اعتبر خبراء ان هجوم الجمعة الدامي ضد الجيش المصري في سيناء يشكل “اخفاقا لاستراتيجية” مواجهة الجماعات الجهادية المسلحة التي تشن هجمات دامية متكررة بتكتيكات مختلفة، رغم الحملة الامنية التي بدات هناك قبل حوالي عامين.
ويقول اسماعيل الاسكندراني الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية وسيناء في مبادرة الاصلاح العربي ومقرها باريس، ان “الاستراتيجية المصرية تثبت فشلها مع كل هجوم”.
وتابع الاسكندراني ان “كفاءة القوات المتواجدة في سيناء دون المستوى، فهي تفتقر للتدريب والقدرة على المواجهة” مع الجهاديين.
وكانت مصر ارسلت قوة ضخمة الى شمال شبة جزيرة سيناء بعيد مقتل 16 جنديا من قوات حرس الحدود في اب/اغسطس 2012، لكن الهجمات الدامية استمرت وبشكل متصاعد موقعة مئات الجنود منذ اطاحة الجيش بالرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013 رغم اعلان الجيش قتل واعتقال “ارهابيين” في هذه المنطقة المضطربة.
والجمعة، قتل 30 جنديا في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدف حاجزا امنيا شمال سيناء هو الاسوأ ضد الامن منذ عزل مرسي، لكن الغموض لا يزال يحيط بفاصيل الحادث.
وشنت طائرات عسكرية مصرية غارات ادت الى مقتل ثمانية مسلحين متشددين في شمال سيناء السبت، بحسب مصادر امنية.
وتتبنى معظم الهجمات جماعة “انصار بيت المقدس” التي تستلهم افكار شبكة القاعدة وقد اعلنت مؤخرا تأييدها تنظيم “الدولة الاسلامية” المتطرف في سوريا والعراق.
وقبل الاطاحة بمرسي، كانت الجماعة تستهدف اسرائيل وتهاجم الانابيب التي تزودها بالغاز، لكنها الان تقول انها تثأر للقمع الدامي الذي تقوم به السلطات المصرية ضد انصار مرسي واوقع اكثر من 1400 قتيل فضلا عن نحو 15 الف معتقل.
من جهته، قال للواء المتقاعد محمد الزيات المستشار الاكاديمي للمركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية ومقره القاهرة، ان هناك معوقات طبيعية كبيرة تواجه الجيش في سيناء تفسر هذا الاخفاق.
ويضيف ان “سيناء منطقة سكنية يختلط فيها السكان مع المسلحين”، مشيرا الى انها “تحولت الى مخزن كبير للسلاح المهرب في اعقاب سقوط القذافي في ليبيا”.
ويتابع الزيات ان “الانفاق على الحدود مع غزة يهرب منها المسلحون ويعودون مرة اخرى” الى مصر.
والسبت، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ان اجراءات ستتخذ في المرحلة المقبلة “لحل مشكلة رفح والمنطقة الحدودية” مع قطاع غزة بشكل جذري.
وتعلن مصر باستمرار هدم فتحات الانفاق التي تقول انها تستخدم لتهريب الاسلحة والمتشددين من سيناء واليها.
وقد ازدادت هجمات المتشديين ضد قوات الامن في سيناء مؤخرا بشكل ملحوظ. وهجوم الجمعة هو الثالث في هذه المنطقة المضطربة خلال اسبوع واحد.
وفي سبتمبر/ايلول، قتل 17 شرطيا في هجومين كبيرين ضد الامن في شمال سيناء ايضا، وتبناهما “انصار بيت المقدس”.
من جانبه، يشير عمرو هشام ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الحكومي الى “تقصير امني واضح” وراء تكرار الهجمات.
وقال ربيع “كثير من الهجمات تستهدف باستمرار حواجز ثابتة للامن معروفة للمسلحين ما يجعلها اهدافا سهلة”.
بدوره، عبر يزيد صايغ الباحث في مركز كارنيغي للشرق الاوسط عن اعتقاده ان استخدام الجيش “للقوة العشوائية ضد السكان المدنيين” ربما يخلق “ارضية دعم طبيعي بين السكان المحليين للجماعات المسلحة”.
واضاف ان هذا يجعل السكان محصورين بين “الجماعات المسلحة والإرهابيين من جهة واجهزة الدولة التي تراهم اعداء في الجهة الاخرى”.
ويقول خبراء ان الجيش المصري يستخدم استراتيجية “تقليدية وخاطئة” في التعامل مع الجهاديين الذين يشنون “حروب عصابات” تنوعت بين الهجوم بصواريخ الهاون ووضع العبوات الناسفة واستخدام السيارات المفخخة.
ويقول الاسكندراني “تنظيم بيت المقدس تمكن من تنويع هجماته عبر الدمج بين تكتيكات حروب العصابات وتكتيكات الجيوش النظامية من خلال الخبرة التي اكتبسها انضمام بعض الضباط المتقاعدين الى صفوفه”.
واضاف “في المقابل الجيش المصري يستخدم تكتيكات الجيوش النظامية واسلحة ثقيلة وهي ابعد ما يكون عن الصواب في مثل هذه الظروف”.
كما يعتقد اللواء الزيات ان هجمات الجهاديين تكشف عن “تطور كبير في اساليب العمل”، مشيرا الى “انضمام جهاديين عادوا من سوريا الامر الذي يمنح قدرة على استخدام المتفجرات بحرفية اكثر”.
والسبت، اشار السيسي الى ان “دعما خارجيا” لتنفيذ الهجوم ضد الجيِش دون مزيد من التوضيح.
وقررت مصر فرض حال الطوارئ في قسم من شمال ووسط شبه جزيرة سيناء بما فيها جزء كبير من مدينة العريش، اعتبارا من الساعة الثالثة بتوقيت غرينتش فجر السبت “لمدة ثلاثة اشهر” على ان يرافقه حظر للتجول بين الثالثة عصرا حتى الخامسة صباحا بتوقيت غرينتش، كما قررت اغلاق معبر رفح حتى اشعار اخر.
ويقول الاسكندراني ان “هذه الاجراءات مطبقة فعلا بشكل غير رسمي منذ عام ونصف لكنها لم تؤد الى احداث فارق” في تحقيق الامن .
ويتابع ان “بيت المقدس تحولت من مجرد شبح في نظر الامن الى كائن حي موجود، ينصب كمائن ويفتش سيارات المارة وهوياتهم ويرفع اعلامه في وضح النهار”.
اترك تعليقاً