مع كل يوم جديد يمر على المواجهة المفتوحة بين الإخوان ومختلف قوى الدولة في مصر، تتضاءل تحركات الجماعة “السلمية” لتفتح الباب لمزيد من استخدام العنف المسلح ضد قوات الأمن والجيش المصريين، في محاولة يائسة لإعادة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الرئاسة، كما يقولون.
ويقول مراقبون إن التفجيرات الأخيرة في القاهرة وبورسعيد وسيناء وغيرها من المدن المصرية، فضلا عن المواجهات مع قوات الأمن، تكشف بوضوح عن أن الإخوان قد “عادوا الى العمل والمواجهة على قاعدة الفكر السلفي الجهادي، وهو نفس ما تدعو اليه القاعدة”، الأمر الذي يفسر احتدام الصراع وارتفاع حجم الخسائر البشرية الناجمة عنه في الأيام القليلة الماضية.
وقتل 61 شخصا في تظاهرات الاسلاميين خلال اسبوع بين الاحد والجمعة منهم 57 شخصا الاحد بالإضافة إلى وقوع مئات المصابين. وسقط 48 من قتلى الاحد في القاهرة وحدها.
كما سقط 15 من رجال الامن ومدني واحد جراء هجمات متفرقة استهدفت مقرات وحواجز امنية معظمهم في شبة جزيرة سيناء المضطربة امنيا.
وفي شمال سيناء، أصيب ضابط في الجيش المصري وثمانية جنود اثر ستة انفجارات استهدفت ظهر الجمعة مدرعات تابعة للجيش المصري في مدينة رفح الحدودية على الحدود مع قطاع غزة.
وقالت مصادر مطلعة إن التنظيمات الإرهابية في سيناء والمحافظات المصرية طورت في المرحلة الأخيرة من جهودها لتنسيق أعمالها مع تنظيم الإخوان، بهدف إشغال مؤسسات الدفاع والأمن وإفشال الحكومة الانتقالية، والمراهنة على مطاولة الفوضى.
وأبدت التيارات السلفية الجهادية في مصر وخاصة في سيناء بعد إنتهاء حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك استعدا قويا لتأييد حكم الرئيس المعزول محمد مرسي.
وتضيف المصادر بأن الهدف من استراتيجية الإخوان بالتحالف مع التنظيمات الجهادية في سيناء وباقي المحافظات المصرية تتضمن إسقاط أي خطة للمصالحة الوطنية وعدم مهادنة الحكومة.
وعلى مسؤولية نفس المصادر، فإن الإخوان والسلفية يتبعون نفس التكتيك في التظاهرات وهو العمل على إيجاد حالة من الاشتباك المباشر مع قوات الأمن المنتشرة في الميادين.
وتكشف هذه العودة إلى الجذور في ممارسة العنف عن أن إخوان مصر قد يكونون أدركوا أن خيار “تشذير سلفيتهم من شوائب التطرف المادي” للبرهنة على أهلية الاسلام السياسي وصلاحه لحكم الناس، قد سقط فعليا في أعين المصريين في الفترة القصيرة التي حكموا مصر خلالها بقيادة مرسي، بعد أن ثار عليهم المصريون وبعد أن اثبتوا أن السلمية المزعومة ما هي إلا تقية مرحلة، للتمكن من السلطة قبل أن تنكشف نزعتهم التسلطية ودوافعهم الحقيقية للقبض على رقاب المجتمع بعد ان توسلوا السبل الديمقراطية في الوصول الى السلطة.
ويقول عارفون بشؤون الحركات الإسلامية في مصر إن حركة الإخوان هي حركة سلفية في الاساس، إذ أنها “تدعو إلى العودة إلى الإسلام وأصوله الصافية القرآن والسنة النبوية”، ولذلك فلا غرابة أن تتقارب الحركة اليوم وبسرعة مع الحركات الجهادية العنيفة وخاصة تنظيم القاعدة خاصة وان جماعة الإخوان كانت النواة الأساسية لتنظيم القاعدة الذي ساعد مقاتلوه الطلائع في مساعدة الولايات المتحدة على محاربة الاتحاد السوفييتي السابق باتفاق يعود الى سبعينات القرن العشرين بين مهدي عاكف القيادي بالإخوان ومسؤولين في الإدارة الأميركية.
ووفقا لبعض المراقبين فإن التيارات السلفية المصرية قبلت بأن تتناسى خلافها العقائدي مع الإخوان مرحليا مقابل توحيد الجهود والتحالف معهم على قاعدة ان عزل مرسي يستهدف جميع التيارات الإسلامية، ولذلك فهم يدفعون بأتباعهم الى الاعتصامات والمظاهرات التي ينظمها الإخوان.
وكشفت معلومات مسربة مؤخرا عن أن الإخوان وضعوا خطة لحشد أنصارهم للسيطرة على ميدان التحرير في ذكرى حرب اكتوبر، والاعتصام فيه حتى إنهاء “الانقلاب” وعودة الرئيس المعزول محمد مرسي.
وأضاف أن انصار الجماعة وزعوا منشورات تتهم الجيش بالانقلاب والاستحواذ على السلطة، محاولة منهم لتشويه الحقائق وكسب تعاطف الراي العام المصري.
وتضمنت الخطة ايضا خطف افراد عوائل قيادات ثورة 30 يونيو 2013 التصحيحية وخطف أقباط من اجل إحداث الفتنة.
وكانت تصريحات العديد من قادة الإخوان وقادة اسلاميين مقربين منهم قد كشفت منذ ما قبل الـ30 يونيو عن نية مبيتة للصدام مع المطالبين بتنحي المعزول، بمجرد أن شرعت القيادة العسكرية
وصرح طارق الزمر القيادي بـالجماعة الإسلامية ورئيس المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية في 12 يونيو/حزيران 2013، قائلا “إذا سقط مرسي لن يستمر بعده رئيس”.
ويرى محللون أن الكشف عن هذا التوجه العنفي الجديد لجماعة الإخوان ينفي تماما ما يروجونه من أنهم أنصار حوار وسلام ومن أن مظاهراتهم سلمية وإن الحكومة المصرية هي من تستفزهم وتجابههم بالعنف الشديد.
ويحاول الإخوان تجيير الاشتباكات لصالحهم إعلاميا عندما يصورونها للرأي العام المحلي والدولي بأنها انتهاكات لحقوق الإنسان وذلك في محاولة لتدويل صراعهم مع الدولة المصرية.
ومع فشلهم الذريع في التسويق لموقفهم محليا ودوليا وانكشاف مخططهم الأخطبوطي، ليس بوارد ان يجد الإخوان من يدافع عنهم، رغم الموقف الأميركي الأخير بحجب بعض المساعدات العسكرية.
ويقول مراقبون إن الإخوان لم يبق أمامهم إلا القبول بخيار الشعب المصري الذي لفظ حكمهم، وإن أية محاولة للعب على إشعال البلاد سوف تنتهي بهم إلى كارثة مهما كانت قدرتهم على تحشيد المقاتلين، وعليهم التعلم في هذا من تجارب بعض الدول، خاصة أن الجيش المصري يمكل تفويضا واضحا بالتصدي للمشروع الإخواني الخطير مهما كلف الأمر من قوت المصريين وامنهم.
اترك تعليقاً