تشير التطورات في المنطقة العربية الى ان هناك قوى تحرك الساحة السياسية بقوة وتعمل على دعم الحركات الجهادية في بعض الدول التي تجري فيها احتجاجات. وتعد قطر واحدة من هذه الدول التي تدفع بآلة الحرب واستخدام القوة لتغيير النظم السياسية فان الخبراء العسكريين من قطر شاركوا في الاتصالات لتأمين الدعم اللوجيستي للثوار في ليبيا، حيث كانت قطر تشرف على تمويل هذه القوات عن طريق تونس والسودان.
وليس سراً القول بأن قطر دعمت بشدة عبد الحكيم بلحاج، العضو السابق في تنظيم القاعدة، وهو الآن رئيس المجلس العسكري في طرابلس. ووفق المعلومات المتسربة من ليبيا، فإن بلحاج سلّم رئيس الأركان القطري كمية غير قليلة من الوثائق التي استولى عليها، والتي تكشف عن العلاقات العميقة لنظام القذافي ببعض الدول والشخصيات العربية وغير العربية. وربما تمّ هذا التبادل بتكليف من جهات أعلى في قطر، تستخدمها في ما هو معروف عنها من أساليب ابتزاز سياسي.
هل يمكن فهم الدور القطري المدعوم من جهات خارجية كالولايات المتحدة أو دول غربية أخرى، تودّ ألا تقحم نفسها مباشرة في الأحداث الدائرة، فتقوم بذلك عن طريق دول عربية وإسلامية ؟ كيف يمكن لقطر أن تستفيد من هذا الدور الذي إذا فرض أنه يأتي بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية ؟ وفيما لو حصلت على دعم من جهات دولية ، هل يمكنها أن تحاول تخطي الولايات المتحدة ؟
أن قطر تبني لنفسها موقعا بين الدول الكبرى وتلعب دور ظاهره عبر الوساطة وآخر عبر دعم الحركات الجهادية والعسكرية في سوريا وليبيا..، وتقول معلومات ان قطر أصبحت مكانا تلتقي فيه القوى العسكرية والحركات الانفصالية والجهادية فهناك فنادق الدوحة ذات الخمسة نجوم بالدواوين المذهبة والجدران الرخامية تمتلئ أيضا بالثوريين.
ففي العام الماضي فقط حضر إليها ممثلون من دارفور ونيجيريا وجيبوتي وليبيا من أجل مفاوضات سلام، ومؤخرا دخل القطريون في ما يسمى بالوساطة لتوزيع السلطات بين الفصيلين الفلسطينيين المتحاربين حركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح. وفي غضون أسبوعين ترك رئيس المكتب السياسي لحماس سوريا فجأة وشدّ الرحال إلى الدوحة. حتى حركة طالبان خططت لفتح مكتب لها في الدوحة لتمهيد الطريق لمباحثات مع الحكومتين الأميركية والأفغانية، لكن الجماعة علقت فجأة تلك الخطط في 15 مارس/آذار، وما زال غير واضح ما إذا كان من الممكن إنقاذ المباحثات. إن قطر تقدم مزيجا قويا من المال والفضاء الفندقي والعلاقات، وهي إلى حد كبير خالية من الثقل التاريخي.
وتشير معلومات ان الحكومة تنفق الملايين لدفع فواتير الفنادق للثوار، والتي تهدف إلى تعظيم مكانتها الدولية، وبعد توقيع الاتفاقات تُحلي قطر الاتفاق بمعونة إعادة إعمار وتنمية. ورغم أن مثل هذه المباحثات وضعت من قطر موقعا مشبوها من خلال إدارتها ورعايتها للحركات الجهادية كما ترى قطر أنها تريد الحصول على موقع قد يرفع من صورتها الدولية والحصول على حلفاء في الغرب وكسب مديحا يكاد يكون عالميا، لكن قطر تواجه اتهامات كبيرة برعايتها ودعمها للحركات الإرهابية .
ويرى محللون ان الدور القطري سيؤدي الى فوضى وعنف لا يمكن السيطرة عليهما ولن يقتصر الامر على سوريا بل سيطال جميع دول المنطقة. لذلك فإن هناك دول تعمل لمنع استخدام الامم المتحدة غطاء للتدخل العسكري في المنطقة. ويبدو ان الدور القطري سيعمل على تأجيج العنف الطائفي والمذهبي. وهذا ما دفع بعض الدول الى مراجعة مواقفها، لأن هذه الدول كانت تعتقد ان التغيير سيحصل ويسيطر المعتدلون إلا ان الذين يقومون بالأعمال الارهابية ويقودون الاحداث هم المتطرفون.
اما بالنسبة للاوضاع في سورية، فتلعب قطر دورا محوريا في جهود الجامعة العربية تجاه الازمة، وكان أمير قطر أول زعيم عربي يقترح إرسال قوات عربية. كما كانت قطر من الداعمين لقرار دولي بشأن الازمة في سورية في مجلس الامن. أما في ليبيا فهي متهمة بالهيمنة وأن رئيس المجلس الإنتقالي الليبي، والوفد الليبي الذي زار قطر مؤخرا، قبلوا ما أملي عليهم في الدوحة من دون أن تكون لديهم خبرة في السياسة ومعرفة بخلفيات الأمور.
وأكد احد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي المختار بلمختار ان التنظيم حصل على اسلحة ليبية خلال النزاع الذي انتهى بسقوط معمر القذافي. وقال المختار ان المجاهدين في تنظيم القاعدة عموما من اكبر المستفيدين من ثورات العالم العربي اما عن الاستفادة من السلاح من ليبيا، فهذا امر طبيعي في مثل هذه الظروف. حسب قوله
وتعتمد قطر على سياسات مختلفة في إدارتها للصراع فهي تعمل من خلال خلق أداة إعلامية ذات طرح مختلف تكون بمثابة رأس الحربة للسياسة القطرية لتمرير أجندتها التفكيكية لشعوب المنطقة. وكذلك المراهنة على ورقة الحركات الإسلامية. كما قدّمت قطر نفسها للولايات المتحدة والغرب تحديداً كمعبر رسمي وحيد لأي تواصل مع جماعة الإخوان المسلمين.
السياسات القطرية تثير جدلا كبيرا حيث ينظر إليها البعض على أنها تخدم أطرافا معينة، فى حين يرى البعض الأخر أنها سياسات انتهازية وترمى إلى إعادة ترتيب الشرق الأوسط، لكن الأبرز هو اتهام قطر بدعم الحركات الجهادية التي تشكل خطر مستقبلياً على المنطقة.
اترك تعليقاً