نعم فبراير قامت من أجل إرساء قواعد نظام حكم مدني ديمقراطي في ليبيا، وبالرغم من أن الشعب خرج سلمياً إلا أن التعنت العسكري لمعمر القذافي دفع به لإعطاء الأمر لكتائبه الأمنية بالتصدي للرافضين له بمضادات الطيران، وليمعن في طغيانه فتح مخازن الأسلحة وأطلق المجرمين من السجون.. ولكن انتصرت إرادة الدولة المدنية واستمر الصراع وما زال يتحسس الشعب الليبي طريقه إلى الديمقراطية ولو كره الظالمون!
التجربة والخطأ:
نتيجة للتحصر السياسي في ليبيا فقد حاولت الفرق المؤطرة بالخارج من مجموعات المعارضة بالخارج، وبالداخل جناحي ليبيا الغد “الليبرالي، والإسلامي”، التفرد بالسلطة بعد انتصار فبراير وفرض سياسة الأمر الواقع باستغلال حماس الثوار بدغدغتهم بالمناطقية والعاطفة الدينية أحياناً وفي الغالب بالقبائلية والعنصرية أو الاتكاء على تاريخ المعارضه ومن هنا كان الخطأ. هذه الفوضى فتحت شهية الكثير من دول العالم للتسلل لليبيا باستخباراتها وحاولت بسط قواعدها بأيدي المتهورين من شباب ليبيا الحاملة للسلاح، وهناك من الدول من اختارت المراهنة بالسيد حفتر وخاصة بعد نجاح تجربة مصر في العودة للمربع الأول بحكم العسكري على يد السيد عبدالفتاح السيسي الذي تلقى الدعم من السعودية والأمارات وفرنسا. وقد استفاد في ليبيا العديد من النشطاء السياسيين والمدنيين والحقوقيين والإعلاميين من تلك التجربة!
لقد ساعدت الظروف الجغرافية بإطلالة المنطقة الشرقية على حدود مصر بتوفير الدعم الاستشاري الاستخباراتي والمادي والإعلامي واتخاذ الرجمة قاعدة للسيد حفتر، وبسبب تنامي التيار الإسلامي المتطرف الرافض لمدنية الدولة فقد نحج السيد حفتر بعد أربعة سنوات للسيطرة عليها، فكيف سيسيطر على طرابلس الممثلة للمنطقة الغربية والوسطى؟ بل الجميع يتفق على أن طرابلس ليبيا!
ضعف مؤشرات نجاح حفتر في ليبيا “طرابلس”
لا يستطيع أحد أن يجزم من سيُهلك وسيُدمر الأخر في هذه الحرب الأهلية منتصراً ففي جميع الأحوال النتيجة هي خسارة لنا نحن كليبين وليبيات!!! ولكن الصراع بين المشروع المدني الذي تبنته 17 فبراير أو العسكري بقيادة حفتر يظل مشروعاً من سنوات وتحديداً من 2014 عندما أعلن عن الانقلاب على المؤتمر الوطني العام الممثل للدولة المدني. وبالمقارنة مع تصريحاته المتلفزة في بداية 2014 بأنه سيسطر على المنطقة الشرقية في ظرف أسبوعين وأخذت منه أربعة سنوات فكيف يعلن الآن من مكان مجهول بأنه سيدخل طرابلس في 48 ساعة؟ والكاتب لا يستطيع تصديق ذلك نتيجة للأسباب التالية:
- عندما كان في الرجمة أخذت منه المنطقة الشرقية أربعة سنوات فكيف وهو اليوم في الرجمة يريد دخول طرابلس في 48 ساعة؟
- وجود الحدود المصرية بالتأكيد عامل مساعد كبير لدعم لحفتر أما الحدود الغربية فهي ليست كذلك.
- بالحدود المصرية الليبية نجحت فزاعة الحرب على الإرهاب في الشرق الليبي ومهدت الطريق لحفتر بمساعدة الاغتيالات الاستخباراتية للعديد من العسكريين وأيضا النُشطاء المدنيين، وهذا يعتبر بالمنطقة الغربية مخاطرة! وبعيد المنال.
- وجود التطرف في المنطقة الشرقية كان عامل مساعد لقوة حفتر بالرغم من أنه فتح له الطريق ليقبره البنيان المرصوص في سرت. وهذا غير موجود بالعدد الذي قد يضعف الجبهة بالمنطقة الغربية.
- بالرغم من أن تنسيق حفتر مع السراج في أبوظبي ضمن له مكان في المعادلة السياسية إلا أنه وبخيانته للاتفاق ورفضه لبوابة السياسة واختياره الهجوم عسكرياً سيقلل من مكانته دولياً ولو تواطأت معه بعض الدول وشجعته بالهجوم على طرابلس.
- المجتمع الدولي غض الطرف عن المنطقة الشرقية وقبِل بحجة الإرهاب التي رفعها حفتر بالرغم من الانتهاكات الفاضحة للمدنيين بنغازي وبدرنه، أما اليوم فمن الصعب قبول نفس الحجة التي يستمر في رفعها وخاصة بعد أن رجعت البعثة لطرابلس وتتنقل بين أحيائها والمدن المجاورة لها بالمنطقة الربية.. فلا يمكن قبول كذبة الإرهاب وطرابلس تستقبل السفراء والدبلوماسيين الدوليين على أرضها!
- خلال الشهرين الماضيين عقدت عدة لقاءات لتجميع كلمة ثوار 17 فبراير بالمنطقة الغربية: ( الزاوية، غريان، مصراته) في ائتلاف يوحدهم جميعاً مما يعطيهم جاهزية مبكرة لمواجهة قوات حفتر القادمة من الشرق.
- نظمت البلديات بالمنطقة الغربية العديد من الاجتماعات التي ستساعد على توحيد الصفوف في مواجهة حفتر .
- أيقن العديد من أعضاء المجموعات المسلحة بان السيد حفتر ينظر لهم كإرهابيين “خوارج” وسنتم منهم لذلك سيدافعون باستماتة على طرابلس، بينما النظام المدني هو الضامن لهم وسيتركهم أماهم خيارين:
- إذا ارادوا الاستمرار فسيمنحون خيارات في الانضمام إلى مؤسسة الجيش أو الشرطة أو في الانخراط في مؤسسة شبه عسكرية.
- المشروع المدني مبني على الاقتصاد الحر لذلك سيكون لهم الخيار الثاني قروض لمشاريع متوسطة وصغرى.
- توجد استعدادات وترتيبات لمشروع مدنية الدولة صاغه التكتل الوطني للبناء الديمقراطي، متحد مع تكتلات وطنية أخرى تحت مظلة ائتلاف، يضم به اتحادات ونقابات وتنسيقيات وغرف تجارة وصناعة وزراعة، انضمت له تقريباً جميع المجموعات المسلحة بالمنطقة الغربية وقد حضرت السيدة ستافني وليمز في 19 مارس أحدى الاجتماعات لمس فيه الكاتب علامات الرضى عنه من قبل السيدة وليمز.
المجتمع الدولي تحت الاختبار:
بالرغم من تأيد المجتمع الدولة لنهاية حكم العسكر في ليبيا في 2011 وانحيازه لمطالب الشعب الليبي في بناء دولة مدنية ديمقراطية، يُتبادل فيها السلطة سلمياً، وتُفصل فيها السلطات بدون استبداد.. إلا أنه الواضح ونتيجة لقفز فرنسا على مقود الحرب ضد القذافي فقط لتضمن لها موقع قدم لضمان مصالحها في ليبيا واختارت السيد حفتر كأقصر الطرق لتحقيق مصالحها! وربما لتقوية جبهة الاستبداد أيضاً بالشرق الأوسط وإضعاف المشروع المدني المبني على الديمقراطية والحرية في الفكر والاقتصاد والتجارة بشمال أفريقيا! فالديمقراطية المطلوبة اليوم هي التي تخلق شراكة قوية بين المؤسسات الخاصة والعامة وبشفافية تذعن لرقابة مؤسسات المجتمع المدني! وستفتح شراكة مع دول العالم للاستثمار في مشاريع تنموية يستفيد منها الجميع وخاصة أوربا لوقف الهجرة غير الشرعية وخلق بيئة رافضة للإرهاب.
أما كلمات السيد غوتيريش بعد لقاء السيد حفتر: “أترك ليبيا بقلب مثقل وقلق عميق” نرد عليه بالليبي “ما يعبيش الراس” و تظل المماطلة بمصير الشعوب مستمرة حتى على طاولة مجلس الأمن واجتماع الدول السبع.. ولكن وعي الشعب الليبي اليوم لن يسمح بتمرير مشروع دكتاتورية عسكرية جديد، فالمشروع المدني هو الحل ولو طال النضال.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اخي ا.د. فتحي ابوزخار المحترم مقال رائع ….ولكن اختلف معك في توقيت تدخل الدول الاخري … الدول الاخري او علي الأقل بعضها كان تدخلها قبل الانتفاضة و بعضها بعد الانتفاضه مباشرة … فهؤلاء الذين تتحدث عنهم سوء من الاسلام السياسي او ليبيا الغد او اصحاب الدموع او المعارضة كانوا نعاج هذه الدول قبل الانتفاضة ولَك في كوسة و شلقم أمثلة هل نسيت التل الذي يعرف شوارع قطر احسن من بنغازي ههههههه ولَك فائق الاحترام
اخي العزيز اريد ١) منك تعريف للحكومة المدنية ؟ ٢) هل في بعض الأحيان من الضروري ان تحكم البلاد بحكم عسكري لفترة ؟ مع فائق الاحترام
اخي العزيز اليس في بعض الأحيان تكون الحكومة التي تسمي مدنية سبب خراب البلاد واحتراق العباد؟
أخي العزيز عبدالحق .. نحن نتكلم عن تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تقبل الأختلاف وتؤمن بفصل السلطات والتداول اللسلمي على السلطة والحكومة (التنفيذية) أحد مؤسسات الدولة المدنية بالإضافة إلى التشريعية والقضائية ويمكن أن تكون الحكومة يمينية تؤمن بالقتصاد الحر أو حتى اشتراكية ولكن لا يمكن أن تكون عسكرية لأن الجيش تحت أمرة وسلطة الحكومة.. وتقبلوا فائق احترامي
بعد التقدير والاحترام هل الحكومة المغروسة الان اربعة سنوات ونيف تعتبر حكومة مدنية … يعني استمدت شرعيتها من الشعب وتشتغل علي راحته وهو من يحافظ عليها وهذه الحكومة تشتغل باي نوع من الاقتصاد هل هو نوع جديد او نوع صومالي ؟ مع فائق الاحترام اخي العزيز هذه الحكومة خارجها مدني وداخلها عسكري ليس بالمليشيات الذين يحافظون عليها فقط بل بالقوة العسكرية للدول التي غرسوها اليس هذا صحيح بالله عليك اخي العزيز المحترم الدكتور فتحي ابوزخار فكر قليلاً نحن لا نفكر في احلام وإنما واقع ولنا اختيارين اما حكومة ظاهرها ليبي مدني وداخلها مليشي مغروسة … او حكومة عسكرية ليبية …. اما الحل الثالث لنا نحلم به منذ قبل 1951
ولَك فائق الاحترام
قال الله تعالى ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) .