اكد خطف رئيس الوزراء علي زيدان الخميس من ثوار سابقين عجز الدولة الليبية امام العديد من الميليشيات المسلحة التي يفترض انها تعمل تحت امرة السلطات الليبية.
وخطفت مجموعة مسلحة صباح الخميس زيدان من فندق كورينثيا حيث يقيم وتبنت “غرفة عمليات ثوار ليبيا” خطفه مؤكدة انه “تم توقيفه” وذلك “بأمر من النائب العام”.
وفوجئ حراسه الشخصيون بالهجوم وعكسوا تماما صورة قوات الامن الليبية غير المنضبطة وضعيفة التدريب.
وفي انتظار الانتهاء من بناء الجيش الوطني، اصبحت الميليشيات التي حازت خبرة عسكرية من قتالها قوات معمر القذافي في 2011، تتصدر المشهد مستفيدة من الفراغ الامني بعد الاطاحة بالنظام الليبي السابق.
وبعد انهيار النظام السابق وتهاوي المؤسسات معه، كلفت السلطات الانتقالية الثوار السابقين بمراقبة الحدود والسجون والمنشآت الاستراتيجية للبلاد ما منح هذه الميليشيات شرعية واحساسا بانها فوق العقاب.
ومنحت السلطات العديد من الامتيازات والعلاوات لهذه المجموعات المسلحة التي استولت على ترسانة عسكرية مهمة اثر نزاع 2011.
واستفادت هذه الميليشيات من مواقعها لمراقبة التهريب وممارسة الابتزاز.
وترفض هذه المجموعات ذات الايديولوجيات والولاءات المتنوعة، بشدة وضع السلاح رغم خطط عدة اقترحتها الحكومة لدمج عناصرها في اجهزة الدولة خصوصا اجهزة الامن. ولتبرير الرفض يقولون “الثورة لم تنته” وانهم سيحتفظون بسلاحهم لحين تحقيق اهدافها.
وفي آذار/مارس، امر المؤتمر الوطني العام اعلى سلطة سياسية في البلاد، بإخلاء كافة المجموعات المسلحة الى خارج العاصمة طرابلس، لكن هذا الامر لم ينفذ ابدا.
وإزاء عجز السلطات عن اعادة بناء جيش وشرطة محترفين، تفرض هذه الميليشيات ارادتها على الجميع ىقوة السلاح.
ودعا رئيس الوزراء الليبي علي زيدان الخميس الى التهدئة وذلك بعيد الافراج عنه اثر ساعات من احتجازه بأيدي ثوار سابقين.
وعبر في كلمة بثها التلفزيون لدى خروجه من اجتماع لحكومته مع اعضاء في المؤتمر الوطني الليبي، عن الامل في ان تتم معالجة هذه المشكلة بالعقل والحكمة ومع تفادي التصعيد.
وتوجه زيدان الى الاجانب المقيمين في ليبيا مؤكدا انهم غير مستهدفين.
وكان عناصر هذه المليشيات قد قاموا مثلا بمحاصرة ثلاث وزارات في نيسان/ابريل لفرض تبني مشروع قانون يقصي من تعاون مع نظام القذافي عن تولي مناصب.
ونددت الحكومة الليبية بعملية الخطف التي وصفتها بـ”العمل الإجرامي”.
وقال نائب رئيس الوزراء الصديق عبد الكريم قبيل الافراج عن زيدان، ان الحكومة لن تخضع لأي ابتزاز اي كان.
وتجد السلطات نفسها ممزقة بين خيارين احلاهما مر، اما استخدام القوة مع ما يحمله من مخاطر تسمم الوضع غير المستقر او التفاوض وهو ما يعطي الانطباع بضعف الدولة.
فبعد تصريحات حازمة تجاه هذه المجموعات الخارجة عن السيطرة، اجبر رئيس الوزراء علي زيدان في الاونة الاخيرة على تعديل خطابه بعد أن مارست هذه المجموعات ضغوطا عليه مؤكدا انه “لا توجد ميليشيات في ليبيا” بل فقط ثوار.
ويقول محللون ان اي ضحية تسقط يمكن ان تتسبب في نزاع دام بحكم التركيبة القبلية للمجتمع في ليبيا.
وتؤكد الحكومة رغبتها في حقن الدماء. لكن في الواقع لا يعدو الامر ان يكون اعترافا بالعجز بحسب ما يؤكد وزير الداخلية السابق المستقيل عاشور شويل الذي قال في الاونة الاخيرة لقناة محلية ان “لا قوة ترغب في الانخراط في قتال” الميليشيات.
وبحسب العديد من المراقبين الليبيين، فإن هذه الميليشيات تهاجم السلطة في كل مرة تقدر فيها ان مصالحها مهددة من السلطات الجديدة.
وقال محلل ليبي طلب عدم كشف هويته ان “خطف زيدان يثبت ميوعة الدولة الليبية (..) ومن يملكون السلاح باسم بعض الايديولوجيات هم من يحكمون فعليا البلاد”.
ويرى المحلل خالد الفضلي ان خطف زيدان بعد خمسة ايام من القبض على قيادي في القاعدة بايدي كومندوس اميركي “يظهر مخاطر انزلاق البلد في نفق مظلم”.
ويضيف “قد يتم جر البلاد الى دوامة الحرب الاهلية وعمليات انتقام ارهابية تنفذها القاعدة” في حين ان “الحوار الشامل الجدي والشفاف وحده هو الذي يتيح لليبيا ان ينجح الانتقال الديمقراطي”.
اترك تعليقاً