ذكرت مصادر صحفية تونسية أن جمعية لمناهضة “المد الشيعي” في تونس قد رأت النور مؤخرا٬ وتهدف إلى “الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية السنية المالكية لتونس”.
وأفادت يومية “الصباح” المستقلة في عددها الصادر الثلاثاء٬ أن الجمعية تحمل إسم ” الرابطة التونسية لمناهضة المد الشيعي في تونس” وأسسها المحامي التونسي٬ أحمد بن حسانة مع مجموعة من مواطنيه.
وتزامن الاعلان عن تأسيس الرابطة مع الزيارة التي يقوم بها منذ الاثنين وزير الخارجية الإيراني٬ علي أكبر صالحي، وتنظيم تظاهرة ثقافية إيرانية بالعاصمة التونسية.
ونقلت الصحيفة التونسية عن مؤسس الرابطة قوله إن هذه الأخيرة هي جمعية ثقافية “تناضل من أجل الدفاع عن هوية تونس وتسهم في التصدي لكل تدخل أجنبي في عقيدة الشعب التونسي بشكل حضاري ينبذ العنف والتطرف ويقوم على احترام سيادة القانون”.
وأشار حسانة إلى ما ينسب لإيران من عمل على “نشر التشيع الجعفري في البلدان العربية السنية ومنها تونس عبر مخطط يقوم على رصد الأموال وتجنيد الأشخاص”٬ معربا عن اعتقاده بأن هذا المخطط يهدف إلى “تكوين خلايا نائمة ذات ولاء لإيران ولمراجع شيعية٬ تشتغل حسب أجندات عنصرية تنشرها في الدول السنية بغية تحريكها متى أرادت للضغط على الأنظمة”٬ حسبما قال.
وحسب المحامي التونسي فإن هناك عددا من التونسيين الذين اعتنقوا حديثا هذا المذهب الشيعي يعملون على نشر هذه “العقيدة الدخيلة” عبر عدد من الوسائل منها تكوين جمعيات “في ظاهرها ثقافية وفي باطنها عقائدية وتوزيع الكتب لهذا الغرض”.
ورغم عدم توفر إحصاءات دقيقة فإن المؤرخين يقدرون عدد الذين يعتنقون المذهب الشيعي بحوالي 500 شخص يتوزعون على العاصمة تونس ومدن الجنوب التونسي مثل قابس والمهدية.
وأسس الشيعة في تونس ثلاث “جمعيات ثقافية” خلال الفترة الأخيرة مستفيدين من مناخ الحرية الذي تعيشه تونس منذ ثورة 14 يناير/كانون الثاني التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي.
ونقلا عن أبرز رموز التشيّع في تونس، الدكتور محمد التيجاني السماوي في تصريحات لـوكالة “إباء” الشيعية للأنباء أن “عدد الملتحقين بالمذهب الشيعي في تونس يُعدّون بالآلاف”.
ويقول السماوي وهو من محافظة “قفصة” الجنوبية وزار المراجع الشيعية في إيران سابقا متحدثا عن شيعة تونس إنّ” السلطة تترك لهم حرية العقيدة، كما إنهم لا يتدخلون في الشأن السياسي، ويتابع: “لايوجد في تونس أي تعصب سياسي أو ديني، لأن الدولة أعطت الحرية لكل إنسان بأن يكن شيعيا أو سنيا أو حتى شيوعيّا”.
ولا يبدو الرقم الذي قدّمه السماوي قابلا للتصديق، لكن الشيعة في تونس منتشرون في كافة محافظات البلاد تقريبا و لا يخفي غالبيتهم تشيعه أو “استبصاره” و يؤكدون أنهم يتمتعون بالحرية في اعتناق هذا المذهب.
ويجمع المؤرخون على أن المذهب الشيعي عرفته تونس مع تأسيس الدولة الفاطمية سنة 899م “ثم جاء تأسيس المهدية (تقع مدينة المهدية على بعد 250 كلم جنوب شرق العاصمة تونس) سنة 910م على يد عبيد الله المهدي حين انطلقت أساطيله وجيوشه لبسط نفوذها على كل بلاد المغرب وجزر المتوسط وغدت المهدية العاصمة السياسية والاقتصادية والثقافية لبلاد المغرب قاطبة، على حد قول أستاذ الحضارة في الجامعة التونسية ناجي جلول.
غير أن المؤرخين يؤكدون على أن ظاهرة “التشيع” في المجتمع التونسي تنامت مع بداية الثورة الإيرانية وتأثير حزب الله اللبناني عبر قناة “المنار” الفضائية.
وبرأي أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية محمد ضيف الله فإن “نظام بن علي ربط علاقات اقتصادية وثقافية متينة مع النظام الإيراني، حتى بلغ التبادل التجاري 120 مليون دولار وتكثفت زيارات رجال الثقافة والدين الإيرانيين إلى تونس، وللمحافظة على متانة تلك العلاقات تغاضى النظام القائم عن الغزو الشيعي”.
وكان من نتائج العلاقة المتينة بين نظام بن علي وطهران أن تأسست أول جمعية شيعية تونسية في أكتوبر 2003 وهي “جمعية أهل البيت الثقافية” التي تتبع المذهب الإثني عشري السائد في إيران، وقد طرحت على نفسها “المساهمة في إحياء مدرسة آل البيت ونشر ثقافتهم”.
ويؤكد ضيف الله أن “التشيع وجد في تونس في عهد بن علي مجالا للنشاط دون أي مضايقة أو اعتراض، خاصة أن الإسلاميين السنيين وهم الطرف المؤهل أكثر من غيرهم لمناقشة الشيعة والسجال معهم، كانوا ملاحقين وممنوعين من الكلام”
وقال شاكر الشرفي الذي اشتعل سابقا بدائرة الشؤون الثقافية التابعة لسفارة جمهورية إيران الإسلامية بتونس في مقابلة “لا أعتقد أن عدد الشيعة في تونس بلغ اليوم الآلاف كما يدّعي البعض، ولكنهم في ازدياد مستمرّ و قد يبلغون الآلاف بسرعة، لا توجد إحصاءات موثوق فيها يمكن الاستناد إليها”.
وصنّفت عدة تقارير إعلامية ومقالات نشرت عبر صحف ومواقع الكترونية تونس من البلدان التي تشهد “حركة تشييع” سريعة وواضحة المعالم. إلا أن تلك التقارير والتحذيرات لم تجد لها آذانا صاغية لدى كلّ من الإعلام الرسمي والخطاب الحكومي اللذان يؤكدان باستمرار أنّ الدولة لا تتدخّل في معتقدات وأديان المواطنين التونسيين المعروفين بتسامحهم واعتدالهم.
إلا أنّ ذلك الصمت أو التجاهل لو صحّ التعبير يخفي صراعا يدار في الخفاء بين المذهبين السنّي والشيعي ويمكن ملاحظته بجلاء عبر الشبكة العنكبوتية وخصوصا عبر شبكة “الفايسبوك” الشهيرة، حيث توجّه الاتهامات باستمرار إلى دور “مشبوه” للسفارة الإيرانية بتونس على حدّ تعبير عدد من المشاركين في تلك النقاشات”المذهبية” التي تدور رحاها بين سنة و شيعة لا يربط بينهم غير الجنسية التونسية المُشتركة، وما دون ذلك يبدو الاختلاف عميقا وحادا في أحيان عدّة.
وكانت طهران هنأت الاسلاميين في حزب النهضة اثر فوزهم في انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر.
وفي شباط/فبراير 2011، اعتبر المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران اية الله علي خامنئي ان الثورات في تونس ومصر “دليل على النهضة الاسلامية”.
وسبق وان اثنى الغنوشى على الديمقراطية الايرانية واصفا ايها بالنزيهة والسباقة بالمننطقة وقال “لا احد طعن ببنزاهتها” لحد الان.
ويرى مراقبون ان تقرب حكومة النهضة من النظام الدينية المتشدد في ايران محاولة للاستقاواء ولربط مصالحها مع مصالح دولة دينية على الرغم من الخلاف العقائدي بينهما
وتدعم تونس العضو في مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية حقّ الجمهورية الإسلامية في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية.
ويضلّ موقف الشيعة من الأحداث في تونس ضبابيا للغاية وسط اتهامات بالجملة تكال لهم حول ولائهم لإيران على غرار شيعة الخليج كما يقول شاكر الشرفي الذي عمل سابقا بدائرة الشؤون الثقافية للسفارة الإيرانية بتونس ويتخوّف من أن “يأتي يوم ويصبح شيعة تونس ورقة ضغط في أيدي الإيرانيين كما يحصل في لبنان و العراق”.
اترك تعليقاً