شهدت الليرة التركية، اليوم الاثنين، تراجعاً في سعره، وسط توقعات بضربة جديدة قد يتعرض لها الاقتصاد في البلاد.
وتراجعت الليرة التركية بنحو 2.3%، مسجلة هبوطاً في عشر جلسات من الإحدى عشرة جلسة الأخيرة، بعد سلسلة من المكاسب المتواصلة منذ نوفمبر الماضي، رغم تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد، بينما توقع بنك استثمار عالمي تعرض الاقتصاد التركي لضربة جديدة بعد فترة من الازدهار، بحسب ما أفاد موقع “العربي الجديد”.
ووصل سعر الدولار الأميركي خلال التعاملات إلى 7.67 ليرات، بعدما لامس 7.71 ليرات في وقت سابق من الجلسة، لتسجل العملة التركية أدنى مستوى لها منذ بداية العام الجاري، 2021. وكانت الليرة قد قفزت بنحو 20% منذ نوفمبر الماضي، لكنها تخلت عن نصف هذه المكاسب في الأسبوعين الأخيرين.
وتوقع بنكا “سيتي غروب” و”جيه بي مورغان”، أن يرفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة، الأسبوع القادم، بين 0.5% و1% لتحقيق الاستقرار في العملة ومعالجة التضخم، الذي تجاوز 15% في فبراير الماضي.
من جانبه قال ناجي إقبال، محافظ البنك المركزي الجمعة الماضية: “سنتخذ خطوات حاسمة من أجل استقرار معدل التضخم”.
يأتي ذلك بعد أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة إلى 17% في ديسمبر، الأمر الذي ساهم في دعم استقرار العملة الوطنية.
وبالنسبة لتركيا، التي لا تنتج تقريبا أيا من احتياجاتها من الطاقة وتعتمد على استيرادها، فإن انخفاض الليرة يرفع كلفة الواردات.
وقفزت أسعار النفط، اليوم، بعد الهجمات التي استهدفت منشآت النفط الرئيسية في السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، وهزت أسواق الطاقة التي تأثرت بالفعل بسبب قرار منتجي النفط، الأسبوع الماضي، بعدم زيادة الإنتاج.
وتجاوز سعر خام برنت 70 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ أكثر من عام، كما ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط، الخام الأميركي القياسي، إلى أكثر من 67 دولاراً للبرميل.
يُشار إلى أن تركيا تعتمد في دعم الاستقرار النقدي على رؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة في الكثير من الأصول، لكن مع وصول عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات لأعلى مستوياتها في عام أخيرا، فإن ذلك يساهم في سحب الأموال من الأسواق الناشئة ومنها تركيا، وفق بنوك استثمار دولية.
وخفض بنك الاستثمار الأميركي “مورغان ستانلي”، اليوم، نظرته المستقبلية لعملات وسندات الأسواق الناشئة للمرة الثانية خلال أسبوعين، متوقعا في مذكرة لعملائه أن تنخفض العملات بين 4% و5%، وشجع مستثمري السندات على التحول إلى أدوات الدين الأكثر أمانا في الدرجة الجديرة بالاستثمار.
ورغم النمو القوي للاقتصاد التركي، إلا أن التقلبات الحادة في سعر الليرة أمام العملات الأجنبية تعد من الأمور الأكثر إزعاجاً للمستثمرين، خاصة الذين يتوجهون للاستثمار في أصول عقارية.
وعلى عكس الكثير من الاقتصادات الكبرى، حققت تركيا نمواً اقتصادياً عام 2020، الذي شهد تفشياً لجائحة كورونا في العالم وتسببت في إغلاقات واسعة وبانكماش لمعظم الدول.
وحلت تركيا في المركز الثاني بعد الصين في قائمة الدول الأكثر نمواً ضمن “مجموعة العشرين”، حيث كشفت هيئة الإحصاء التركية، يوم الإثنين الماضي، أن اقتصاد البلد نما بنسبة 5.9% خلال الربع الأخير من 2020. وخلال الفترة نفسها، انكمش اقتصاد الاتحاد الأوروبي 4.8% ومنطقة اليورو 5%، كما انكمش الاقتصاد الأميركي 2.5%.
ورغم هذه المؤشرات، رأى تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين العالميين في بنك الاستثمار “رينيسانس كابيتال”، ومقره لندن، أن الأمر لن يستمر على حاله، وفق مقابلة أجرتها معه وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية.
وفي عام 2018، انهارت الليرة التركية، وحالياً يتوقع روبرتسون تكرار هذه الدورة في غضون العامين المقبلين، حيث أصبحت الليرة التركية العملة الأفضل أداءً، بفضل ارتفاع قيمة الأصول التركية، منذ إحداث تغييرات في البنك المركزي ووزارة المالية بالبلاد في نوفمبر 2020.
ويتشكك روبرتسون في عدم تدخل الرئيس رجب طيب أردوغان في عمل البنك المركزي التركي، متوقعا خفض أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام الجاري مجدداً.
وقال: “أفترض أنه بحلول ديسمبر سنشهد ضغوطاً من أردوغان لخفض أسعار الفائدة.. وسنكون في بداية فقدان السوق الثقة مرة أخرى في مصداقية البنك المركزي”.
وأضاف: “بالنسبة لمستثمري السندات، أعتقد أنها كانت تجارة رائجة منذ نوفمبر2020، لأنك استثمرت أموالك هناك لبضعة أشهر. إنه يشبه إلى حد ما شراء العملة المشفرة بيتكوين، خلال بضعة أشهر تحقق عائداً لائقاً، وتخرج من السوق، لأنه لا يمكنك أن تثق بهذا القدر على المدى الطويل. أعتقد أن سندات الليرة التركية ذات قيمة جيدة حالياً، لكنني سأبيعها ربما في النصف الأول من العام المقبل. السؤال الذي سأطرحه في النصف الثاني من هذا العام: متى أبيع؟”.
لكن الرئيس التركي أكد في كلمة ألقاها خلال مشاركته عبر تقنية الفيديو كونفرانس في قمة البوسفور الحادية عشرة التي تنظمها منصة التعاون الدولي، اليوم، أن بلاده شهدت خلال الآونة الأخيرة تزايداً في تدفقات رأس المال الدولي، مشددا على أن الاستثمار الذي لا يعود بالنفع على المجتمع ولا يتحول إلى قيمة مضافة ولا يفيد التنمية هو استثمار غير مكتمل.
وأضاف أن تركيا واحدة من الدول القليلة التي تجاوزت العام الأول من جائحة كورونا بأقل الخسائر بفضل السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبعها، مشيرا إلى أنه “بفضل متانة البنية التحتية لقطاع الصحة، تمكّنّا من تقديم كافة الخدمات الطبية لمواطنينا مجانا خلال فترة الجائحة”.
وأشار إلى أن حكومته دعمت القطاعات الإنتاجية والمواطنين بـ311 مليار ليرة (41.5 مليار دولار)، مؤكدا أن الجائحة أثرت سلبا على التجارة والسياحة والسياسة والحياة الاجتماعية وأن أرقام النمو في العديد من الدول خلال 2020 تؤكد مدى الآثار السلبية للوباء.
وأعرب أردوغان عن اعتقاده بأن الاستثمار المؤثر سيبرز بشكل أكبر في فترة يتعرض فيها النظام الاقتصادي العالمي للمساءلة مع تفشي فيروس كورونا.
اترك تعليقاً