وكالة التعاون والتنسيق التركي “تيكا”، في قطاع غزة، تموّل مشروعا لتوفير 30 سماعة أذن داخلية إلكترونية لذوي الإعاقة السمعية من المرضى ومصابي الاعتداءات الإسرائيلية، بحسب ما أفادت وكالة “الأناضول” للأنباء.
رؤى صيام 13 عاما، تعاني من إعاقة سمعية، وتخضع لفحوصات طبية، للتأكد من مدى استجابتها لـ”سمّاعة الأُذن الداخلية”، التي ركّبتها مؤخرا، بتمويل من وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا”.
صيام، التي تقطن شرقي مدينة غزة، عانت من فقدان شديد في السمع، في كلتي أُذنيها، منذ أكثر من 10 أعوام، و اليوم تسمع للمرة الأولى، بشكل أقرب إلى الطبيعي. الأصوات المحيطة بها،
و بفرحة غامرة، تمتمت “صيام” لوالدتها، حينما تم تركيب تلك السمّاعة الطبية قبل نحو أسبوعين، إنها تشعر بشيء غريب لا يوصف، فهي تسمع للمرة الأولى الأصوات حولها بـ”وضوح”.
عاد “السمع” للفتاة صيام، بشكل أقرب إلى الطبيعي، في أُذن واحدة فقط، بينما تنتظر بفارغ الصبر، دعما إغاثيا وطبيا جديدا، يعيد السمع لأُذنها الثانية، ويمنحها حياة سليمة وكاملة.
والدة الفتاة، إيمان صيام، تقول لـ”الأناضول”، “إنها تشعر بفرحة كبيرة بعدما بدأت ابنتها تستعيد الحياة بشكلها الطبيعي، وتنصت للأصوات حولها، وتتفاعل مع البيئة المحيطة.
وتابعت قائلة: “في السابق، كانت رؤى تعاني من تنمّر الأطفال حولها بسبب فقدانها للسمع الأمر الذي كان يسبب لها ألما شديد، كما أثّرت هذه الإعاقة على تحصيلها الدراسيّ، وعلى النطق”.
وبدأت الفتاة بالتفاعل مع بيئتها الاجتماعية، والاندماج مع أقرانها، بعد أن تم حلّ إعاقتها السمعية جزئيا.
وتقول والدة صيام : “لم تتمكن من توفير سماعات أذن طبيّة لأبنتها، على مدار الأعوام السابقة، بسبب تردي ظروفهم الاقتصادية، فهم بالكاد يستطيعون توفير الاحتياجات الأساسية”.
صيام، واحدة من 30 شخصا من ذوي الإعاقة، حصلوا على سمّاعة طبيّة واحدة، من خلال مشروع أطلقته جمعية السلامة الخيرية لرعاية الجرحى وذوي الإعاقة (غير حكومية)، بتمويل من مؤسسة تيكا.
وكانت “تيكا” قد موّلت هذا المشروع الذي يوفّر نحو 30 سمّاعة أُذن الكترونية داخلية (طبية)، للأشخاص من كافة الفئات العمرية في المجتمع الفلسطيني بقطاع غزة، من المرضى أو مصابي الاعتداءات الإسرائيلية.
قال عبد الله الحجّار، نائب مدير نائب مدير الجمعية “السلامة الخيرية”، لوكالة “الأناضول”، إن مشروع توفير السمّاعات الطبية للمصابين والمرضى في قطاع غزة، من أهم المشاريع التي تعمل عليها الجمعية.
وأضاف قائلا: “لتنفيذ هذا المشروع، تواصلنا مع عدة مؤسسات لتمويله، فكانت هناك استجابة عاجلة من مؤسسة تيكا التركية، لتبنّي هذا المشروع، الذي يعتبر حيويا لتلك الفئة، لتفادي درجة الفقد في السمع”.
وبيّن “الحجّار” أن جميع المستهدفين من المشروع، سواء من المرضى أو مصابي الاعتداءات الإسرائيلية، يعانون، بحسب الفحوصات الطبية، من درجة فقد عالية جدا في السمع.
وتنبع أهمية هذا المشروع، وفق قول الحجّار، من كونه يمثّل “محطة فارقة في حياة الإنسان الذي يعاني من فقد سمعي”.
وقدّم الحجّار شكره للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، ومؤسسة تيكا لـ”خدماتها الإغاثيّة والطبيّة المقدّمة للفلسطينيين”.
الفتى “فريد مصلح” 13عاما، من مخيم المغازي، وسط قطاع غزة، يشعر بالراحة بعد أن عاد له السمع بشكل جزئي، بعد خضوعه لتركيب سمّاعة طبيّة، في أذن واحدة.
وقد فقد “مصلح” في كلتا أُذنيه، جرّاء إصابته بقنبلة غاز مسيلة للدموع في الرأس، أطلقتها قوات من الجيش الإسرائيلي، خلال مشاركته بمسيرات العودة وكسر الحصار،
وقلبت قنبلة الغاز، حياة الفتى الصغير رأسا على عقب، وأصابته بمضاعفات صحية صعبة.
وتقول والدته ليلى، لوكالة الأناضول: “ضاعفت الإصابة-إلى جانب تسببها بإعاقة سمعية-من إصابته بالكهرباء الزائدة في المخ، التي كان يعاني منها مسبقا لكن بشكل خفيف، حيث بات يواجه اضطرابات وتشنجات، مرتين أو ثلاثة أسبوعيا”.
وتابعت قائلة : “فقد ابني السمع بشكل شبه كامل بعد الإصابة، وبسبب حالة الفقر لم نتكمن من علاجه أو تركيب سماعات طبية له، لكن اليوم مع هذه المساعدة، يعود بشكل تدريجي إلى ممارسة تفاصيل حياته”.
وأوضحت أن هذه السماعة شكّلت “عنصر راحة بالنسبة لها أيضا، إذ انخفضت نسبة خوفها عليه عند خروجه من المنزل بمفرده، فالآن بات قادرا على سماع الأصوات حوله ما يجّنبه الحوادث”.
وأشادت والدة “مصلح ” بالجهود التركية في إغاثة الفلسطينيين، مضيفة “نشكر تركيا ومؤسسة تيكا على جهودهم”.
وتأمل أن يتمكّن أبنها من الحصول على “سمّاعة ثانية تعيد له حياته السابقة”.
وفي ذات السياق، فقد الفتى الفلسطيني “وسام القاضي” 13عاما، سمعه بشكل شبه نهائي، خلال الحرب الأخيرة التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة، جرّاء تعرضه لأصوات الانفجارات العنيفة التي كانت تسببها صواريخ الطائرات الحربية.
وهو من سكان مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، بات اليوم قادرا على تمييز الأصوات حوله بوضوح، بعد أن حصل على سمّاعة طبية من تيكا.
ويقول القاضي لوكالة الأناضول “عام 2015، أي بعد أكثر من عام على فقداني للسمع، حصلت على أول سماعة طبية، أعادت لي جزءا من السمع، لكن اليوم، أستطيع استكمال حياتي السابقة، بشكل شبه طبيعي، بعد تركيب السمّاعة الثانية، ما جعلني قادرا على التقاط جميع أصوات البيئة المحيطة”.
ويوضح أنه يشعر بالسعادة الغامرة لدعمه، بهذه السمّاعة، التي شكّلت إلى جانب السلامة الجسدية، أمانا نفسيا له.
وثمّن الجهود التركية في دعم الشعب الفلسطيني، قائلا “نشكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على دعمه المتواصل”.
وفي عام 2019، وصل أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة إلى 127 ألف و962 فردا، أي ما نسبته 6.8 بالمئة من مجمل سكان القطاع، بحسب إحصائيات رسمية.
وتعاني شريحة واسعة من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، من ظروف اقتصادية صعبة.
وبفعل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ نحو 14 عاما، يعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني فلسطيني أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية للغاية.
ومع بداية عام 2020 ارتفع مؤشرا الفقر والبطالة إلى 52 بالمئة، و50 بالمئة، على التوالي.
اترك تعليقاً