رغم هلامية الملتقى الليبي الجامع منذ إعلانه إلا أن اجتماع أبوظبي يومي 5و 6 مارس قد وضع ملامح لذلك الملتقى مع استمرار وجود أسئلة كثيرة لم يتم توضيحها من الهيئة الأممية، المؤتمر الجامع تبعاً للمندوب الأممي أنه الملاذ الأخير لمنع إستمرار الحرب والطريق إلى توحيد المؤسسات، ونقطة البداية لبناء للذهاب إلى الإنتخابات وأنه الفيصل الذي يجب على الجميع أن يحترمه بعد تسجيله كوثيقة أممية، وهو تكملة لما حدث في إتفاق الصخيرات، ولا يمنع ذلك أحد، فالمجلس الرئاسي ماض بإعتراف دولي وإن كان غير دستوري وغير منتخب وغير مصادق عليه من مجلس النواب.
المشاكل التي تواجه الملتقي منذ إعلانه، مسألة إيجاد دور للمؤسسة العسكرية بالمنطقة الشرقية وترضية مجلس النواب والدولة ومن ورائهم من دول وممولين ونفعيين ومتسلقين، وهو ما سيتم معالجته في المؤتمر الجامع تحت غطاء حل الإنقسام السياسي ومعالجة إنهيار مؤسسات الدولة.
جاء لقاء أبوظبي بين السراج وحفتر لفك العائق الرئيسي لإنعقاد الملتقى، وكان بترتيب أمريكي صرف حتى أن الطرف الإماراتي قد مُنع من حضور الإجتماعات مما أحدث توثراً للطرف الثاني. بحضور سفير أمريكا بليبيا بيتر بودي والمبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته للشؤن السياسية (الأمريكية) ستيفاني وليامز فرض السفير الأمريكي شروطه على المتخاصمين بأن تكون المؤسسة العسكرية تحت المؤسسة السياسية، وأن لا ميزانية خاصة للجيش ولا لضم المؤسسات الأمنية تحث سلطة اللواء حفتر ولا لإشعال حرب في المنطقة الغربية (أي يعني لا إستثمار للتحركات العسكرية في الجنوب الليبي)، وأن توحيد مؤسسات الدولة مثل المصرف المركزي ومؤسسة النفط والجيش ضرورة، وأن الذهاب إلى الإنتخابات سيكون ثمرة الترتيبات والملتقى، مقابل ذلك محاولة تشكيل مجلس رئاسي من السراج وحفتر وربما شخصيات أخرى من الجنوب، يتم بعدها إختيار حكومة منفصلة تقوم بالتحضير للإنتخايات البرلمانية والرئاسية على قاعدة دستورية، وأن القائد الأعلى ليبيا يكون جماعيا من أعضاء الرئاسي ورئيس الحكومة.
مخرجات الملتقى لم تتضح بعد، وأن المجلس الرئاسي الجديد غير متجانس (كما في المجلس السابق) بسبب إستدعاء الخارج العربي بقوة، وأنه لا توجد مؤسسات يمكن الإرتكاز عليها بل أشخاض يمكن لهم تغيير قراراتهم بين عشية وضحاها، إضافة إلى غياب الرؤية والكريزما للفاعلين، وهو ما يفسر غموض سلامة وتركيزه على وجود جهات كثيرة لحضور الملتقى مما يساعد على إنتقاء جهات داعمة تؤيد التوجهات السابقة.
من أجل عدم إستعداء المجلس الإستشاري ومجلس النواب، رغم قناعة القاصي والداني أنهما عاجزان حركيا، وميتان سريريا، بل أنهما قد طمراء بلا جنازة رغم بقاء أدرعما خارج القبر متشبتان بكرسي السلطة. هذه الأجسام ستستمر وسيتم شراء سكوتها بتتناول مهايا ومزايا السحت بلا عمل خلال المرحلة القادمة.
في غياب نخبة واعية وشعب مستنير أنيط للأمم المتحدة هذا الدور، فنوابنا وساستنا على إستعداد لبيع أمهاتهم في سبيل البقاء في السلطة، فهم نخبة فاسدة بحق (إلا من رحم ربي) ونخبة عفنة لم يريد احد دفنها، والشعب لا يزال يصفق لجلاديه، فالليبيون بقيادة ساساتهم من أحرق المدن والقرى والمطارات وحقول النفط وخرب مسارات المياه وباع أصول الدولة ثم نام قرير العين يحلم بقيام الدولة العصرية. ليس عيبا أن نقول للأمم المتحدة أننا فشلنا فتعالوا ساعدونا وإنقذونا مما فعل سفهائنا بنا. أنظر كيف قامت دول من تحت الركام بمساعدة الأمم المتحدة وبمساعدة شعوبها المنفتحة والواعية؛ اليابان، ألمانيا، كوسوفو، روندا، ساحل العاج، بولند والتشيك جميعهم تلقوا الدعم الأممي.
هامرس السكرتير العام للأمم المتحدة بين سنتي 1953 و 1951 عبر عن سياسة الأمم المتحدة لفض النزاعات بقوله (أن الإمم المتحدة لم تُنشاء لتدخل الجنس البشري إلى الجنة بل أنشئت لحماية البشر من النار) أي أن إختيار الرفاهية للشعوب وتجنب الكوارث لبرامج الامم المتحدة، هذه السياسة الواقعية هي النهج الذي سارت عليه الأمم المتحدة لعقود، فتاريخ الأمم المتحدة لفض النزاعات ليس كله بالمشرف، ففي روندا لم تمنع الأمم المتحدة جرائم الهوتو لمليون من قبائل التوتسي، وفي 16 دولة أخرى لا تزال قواتها رابطة بلا حل منها جنوب لبنان، وعلى ذكر لبنان كرست الهيئة الأممية بتعاون إقليمي النظام الطائفي المعقد ولم تستطيع نقل لبنان إلى دولة المواطنة. وفي العراق أشرفت على دستور معيب وعلى أكبر عملية فساد بعد إقرار برنامج النفط مقابل الغذاء، وفي اليمن لم تزيد عن توفير الغذاء، وفي مصر غضت الطرف عن الإنتهاكات.
البعثة الأممية في الملتقى الجامع بلا شك أنها لن تهتم بأن يكون المجلس الرئاسي والحكومة المقترحة مدنية ديموقراطية التوجه أم إستبدادية فردية، ولا يهمها الحريات العامة ولا التداول السلمي على السلطة ولا حتى وجود مؤسسات دستورية، ما هو على رأس أجندنها الإستقرار السياسي الذي يكفل للدول الكبرى إستمرار مصالحها مثل تطوير إستثماراتها ومنع الهجرة والحد من الإرهاب. وبذلك فإن من واجب القوى الحية المناصرة للتغيير وللدولة المدنية بلأتها الثلاثين (حرية الراي، التداول السلمي، وبناء مؤسسات الدولة، فصل السلطات، المواطنة، العدالة ….) أن تكون حريصة على أن يكون الحل للمشكل السياسي الليبي تبعا لذلك التوجه الموعود وعدم الحيود أو المساومة على مستقبل الأمة بقبول حلول تلفيقية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
مقالة جيدة بل ممتازة … الشئ الوحيد و من الممكن ان أكون مخطئ اشعر بان الكاتب يميل لمفرخ خيرات الصخيرات … ولكن لي سؤال للكاتب المحترم … هل حان الوقت ان نعترف بان هذا الشعب لن يحكمة الا الجيش بالبدلة العسكرية ؟ او بسبب اعمالنا التي في الزيادة سوف يكون الحكم من قبل دول ثانية يمكن ان تكون تشاد احدهم ؟ مع فائق الاحترام