرار هذه الاجسام عبث، والتعويل على قياداتها للخروج من المأزق المدعوم منهم مستحيل، كمن يتوقع رجوع اللبن إلى ضرع أمه أو مرور الجمل من عين الابرة، كما قال الله تعالي ” حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ “.
ما يريده الليبيون بسيط وفاعل: قاعدة دستورية مؤقته وقانون انتخابي عادل وشفاف، والذهاب فورا إلى الانتخابات البرلمانية، وسيقوم البرلمان القادم بإستكمال تعديلات الدستور والاستفتاء علية للوصول الى وضع الاستقرار الدائم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً