مع قناعة الكاتب التامة بضرورة التمسك باستمرارية اتفاق الصخيرات وما انبثق عنه من مؤسسات: المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة ومجلس البرلمان، إلا أنه وبعد اختطاف البرلمان من قِبل الانقلابي الداعشي حفتر ووضع السيد عقيلة صالح تحت حذائه العسكري شرعن له صفة لا مكان لها في الحكومة الشرعية، بل أمعن في تأييده بانقلابه على الحكومة الشرعية في العاصمة طرابلس ومهاجمتها بالمرتزقة، متعددة الجنسية، ومجرمي ليبيا ومجموعة المداخلة السلفية التكفيرية، وتنكر وسكت عن اختطافه زميلته العضو في البرلمان السيدة المغيبة سهام سرقيوه! ولم يعرب عن أسفه لضحايا المفخخات الداعيشية ببيوت المدنيين بجنوب طرابلس والتي وصلت حصيلتها أكثر من سبعين شهيداً وحوالي أربعين جريحاً بل لم ينكر السيد عقيلة المقابر الجماعية التي اكتُشِفت عقب تحرير ترهونة! والتي أكدها أمين عام الأمم المتحدة السيد أنظونيو غوتيرش وكذلك المؤسسة الحقوقية العالمية هيمن رايتس وتش!.
سقط مشروع الترهيب في ترهونه قبل دخول طرابلس!!!
حسب قراءة الكاتب الداعشي حفتر اتبع أسلوب الترهيب قبل دخول العاصمة مقتدياً بالدكتاتور فرانثيسكو فرانكو قبل دخوله العاصمة مدريد كما وأن آلاف المقابر الجماعية المكتشفة فيما بعد بإسبانيا، وهي تحتل الترتيب الثاني بعد كمبوديا، تفسر لنا ما يحصل اليوم في ترهونة.
مسلسل الإرهاب والترهيب أنطلق من بنغازي بعدما رأينا الإعدمات مسجلة مرئياً بساحات، وجثت الضحايا ملقاه بصناديق القمامة بشارع الزيت يؤكد منهجية الترهيب والمقابر الجماعية التي تضمنت قبور لشهداء وشهيدات وأطفال دفنوا بمقابر متعددة بترهونة، بعضهم أحياء وبإثباتات الطب الشرعي، دلالة واضحة للشعب الليبي بالنية المبيتة للداعشي حفتر، ومشرعن القتل والتعذيب عقيلة صالح، استهدفوا زرع الرعب لتسقط العاصمة! سبق ذلك أيضاً قصف مدينة مرزق بالطيران الإماراتي وما نتج عنه من مجزرة مروعة! والذي تكرر بالطيران المُسيَّر والحربي على المدنيين بالعاصمة طرابلس والمؤسسات المدنية بها من مستشفيات ومخازن أدوية وسيارات إسعاف ومدارس وجامعات ومخازن كتب ومقرات للمهاجرين!.
هل شرعنة عقيلة للترهيب يستبعده من الحوار السياسي؟
ما هو واضح وجلي للعيان بأن قبول السيد عقيلة صالح الداعشي حفتر لغزو العاصمة يسقط عنه صفة رئيس البرلمان الليبي المسؤول! ولذلك لن يرضى أحد من أهالي العاصمة قبول الجلوس مع السيد عقيلة على مائدة المفاوضات والحوار معه بشأن مستقبل ليبيا!.
يذكر العديد من المحللين السياسيين بأن السؤال المهم حول شخصية السيد عقيلة هو بأي صفة سيتم قبوله على طاولة الحوار السياسي؟ فهل سيجلس بصفة: رئيس مجلس البرلمان، أو نائب عن الداعشي حفتر، أو ممثل عن المنطقة الشرقية؟.
مع الاتفاق على ضرورة تمثيل البرلمان في الحوار السياسي لكن لا يمكن قبول أي عضو شرعن للعدوان على العاصمة السياسية للحكومة المعترف بها دولياً، وسمح باستجلاب المرتزقة والمجموعات التكفيرية وأولياء الدم لقتل المدنيين والتنكيل بهم بحجة أنهم إرهابيين وإخوان مسلمين وبدون أدلة وتحقيقات تثبت تلك الاتهامات!.
الإقرار بهزيمة الداعشي حفتر يعني خروجه من المشهد السياسي وفي المقابل قبول عقيلة يعني دخول الداعشي حفتر من نافذة الحوار السياسي بعد خروجه من باب حلبة الصراع الحربي مهزوماً!.
أما بالنسبة لتمثيل المنطقة الشرقية فهناك الكثير من الشرفاء من الهيئة البرقاوية أم غيرهم من الأجسام والشخصيات التي تلقى قبولاً في الشارع البرقاوي دون أن تذعن لسيطرة الداعش حفتر.. بالطبع هذا لا يعني عدم وجود شخصيات وطنية برقاوية مقيمة بالمنطقة الشرقية يمكنها الجلوس على طاولة الحوار السياسي.
ستظل الإشكالية في حرص روسيا على محاولة إقناع تركيا بوجود شخصية تتحدث بلغة مصالحها في ليبيا ونتيجة لتشابك المصالح بين تركيا وروسيا مع مراعاة مخاوف الناتو من تموضع روسيا على مسافة قريبة من خاصرته الجنوبية فهذا ما قد يكون سبب تأجيل تفاهم تركيا مع حكومة الوفاق على دخول سرت وقاعدة الجفرة! إلا أن الأوراق التي تملكها تركيا مع روسيا وما توفر لها من معلومات عن المنطقة الشرقية بالتأكيد لن تعجز عن التفكير في شخصية من المنطقة الشرقية توافقية مع ضمان مكاسب اقتصادية لروسيا بعد استبعاد أي تموضع جيوسياسي في الحديقة الخلفية للحلف الأطلسي “الناتو”!.
الالتفات على تعويق الخدمات والترهيب الداخلي:
رسائل الترهيب من الداعشي حفتر لم تلين من عزم أحرار فبراير على الصمود ومقاومة الخوف من صواريخه وقصف الطيران الإماراتي الإرهابي! إلا أنه وبينما ينشغل أنصار فبراير مع أحرار البركان في الجبهات والاستعداد لتحرير سرت والجفرة تعمل بعض الخلايا النائمة الوصول إلى خيوط أعداء الدولة المدنية وقنوات عبيد مخلفات زريبة الجماهيرية لعرقلة الخدمات بالعاصمة وبالمدن الليبية.. وقد تم التركيز على العاصمة بحيث لا تكاد تتحرر طرابلس من إرهاب صواريخ الغراد ومدافع الهاون والهاوز إلا وتكشر الأزمات المفتعلة عن أنيابها فتظهر لنا انقطاعات الكهرباء والمياه في أبشع صورها وتتراكم القمامة بوسط العاصمة ويظهر التلكلك وبكل ثقة في تقديم الخدمات للمهجرين والنازحين! والأنكى من ذلك هو صعوبة توجيه التهم وتحديد المدبر لهذه الأزمات! والكاتب يقول المدبر وليس الفاعل فليس بالضرورة أن يكون الفاعل هو المدبر للأزمة وهذه إشكالية ليس من السهولة بمكان فك طلاسمها!.
توجد خيبة أمل كبيرة لمن كانوا ينتظرون دخول المرتزقة، متعددة الجنسيات، طرابلس ومعهم بقايا عبيد زريبة فكر معمر والمجموعات التكفيرية المدخلية التي يستمر التستر عليها بالعاصمة.. خيبة الأمل هذه أشعلت أفران الحقد والكراهية عند المتغلغلين في دهاليز الإدارة الخدمية ليفسدوا على أهالي العاصمة والمدن الغربية فرحتهم بالنصر!.
الرسالة وصلت للمعرقلين وبمجرد تحرير سرت والجفرة ووصول تركيا لتفاهمات مع روسيا تطمئنها ببعض الشراكة الاقتصادية تبعد مخاوف الأطلسي.. وعندها سيلتفت أحرار فبراير لكل المعوقين والمعترضين لقطار بناء الدولة المدنية الديمقراطية وسيستأنفون المباشرة في دعم الحلول الممكنة للأزمة بإعادة هيكلة المجلس الرئاسي وضبط اختصاصاته وتمكين حكومة بمشروع مستقلة عنه وإيجاد أطر أمنية ودفاعية وحتى مدنية تستوعب أحرار فبراير المدافعين عن الدولة المدنية الديمقراطية بحيث يتم تهيئة المناخ للوصول لصيغة دستورية توافقية والدعوة لانتخابات.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً