مثاليا لا وجود لشيء اسمه المحاصصة في المواقع الحكومية حيث يفترض أن تخضع كلها لمعايير الكفاءة والخبرة والقدرة والنزاهة، ولكن كما يقال لكل قاعدة استثناء، وهذا ما تتطلبه الظروف وتفرضه معطيات الواقع السياسي في الكثير من البلدان ولهذا نجد نظام المحاصصة معمولا به في تقسيم الوزارات والمواقع الحكومية في كثير من دول العالم ذات الأحزاب المتنوعة والتي تمارس نظام الديمقراطية الانتخابية إذ يتطلب الأمر حين لا يتمكن حزب واحد بالفوز بأصوات الأغلبية أن يخلق تحالفات مع أحزاب أخرى ويتحاصص معها وفق اتفاقات ثنائية أو جماعية بين مجموعة الأحزاب الأخرى.
في وضعنا الحالي في ليبيا اليوم تستوجب الضرورة المحاصصة في المواقع الحكومية “وزارات وهيئات ومؤسسات عامة” بين ما يسمى “الأقاليم الثلاثة” طرابلس – برقة – فزان، كوضع استثنائي فرضته ظروف المرحلة ولا أرى ضيرا في ذلك مراعاة للمصلحة العامة بعد حالة من الانقسام الشديد شهدتها البلد طيلة عقد من الزمن، بل أن ذلك قد يكون من ضرورات مرحلة الانتقال من وضع الفوضى والانقسام إلى وضع الدولة الواحدة التي ينشدها الجميع.
ولكن قبول مبدأ المحاصصة لا ينبغي أن يعمينا على اختيار العناصر الكفاءة والتغاضي عن الحد الأدنى من المعايير التي يجب توفرها في متقلدي هذه المواقع، وبالنظر إلى توفر الكثير من الكفاءات والمؤهلات والخبرات من العناصر الوطنية وتوزعها في الأقاليم الثلاثة، يكون ممكنا التأكيد على وضع معايير واضحة ومعلنة للمترشحين في القطاعات المختلفة وبكل شفافية لاختيار العناصر المناسبة والقادرة حسب كل إقليم.
إذا أراد رئيس حكومة الوحدة الانتقالية “الدبيبة” نجاح حكومته، وقيامها بمهامها بالوجه المطلوب خاصة في هذه الظروف والمعطيات المعقدة، فإنه ومن باب الحرص الوطني ينبغي عليه وضع معايير للكفاءة والخبرة والقدرات واشتراطها على المترشحين وأن يطلب من كل إقليم ضرورة تقديم أكثر عدد ممكن من المترشحين لكل موقع لتتم المفاضلة بينهما وفقا للمعايير المحددة سلفا من قبل لجنة مشكلة بالخصوص تحت إشراف رئيس الحكومة، إذا بالإمكان توظيف المحاصصة لخدمة الصالح العام لو احسن التعامل معها من خلال رؤية وطنية صادقة فهي “شر لابد منه”.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً