ليبيا بمساحاتها الشاسعة، وتناثر سكانها، وتعدد أعراقها، وتنوع مواردها الطبيعية وخاصة الطاقوية الناضبة نفط، غاز، والمتجددة شمس ورياح ومد وجزر بالخلجان وتموضعها الجيوسياسي ما بين مصادر الثروات والعمالة الرخيصة وبين الماكينة الأوربية الصناعية، يجعل منها ما يُسيل لعاب الدول النهمة لمد نفودها وتكاثر ثرواتها.
بمعنى أدق وأكثر صراحة ليبيا تقف عند أبوابها العديد من الدول، بل تسللت العديد منها، وتنتظر فرصة التدخل واستقطاع أكبر مساحة لها في هذه الدولة المترامية الأطراف والخالية من السكان، وبات المجتمع الدولي اليوم يقنن تدخله باستخدام مصطلحات: الاستدعاءات، فض النزاع، الاتفاقيات، وحماية المصالح. فنسمع عن الكثير من التصريحات اليوم دول تبعد عنا آلاف الأميال تتكلم عن حماية مصالحها في ليبيا! نعم فليبيا تتوسط وتربط أربع قارات مهم: أفريقيا وأوروبا وأسيا والأمريكيتين.
المجلس الرئاسي خطوة في الاتجاه الصحيح
بعد إعلان مجلس النواب، المخالف للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية بيومين يرد المجلس الرئاسي يوم الخميس الموافق 23 سبتمبر 2021م ببيان يتلخص في أربعة نقاط رئيسة:
- دعا المجلس حكومة دبيبة للاستمرار في عملها والعمل على تحريك جميع مؤسسات الدولة والحرص على توفير حاجيات الشعب الضرورية
- وطالب البرلمان بـ “تحمل مسؤولياته الوطنية والقانونية، لإنجاز التشريعات المطلوبة للعملية الانتخابية
- وأكد المجلس على التزام جميع الأطراف بعدم التصعيد والحد من أي توثر شعبي
- دعا البعثة الأممية لتقديم الدعم لتنفيذ خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها
ويستند المجلس الرئاسي في بيانه، إضافة إلى مخالفة الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، إلى مرتكزين أساسيين:
- تصريح البعثة الأممية برفض سحب الثقة من حكومة دبيبة والالتزام بالتحضير للانتخابات القادمة في 24 ديسمبر
- رفض السيد ريتشارد نورلاند سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى ليبيا قرار البرلمان سحب الثقة وأكد على ضرورة الاستمرارية في التحضير للانتخابات
الرفض الشعبي لقرار البرلمان وتأييد المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة
المُخزي أن عقيلة وحفتر لا يملكان قرارهما بأيديهما بل هم مجرد عرائس تتقاذفها وتتجاذبها قوى إقليمية ودولية فتحركها لتساوى بعثها، ولو بالحرب، فيما قد يذر عليها بمصالح لا تستطيع دبلوماسيتها المشاركة مع بقية الدول في توزيع الاسهام في بناء شراكة حقيقة مع دولة ليبيا.
الكثير من مؤسسات المجتمع المدني وعدد من الأحزاب والبلديات وهيئات برقاوية، ممثلة في شيوخ وأعيان، وكذلك دار الإفتاء تتمسك بحكومة الوحدة الوطنية والاستمرار في التحضير للانتخابات والالتزام بخارطة الطريق، بل وصل الأمر إلى الدعوة لإسقاط البرلمان بعد أن طفح كيل الرعونة التي يمارسها العجوزين: عقيلة وحفتر مسلوبي الإرادة والضمير.
كلمة أخيرة:
على السيد رئيس الحكومة مواصلة مشواره في تقديم الخدمات للشعب الليبي وعدم الالتفات لتفاهات العجوزين (حفتر وعقيلة) فهما لا يُجيدان إلا المقالب الخبيثة وتعويق مسيرة بناء السلام والدولة المدنية الديمقراطية، بل لا يستطيعان الاستمرار وتمديد تدخلهما إلا بالحرب وزعزعة الاستقرار.
وعلى الدبلوماسية الليبية أن تكثف من مد جسور التعاون والشراكة مع جميع الدول، إقليمية ودولية، المتدخلة في الشأن الليبي، والعمل على سحب البساط من الدول المستثمرة في العجوزين رافضي التقاعد!.
وعلى الشعب الليبي من إمساعد إلى رأس جدير إلى غات والقطرون الوعي بأن أي حرب سيكون وقودها الكثير من شباب ليبيا، ولو تم الاستعانة بالمرتزقة، وستؤدي لهدر أموال تقتص من ميزانية التنمية المستدامة لليبيا وشعبها.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً