حدثت مشادة كلامية بينى وبين أحد فحول التكنوقراط الجدد الذين إبتلانا الله بهم ممن يتبجحون ويزايدون علينا بشهادات جاءوا بها على حساب النظام السابق بقرارات إيفاد يشوبها الكثير من الملاحظات بعد التعهد والتوقيع على إستمارة (قولاً وعملاً وثلاثة أشهر دورة عقائديه) وأعتقد أنهم يعرفون ذلك جيداً ، وقد كان هذا الشخص يُناقش موضوع الدستور بقوله بالحرف الواحد .. نحن لن ننسى من معنا فى الوطن بالرغم أنهم لايؤثرون فى شئ من ناحية صياغة مواد الدستور !! وهنا قلت له مٌقاطعاُ (أنت من معهم) وليس العكس وحقهم ليس منّة منك ولا من غيرك ، فهم الأصل وتواجدوا قبلكم فى هذه الأرض وأقرأ التاريخ لأننى بدأت أشك فى شهادتك التى تحملها من إحدى دول أوروبا الشرقية ، وكان هذا مدخلاً وسبباً فى كتابة مقالتى هذه.
بداية أود الإبحار بكم إلى جنوب غرب البحر الأبيض المتوسط من خلال مضيق جبل طارق وتحديداً إلى شبه جزيرة( إيبيريا) أسبانيا ، لكى نعود معاً ونُفتّّش بين ثنايا صفحات التاريخ العربى الإسلامى لنتجول معاً فى مقاطعة (الأندلوسيه) التى أطلق عليها العرب (الأندلس) بمجرّد وصولهم إليها وهزيمتهم لجيوشها المسيحية والإستيلاء عليها بالقوة بقيادة موسى إبن نُصير والشاب البربرى طارق بن زياد ثم نشر الدين الإسلامى فى أرجائها فهناك من أسلم عن قناعة وحباً فى تعاليم الدين الإسلامى الذى سمع عنه من خلال التجار والبحارة الذين يجوبون البحر الأبيض المتوسط ومنهم من دخل الإسلام خوفاً ومن أجل الحماية وهناك من بقى على دينه المسيحى ورضخ لدفع الجزية.
أقول … لقد أتيحت لى فرصة من خلال برنامج تدريبى فى مجال عملى وقد كانت تلك الدورة التدريبية فى أسبانيا لمدة (شهر) فى سنة 1979 م بمدريد وما أن إنتهيت من الدورة التدريبية حتى إنتهزت الفرصة للسفر للجنوب الأسبانى لمقاطعة (الأندلوسيه) وكانت الرحلة بالبر بإحدى الحافلات السياحية وبها العديد من جنسيات العالم ، فالكل يود زيارة تلك المنطقة التى قرأ أو سمع عنها وعن جمالها وجبالها وعيون مياهها وتاريخها العربى والإسلامى ، وقد كان هناك مُرافقة أسبانية تتحدث لغات عدة من أجل الإستفسار والشرح التاريخى والموروث الحضارى لللأندلوسيه.
ونحن فى الطريق كان يٌقابلنا بأعلى المناطق الجبلية أحياناً قلعة محاطة بسور عال وبوابة لتلك القلعة يصل إرتفاعها إلى ما يزيد عن (6) أمتار !! وهنا أسأل المرافقة عن من بنى هذه القلعة هنا ولماذا ؟ تبتسم المرافقة وترد علىّ بقولها لا تتعجّل فسيقابلنا الكثير من هذه القلاع التى بناها العرب ، فكل أمير عربى كان يبنى القلعة لكى يقيم فيها هو وأقاربه وحراسته وزوجاته وأبنائه وذلك بدعم من الأسبان واليهود الذين كانوا يُدبّرون المكائد للوجود العربى لكى يأتى يوم الخلاص منهم لأنهم غير مقتنعين بتواجد أغراب على أرضهم ، ويحاولون بأساليبهم تحريض كل أمير على الأمير الآخر ثم ينقضوا على الإثنين معاً وهكذا … وتُضيف ألا تعلم أن المسلمين فى الأندلوسيه وصل تعدادهم إلى ما يقرب (30) مليون نسمة فى سنة (1000) للميلادى واليوم لا تجد فى الأندلوسيه أى عربى أو مسلم يعود بتاريخه إلى تلك الحقبة بالرغم من وجود الملامح العربية هنا، وعندما نصل إلى مدن الأندلوسيه سترى الكثير الذى يُلفت نظرك وتندهش منه ، ولكننى قاطعتها بقولى يبدو أن زوال العرب والمسلمين من الأندلوسيه نتيجة لمكائد ومؤامرات من أهل الأرض أنفسهم ، فردت على ّ بقولها أتريد أن تقول لى أنه الإستعمار الذى دبّر ذلك !! ألستم أنتم العرب هم الإستعمار فى تلك الفترة؟!
أيها القراء الأعزاء .. إن ما شاهدته فى تلك البقعة لا تُصدقه عين من حيث جمال الطبيعة والموروث الحضارى من قرطبة إلى أشبيليه إلى غرناطه إلى قصر الحمراء الآية فى المعمار والجمال وحتى مضيق جبل طارق الذى تحت السيادة البريطانية ، ذلك الموروث الذى تركه العرب المُسلمون ورحلوا عنه فى غفلة منهم حيث تركوا العنان لشهواتهم ومكائدهم لبعضهم تُسيطر عليهم ويتناحروا فيما بينهم من أجل السلطة والمال والهيمنة وإقصاء الآخر ، وقد ساعدهم فى إطالة تواجدهم المرابطون فى الشمال الأفريقى ما يُطلق عليهم البربر بقيادة يوسف إبن تاشفين الذى مكّن العرب من الأندلوسيه لمدة 400 سنة أخرى وقام بطرد الأسبان إلى الشمال ، وبالرغم من دوره ومساندته للعرب إلا أن العرب تخوفوا منه ومن جيشه أن يبقى بالأندلوسية ، ولهذا وتحت الضغوط التى مُورست عليه ، رجع إلى الشمال الأفريقى ولم يقدّروا تلك الوقفة البطولية للمرابطين فى تلك الفترة !! وفى النهاية إنتهى العرب نتيجة لترسّخ فكرة الإستحواذ التى تُسيطر عليهم وإقصائهم لمن حولهم وحتى من يمد لهم يد المساعدة ولو كان من أصحاب الأرض ، وما حدث مع البربر آن ذاك خير دليل ، وبهذا ضيعوا تلك البُقعة التى لو حافظوا عليها لكانت حلقة الوصل بين العالم العربى الإسلامى وبين أوروبا.
أستميحكم عذراً سادتى القراء .. وحتى لا أطيل عليكم ، لا شك أنكم تُدركون أن الشمال الأفريقى تواجدت به عرقيات معروفة وهم يٌعتبرون السكان الأصليين فى كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ، وكلنا ربما يعلم ، وأقول لمن لا يعلم أن فى ليبيا توجد لدينا فئات من الأمازيغ والتبو والطوارق وهم السكان الأصليين وكذلك فئة لا يٌستهان بها من (الكراغله) الذين يعودون بأصولهم إلى العهد العثمانى الأول والعهد القرمانلى والعهد العثمانى الثانى والذين لا يمكن تجاهلهم من أنهم ليبيون كغيرهم ، ولا يمكننا أن نتجاهل هذه الحقيقة لأننا فى عصر العلم والتكنولوجيا وخصوصاً علم الجينات أوالهندسة الوراثية وتحاليل الحمض النووى !! ولا يٌمكننا أن نتجاهل أن الإسلام عندما دخل الشمال الأفريقى تعرض للكثير من الرفض حيث كانت هناك ديانات أخرى وهى المسيحية واليهودية وربما البعض لم يكن يٌدين بأى ديانة ، وهناك الكثير من الحقائق التاريخية حول الهجرات العربية التى جاءت من الجزيرة العربية والتى إستوطنت بالشمال الأفريقى بالقوة حيث تعرّض السكان الأصليين فى مناطق الشمال الأفريقى للإبادة والنهب والإبعاد على أيدى أكبر الهجرات وهى (بنى هلال وبنى سليم) ، فهى حقيقة لا بد أن نعترف بها ولا نتجاهلها ولا نحاول طيها أن تغطيتها بفعل الزمن.
نحن اليوم فى زمن غير ذلك الزمن ، زمن العلم والسياسة والحوار والدساتير والقانون ولسنا فى زمن (الأندلس) زمن الهيمنة والأمراء والسلاطين والجوارى وما ملكت أيمانهم والإستعباد ، الأمر الذى يتطلب معه الأمر التفكير بروية وبعقل بعيداً عن العنجهية والعنصرية والعرقية والقبلية المقيتة ولا ننسى قول الله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، ويقول المثل الشعبى (إللى يسبقكم بيوم يعرف عنك بسنه) أى أن الشعوب العربية فى دول الشمال الأفريقى التى من بينها ليبيا لا بد أن تُدرك أن هناك سكّان عاشوا وكانوا قبلهم يعيشون على هذه الأرض ، فلهم حقوقهم وواجباتهم مثل من سكن هذه الأرض وأقام عليها وأكل وشرب من خيراتها فلا تأخُذنا العزة بالإثم ولابد أن نضع نصب أعيينا ما حدث للعرب فى الأندلس الذين طُردوا منها طردة شنعاء بعد ما يقرب من (850) سنة وإعتبروا فى تلك الأرض من المستعمرين الذين لا بد من طردهم وتحرير الأرض التى إستعمروها ، لذلك لزاماً علينا أن نُعامل الناس كما أمر الله تعالى ونعطى الحقوق لأهلها ، ولا نستكثر عليهم حقهم القانونى والثقافى ، فمواطن بجوارك يحمل لك الحب والمودة أفضل من مواطن لا تأتمن له يتمنى زوالك ويتحيّن الفرصة للإنقضاض عليك ربما بمساعدة أعداء الإسلام والعرب حيث يقول المثل الشعبى الليبى (إللى أتحلها بيدك خير من إللى إتحلها بسنونك) فالدستور يحتاج إلى عواقل وحكماء وأهل خبرة ومؤرخين ولا يحتاج لشهادات الدكتوراه الهامشية والتى منها المزورة أو المشتراه بالعملة الصعبة مثل من أشرت إليه فى تلك المشادة الكلامية.
والله من وراء القصد
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
بعد السلام عليكم .. يا أخ سرقيوه من المهم أنك تعرف أنه أي جنس يحمل تصنيف البشرة البيضاء في أفريقيا شمالا أو جنوبا .. شرقا أو غربا .. لا يعدوا عن كونه مجرد جنس محتل لأفريقيا .. كل البيض يعتبرون في أفريقيا أجناس محتلة للقارة السوداء الأصل .. فلا تعتقد أبدا أن الجنس الأبيض الأمازيغي قد نزل فجئة من السماء ليجد نفسه قابعا على ضفاف البحر المتوسط الجنوبية في قارة أفريقيا بل يعتبر الجنس الأمازيغي كما تسمي نفسك اليوم هو من أشد الأجناس أختلاطا بين مجموعة غير قليلة من الأجناس البيضاء فمنهم العرب و منهم الكنعان و منهم اليونان و منهم الرومان و منهم الألمان و منهم السود و منهم الفرس و منهم اليهود و منهم الغال و منهم الغجر الأوروبيين .. تاريخيا يعتبر ما يسمى بالأمازيغ هم المجموعة اللتي لا تنتمي لعرق معين و لم يعرف لهم حتى اليوم أصل موحد و ترجح أدق التصنيفات الحديثة بأن معظم الأمازيغ يرجعون للجنس السامي ترجع بأصولها حسب النسب العددية للعرب في أغلبهم و لجنوب ووسط أوروبا بدرجة أقل مع بعض الأجناس الأخرى النادرة في أحيان كثيرة .. أنظر البحوث الأوروبية كونها الأكثر موثوقية من ناحية علمية حتى اليوم على الأقل .. فعليك من حيث المبداء بالأعتراف بأن كل الأجناس من ذوي البشرة البيضاء هم مجرد مستعمرين للقارة السوداء مهما كانت صفتهم ..
يسعدني ويشرفني أن أرى فكراً متفتحاً لم يتلوث بالنهج الإقصائي الذي ينتهجه الكثير من أعضاء المؤتمر الوطني وأشباه المثقفين، مع تحياتي
إلاما يرجع أصل الاتبو