ؤشرات إعلان الحرب، من قبل داعمي مجرم الحرب الداعشي حفتر، يلوح بها من حين لأخر بسبب جملة من المعطيات والأحداث على الأرض، سنذكرها لاحقا، ولكن وبعيداً عن التشاؤم هل نستطيع التفاؤل والاقتباس من السيد باراك أوباما الرئيس السابق لأمريكا في مذكراته الأخيرة بعنوان “أرض المعياد”، والتي سيستأنس بها الكاتب في مقالته، بأن وقف الحرب يحتاج “لمؤسسات جديدة تسمح لنا بأن نكون شاملين للجميع ولكن مع الاستجابة لاحتياجات الناس اليومية أيضاَ” يأتي السلام ورفض الحرب على رأس قائمة احتياجات الشعب الليبي الذي كفر، بجميع المؤسسات التشريعية والتنفيذية الحالية، وبأن تستمر أرضه ساحة للصراع الدولي وشبابه حطب ووقود لحرب، لا ناقة له فيها ولا جمل، وموارده المالية مصروفة بالمليارات على هذه الحروب الملعونة وذريعة للخونة لسرقة ما تبقى من أرصدة.
عرابي الحرب ضد الشعب الليبي:
مجرم الحرب الداعشي حفتر ومن يقف وراءه من عصابات الشرق الأوسط والأيادي الممدودة لهم من روسيا وفرنسا لا يرقبوا إلا ولا ذمة في دماء الشعب الليبي وحرماته ويرضوننا بأفواههم بكلمات جوفاء عن حقوق الإنسان واستقرار الوضع في ليبيا، ومعهم المراوغ المخادع المتخفي وراء شرعية البرلمان الباهتة عقيلة صالح ومن معه يعيشون لتحقيق رغبات ولذات دونية تلتصق بالأرض وتنزل بكرامتهم إلى الاراضين السبع. لا يوجد بقاموسهم البهيمي أي مصطلحات “حاجات الناس اليومية” كما يذكرها الرئيس الأسبق الديمقراطي باراك أوباما.
أين مؤشرات الحرب في ليبيا؟
يذكر الكاتب والمحلل السياسي د. محمد بويصير بأن الحرب قادمة لا محالة وستثبت لنا الأيام في المستقبل صدق تنبؤاته.. وربما يرجح ذلك إلى:
- ما يتفق فيه الكاتب مع المحلل السياسي د. بويصير هو أن عرابي الحرب في ليبيا يمتثلون بكامل انضباطهم لأسيادهم ولو بجرجرة البلاد لصدام حربي لتحقيق مكاسب سياسية لو شعروا بأن خسارتهم باتت محتومة فروسيا لم تعد تضمن بقائها وفرنسا انخفض سقف مكاسبها وإسرائيل الديمقراطية قد تقض مضجعها “الأمني”، يرى الكاتب سيكون الغرض من الحرب هو الحصول على مكاسب أكبر على طاولة المفاوضات.
- الدولة العظمى الولايات المتحدة الأمريكية منشغلة باستلام وتسليم السلطة وترى بأنها قامت بواجبها تجاه المنطقة التي تقع في محيطها ليبيا وبالشكل الاتي:
- سمحت لتركيا، أردوغان الذي قال فيه أوباما: “تكون لدي إنطباع قوي بأن إلتزامه بالديمقراطية وسيادة القانون قد يستمر بشرط أن يحافظ على سلطته”، أن تتدخل في ليبيا لمواجهة روسيا ولتلعب دورا فاعلا في شمال أفريقيا. فلها من الإمكانيات الاقتصادية والصناعات العسكرية ما يمكنها من لعب دور لحساب أمريكا في وأفريقيا زد على ذلك علاقاتها والمصالح الاقتصادية المشتركة مع إسرائيل وروسيا بوتن الذي قال عنه أوباما: “ذكرني بوتين في واقع الأمر بنوعية رجال كانوا يديرون شيكاغو، هم شخصيات صارمة تتمع بدهاء لا تأبه بالعاطفة، يعرفون ما يعرفونه، لم يبتعدوا عن تجاربهم الضيقة، كانوا يعتبرون المحسوبية والرشوة والابتزاز والاحتيال وأحداث العنف المتفرقة أدوات شرعية للتجارة.. مثل حاكم مقاطعة ، ولكن لديه أسلحة نووية وحقالفيتو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
- اعترفت بالقدس الشرقية عاصمة لإسرائيل لتلعب الدور الذي المطلوب منها والذي يناسبها في أفريقيا وتوظيف تغلغل علاقاتها مع العديد من الدول الأفريقية. فمن خلال مشاريع تنموية في الزراعة وإدارة المياه والصحة والتعليم كان تدخل إسرائيل في كينيا وأوغندا والكاميرون وامتدت إلى أثيوبيا بمشاريع زراعة قصب السكر وتصنيعه وروندا لتنقية مياه الشرب، إلى جنوب أفريقيا واليوم تغلغلت في دولة جنوب السودان بالزراعة والطاقة الشمية وتحسين العلاقات مع تشاد ودولة شمال السودان تغلغلت
- اعترفت إدارة ترامب، بالأحرى أمريكا تحديداً، بسيادة المملكة المغربية على الجمهورية الصحراوية ، التي عززت علاقاتها مع أفريقيا بعد رجوعها للاتحاد الأفريقي وانضمامها للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، لتمارس دورها في غرب افريقيا والذي هو طبيعي وضمن مجالها الحيوي وتلعب دورها بما يخدم مصالحها ومصالح أمريكا والتخفيف من مخاوف تمدد الصين.
صدقت تكهنات الدكتاتور القذافي أمريكا منشغلة بالصين:
أكبر ما يقلق أمريكا التغلغل الناعم للصين في أمريكا وقد عبر عنه القذافي في 16 مايو 2007 بمحاضرة مع جامعة أوكسفود :” فأمريكا الآن داخلة إفريقيا مدخلاً خشناً ، داخلة مصحوبة بالعسكر، بالسلاح ، بالقواعد العسكرية ، تبحث عن قواعد عسكرية في إفريقيا، عن قيادة عسكرية أمريكية في إفريقيا.. تتذرع بحقوق الإنسان التي لا تعيرها أي اهتمام في بلادها أو في البلاد الأخرى .. تتكلم عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية.. وتتكلم عما يُسمى بالحكم الرشيد، مع أنه لا يوجد هناك رشيد .. الصين داخلة مدخلاً ليناً .. الصين لا تسأل الدول الإفريقية عن نظام الحكم فيها ، ولا عن حقوق الإنسان، ولا عن حرية التعبير أو حرية الصحافة ، أو ما إليه. والصين لا تدخل بعسكر أو بقواعد عسكرية أو بقيادة عسكرية .. فالمدخل الصيني مدخل ليّن ، حيث تتغلغل الآن أكثر من (600) شركة صينية في إفريقيا، بل هناك جاليات استيطانية صينية بدأت تتواجد في إفريقيا”.
كلام القذافي واضح وجلي ولا يحتاج لتفسير وبالتأكيد انزعجت منه أمريكا فباركت انتفاضة الشعب الليبي عليه فبراير في 2011 ولكن كيف للشعب الليبي أن يوظف اليوم هذه الحقائق: أمريكا، وبعد الاتحاد الأوروبي، أنتهى الصراع مع الاتحاد السوفيتي (روسيا اليوم) في أوروبا وانحصر في جيب ضيقة باحتلال روسيا جزيرة القرم واستمرار مناوشاتها مع أوكرانيا، ومع انحسار نفوذها في مجالاها الحيوي الأوروبي تحاول أن تضع لها موطأ قدم لها في أفريقيا مستدعية عنفوان الاتحاد في الماضي وصراعه مع أمريكا ومحاولاته في الوصول إلى أفريقيا، فالعداء تجاه الصين تكشف عنه الصين باتهام المخابرات الأمريكية بنشر فيروس كورونا في ووهان ومحاولات ترامب شراء شركة أمصال ولقاح ألمانية بمبلغ خيالي، إضافة إلى الشكوك في كثير من الباحثين الصينين الذين غادروا أمريكا بتهم التجسس، وهناك استهداف لفريق الإدارة الأمريكية المقبلة للسيد جو بايدن. ويظل السؤال ماذا علينا أن نفعل اليوم كشعب ليبي يطمح في بناء دولة مدنية ديمقراطية ؟ والاجابة المطلوبة هي استيعاب ما يحدث اليوم لنعرف ما يجب أن يحصل غداَ ونعمل بجد واجتهاد على تحقيقه أو المساعدة على ذلك.
أين محل ستيفاني من أعراب جملة السياسة في ليبيا؟
جاء تعيين الدبلوماسي البلغاري نيكولاي مالادينوف، لينهي دور السيدة ستيفاني ويليمز في ليبيا، وهو الذي شغل منصب مبعوث الشرق الأوسط مند 2015 وعمل خلال فترة التوتر بين غزة وإسرائيل والمباحثات مع مصر خلال فترة التوتر بين اسرائيل وحماس. وبعد الفشل في الوصول إلى آلية لاختيار شاغلي المجلس الرئاسي والحكومة فهي مازالت ستيفاني مستمرة مع أعضاء ملتقى الحوار السياسي لفترة مع تأكيدها المباشرة في خارطة الطريق التي وضعها الملتقى وعلى تشكيل حكومة تنفيذية وإجراء انتخابات العام القادم ديسمبر 2021 م في وقتها بالرغم من أنها مغادرة للمشهد قبل نهاية السنة!.
الواضح تشبت ستيفاني بتنفيذ خطتها محاولة لإرضاء نفسها ولوجهة نظر تسعى لتمكين الفشلة من أنصار “زريبة الجماهيرية” التي بطريقة أو أخرى سمحت بها الإدارة الأمريكية نظير محاولة إرضاء روسيا بشكل ضمانات اقتصادية معهم وابعادها عن تموضعها في ليبيا لحين أشعار أخر، إلا هذه الفكرة وبعد تمكين تركيا ربما لم تعد تراها الإدارة الأمريكية اليوم تخدم سياستها المركزة على تقليم اظافر الصين الناعمة في أفريقيا.
ماذا علينا فعله؟
على الشعب الليبي أن يعي مع أن هناك مراكز تفكير أمريكية تنصح الإدارة الأمريكية بالبعد عن فكرة شرطي العالم ومشاركة روسيا والصين في إدارة سياسة واقتصاد العالم إلا أنه من الواضح بعد إلتحام الاتحاد الأوروبي يأتي الدورعلى أهمية أفريقيا بحيث تحد أمريكا من نشاط الصين مستعينة بالقوة الاقتصادية لدولتين حليفتين إسرائيل والمغرب ودولة ثالثة عندها قوة اقتصادية وصناعة عسكرية تركيا لتبعد أي تموضع لروسيا وبهذا تصل لأهدافها بأقل التكاليف وقد تكون أقصر الطرق.
لذلك على الساسة في ليبيا الدعوة لحكومة تنفيذية بأوجه جديدة تشمل الجميع، ولا يعني المحاصصة، تعمل على توفير الخدمات والأمن وتعزيز التعاون والشراكة الاقتصادية والأمنية مع جمهورية تركيا، وتحسين علاقتها مع المغرب والحياد مع إسرائيل وليقتدوا بكلام الرئيس السابق لأمريكا حيث ذكرفي مقابلة خاصة مع المذيع والمؤرخ ديفيد أولوسوغا مع السيد باراك أوباما وهو يناقش مذكراته بعنوان: “أرض المعياد” يصرح فيها أوباما عن إيمانه بفكرة : “إذا كنا مثابرين ومتفائلين يمكننا أن نجعل الأمور أفضل. إن لم يكن من أجل أنفسنا، فمن أجل المستقبل بالتأكيد”.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً