مقال رأي – علاء الدراسي (إذاعة هولندا العالمية) – في سباقها مع الزمن تسعى السلطات الليبية إلى لملمة الوضع الداخلي قبيل الدخول في الانتخابات الدستورية ولكن سباق دولي أخر يزيد من حده الخناق عليها
سباق عُنوانه الأبرز ……من سيحاكم أعوان القذافي؟
فلايزال السباق القضائي بين ليبيا وخصومها الدوليين مستمراً بشأن محاكمة رموز النظام السابق.
المحكمة الجنائية الدولية ترى أن القضاء الوطني غير معول عليه في أجراء ملاحقات جادة للمتهمين وليبيا ترى أن محاكمه رموز النظام السابق على أراضيها حق أصيل لها.
تنافس قانوني
من أبرز الثغرات التي تمسكت بها المحكمة الدولية لأثبات حقها في محاكمه رموز النظام هي النقص في المواد القانونية لدى القضاء الليبي.
فالمسألة كما تعزوها المحكمة الدولية تكمن بالدرجة الاولى في المعايير القانونية اللازمة والتي على السلطات الليبية أن تثبتها من خلال إجراء ملاحقات جدية ضد المشتبهة بهم في نفس التصرفات الجرمية التي يدعى أنهم ارتكبوها في الدعوى المقامة في المحكمة الجنائية الدولية
وهنا مربط الفرس، فالقانون الليبي لا يملك ذات المادة التي يحاكم بها سيف الاسلام وعبدالله السنوسي لدى المحكمة الدولية وهي “جرائم ضد الإنسانية ” الأمر الذي يُعتبر نقصاً في استيفاء احد المعايير القانونية لدى القضاء الليبي وتحاول السلطات الليبية تلافي هذه الثغرة بحجة إن هذه المادة تتعلق بالقتل الممنهج والاغتصابات وكل عنصر من هذه العناصر يمثل جريمة مستقلة في قانون العقوبات الليبي وإن لم تقنن في ذات المادة الموجودة بالمحكمة الدولية.
حماية الشهود
كذلك فان حادثة اختطاف ابنه الرئيس السابق للاستخبارات الليبية “العنود عبدالله السنوسي ” طرقت الباب للتساؤل حول قدرة الدولة الليبية على حماية أطراف القضية شكوك حولها محامو الدفاع عن سيف الإسلام وعبدالله السنوسي إلى طعن رسمي فيما اسموه بالعجز عن تقديم محاكمه أمنة وهي صفة مضافة إلى الطعن الأول وهي العجز عن تقديم محاكمه عادله.
وفي استدراك لها تقول الدولة الليبية انه لا توجد مواد خاصة بحماية الشهود حتى في القانون الإيطالي وهو القانون المستمد منه قانون العقوبات الليبي موضحة إن الشهود يمكن حمايتهم بطرق اخرى قد لا تكون بالضرورة بنصوص خاصة.
أين سيف الأسلام؟
في 31 مايو 2013 رفضت المحكمة الجنائية الدولية طلب ليبيا بملاحقة سيف الإسلام وطنياً
الأمر الذي دفع ليبيا إلى تقديم طعن في هذه الخصوص لفرض وصايتها على المتهم ,ولكن هل تملك ليبيا القدرة الفعلية في فرض الوصاية على سيف الإسلام القذافي ؟
فمنذ اعتقاله بمدينة الزنتان لم تستلم الدولة الليبية المتهم الأول والأبرز عن تلك الجرائم بل لم تتكمن حتى من جلبة للجلسات والمرافعات القضائية في العاصمة طرابلس والتي كانت أخرها في التاسع عشر من سبتمبر فكيف لدولة تعجز عن فرض وصايتها في الداخل أن تفرضها على الخارج
عجز أمني
وعلى الضفة الداخلية من الصراع لم يتوارى أصحاب القرار في ليبيا من أضافه بعض العراقيل للقضية من خلال تصريحاتهم الإعلامية الغير مدروسة في كثير من الاحيان والتي يعبرون من خلالها عن نيتهم في تفعيل القضاء وهو ما اعتبره الخصوم اعتراف رسمي بعدم وجوده من الاساس.
ولكن على صعيد آخر لابد من الاعتراف بوجود عجز أمني واضح في ليبيا فسلطان الدولة يكاد يخبو امام هيمنة المليشيات المسلحة، والتي عوضا عن تفكيكها تم شرعنتها وإضفاء الطابع الرسمي على أفعالها والتي غالبا ما تسير بأمرة آمرها العسكري لا بالوزير الذي تتبعه وهو وزير الدفاع في هذه الحالة
فرصة أخيرة
أخيراً فان أمام ليبيا فرصة في الثالث من شهر أكتوبر القادم لأثبات مدى جديتها في تقديم محاكمة عادلة وذلك بتوفير جلسة قضائية متكاملة بإحضار جميع المتهمين لغرفة الاتهام بما فيهم سيف الإسلام القذافي وتعيين محامين للأطراف التي لم تعين لنفسها أي دفاع قانوني.
إذاً فالأمر ليس بالهين ,والوقت كياد ينفذ من جعبة بلد كاد أن يُنسى من خارطة العالم وها هو اليوم كما في ثورته يفتح عيون العالم من جديد في صراع تاريخي لأثبات وجودة كأمة بين الأمم.
اترك تعليقاً