احتلت مبادئ حقوق الإنسان الصدارة في القوانين الأساسية “الدساتير” لأغلب دول العالم الحديث، ونظرا لأهمية هذه المبادئ حازت على عناية واهتمام فقهاء القانون من مختلف التخصصات. كما رسختها هيئة الأمم المتحدة في ميثاقها، ونظرا لأهميتها القصوى تم تضمينها في ميثاق هيئة الأمم المتحدة وتم إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948.
وجدير بالذكر أن التاريخ العربي الإسلامي غني بصفحات مشرفة فيما يخص حقوق الإنسان، الأمر الذي يتعذر التفصيل فيه بهذه العجالة. ولأهمية القانون وحماية الحقوق نرى من المناسب التحدث عنها قبل الخوض في موضوعنا الخاص بإعلان حالة الطوارئ في ليبيا، لأن هده القوانين تعد ضمانا أساسيا لبعض الحقوق (الحد الأدنى) وللحد من تعسف السلطات التنفيذية أو تجاوزها لحقوق الأفراد.
إن عملية إعلان حالة الطوارئ في ليبيا صار أمرا ضروريا بسبب الظروف الخطيرة التي تمر بها البلاد، ويعتبر إجراء عادي مباح في جميع دول العالم باختلاف أنظمتها الديمقراطية أو البوليسية.
ولن يفوتنا الإشارة إلى أن إعلان حالة الطوارئ تمس جانبا مهما من مبادئ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية حيث تعلق وتجمد اغلب هذه الحريات.
كما يشار إلى أن أول تنظيم لحالة الطوارئ قد طبق في فرنسا إبان قيام الثورة الفرنسية سنة 1798م بموجب القانون رقم 10 لسنة 1791م والقرار بقانون 24 أغسطس 1849م والقانون رقم 4 لسنة 1878م. ومذّاك شاع جواز إعلان حالة الطوارئ في جميع دول العالم.
ولكن ما هو التعريف لحالة الطوارئ؟
في الحقيقة لا يوجد تعريف واحد يُجمع عليه الفقهاء، لكن يمكن أن نعرفه بأنه نظام استثنائي شرطي مبرر بفكرة الخطر المحيق بالوطن يستلزم اتخاذ إجراءات وتدابير قانونية لحماية البلاد كلا أو جزءا ضد الأخطار الناجمة عن عدوان داخلي أو خارجي، حيث تنقل صلاحيات السلطات المدنية إلى السلطات العسكرية وقد تكون على شكل أحكام عرفية عسكرية أو سياسية. وتعلن عند ظهور ما يهدد النظام السياسي للبلد أو وقوع حرب أو حدوث كوارث أو انتشار أوبئة.
ومن هنا نرى أنه من الواجب إعلان حالة التعبئة الشاملة في بلادنا بسبب الظروف الطارئة التي تمر بها الآن، لذا أدعو السلطات التشريعية في ليبيا لإعلان حالة الطوارئ بتطبيق القانون رقم 21 لسنة 1991م بشأن التعبئة لمواجهة الظروف الحالية وهي الأخطار الداخلية والخارجية المتمثلة بتهديد أمن ليبيا والمساس بسيادتها واستقلالها من قبل بعض الدول وخاصة مصر والإمارات.
تنص المادة الثانية من قانون التعبئة على أن السلطة التشريعية والمتمثلة الآن بالمؤتمر الوطني العام صاحبة القرار في ذلك. علما بان هذا القانون لم يحدد فترة زمنية للتعبئة، ولكن ربطها بزوال أسبابها. والجهة المسؤولة عن تنفيذ هذا القانون هي القوات المسلحة الليبية، حيت تنقل إليها كافة السلطات المدنية.
وقد أعطى القانون المشار إليه وزارة الدفاع حق الاستيلاء على الأملاك عند الضرورة ويُحفظ لأصحابها التعويض طبقا للقانون. كما يحق للوزارة وقف السفر للخارج وتقييد حرية الإقامة والتنقل والإخضاع لتدابير أمنية استثنائية.
ما هي العقوبات المقررة في حالة عدم الالتزام بأحكام هدا القانون؟
تجيب على هدا السؤال الفقرة “أ” من المادة السادسة ما مفاده أن كل من يتخلف عمدا في حالة التعبئة العامة أو الجزئية عن تنفيذ أمر الاستدعاء أو التكليف أو التجنيد أو الاستيلاء أو أخفى موادا أو سلعا تكوينية أو خزنها أو تصرف بها بغير الأوجه المحددة لها.
فالعقوبة في الحالات الآنفة الذكر الإعدام وهذا إذا وقع الفعل أثناء الحرب أو السجن مع غرامة حددها القانون. ومن الملاحظ أن هذا القانون قد أعطى وزارة الدفاع كافة الصلاحيات بوضع الضوابط والأحكام اللازمة لتنفيذه.
لم ينص هذا القانون على المحاكم المختصة للنظر في المخالفات فيما إن كانت المحاكم العادية أو المحاكم العسكرية، بالرغم من أن المادة السابعة تعتبر تشكيل المحاكم العسكرية من الضوابط والأحكام المكلفة بوضعها وزارة الدفاع.
وهنا نريد أن نوضح أن المحاكم العسكرية لا تتقيد بأحكام وضوابط قانون الإجراءات الجنائية أو بالأصول المعتادة في بعض الحالات أو حتى قانون العقوبات وكافة القوانين الأخرى الناظمة في البلاد في الظروف العادية.
ختاما نقول إذا استمرت الأمور في بلادنا بما هي عليه الآن وخاصة في بعض الأماكن فإنني أدعو إلى إعلان حالة الطوارئ لتجنيب الوطن من المكائد والمؤامرات التي تحاك له من قبل “الأشقاء” قبل الأعداء وللأسف..!.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً