يجتمع الشباب والشابات معاً في “الحرم الجامعي ب” التابع لجامعة طرابلس، إستعدادا لأداء امتحانات هذا العام الدراسي الصاخب.
لقد تغيرت أشياء كثيرة بالنسبة لأكثر من 120,000 طالب في هذه الجامعة. فقد تم إلغاء منهاج “الكتاب الأخضر”، ويجري التشجيع علي النقاش في الصفوف الدراسية، وإنتهت المخاوف بشأن تجسس أنصار معمر القذافي على زملائهم.
كذلك فقد تحول الطلاب الذكور، الذين تركوا الدراسة ليقاتلوا ضد نظام القذافي، إلى متطوعين يقومون بتأمين الحرم الجامعي، وذلك على حساب دراستهم كما يقول البعض. ولعبت المرأة الليبية دوراً هاماً أيضاً في المقاومة بالرغم من كونه أقل وضوحاً.
ويقع الحرم الجامعي الجديد في مبنى متعدد الطوابق-لم ينتهي العمل فيه بعد- يطل على الغرف الدراسية المتهالكة، والعشب المنتشر عشوائياً، والغرافيتي (الكتابة على الجدران)، ومبنى تم قصفه عندما كان يأوي القوات التابعة للقذافي.
والآن قد توقف البناء في المبنى الجديد، فقد نسي المقاولون التأسيس لأعمال السباكة قبل صب الأساس، كما يقول بعض أعضاء اتحاد الطلاب.
وبالرغم من البيئة المحيطة بهم، إلا أن الطلبة –الذين يرتدي غالبيتهم الجينز الضيق والكنزات الصوفية على آخر موضة- متفائلون عندما يجيبون عن المستقبل، لكنهم مترددون بشأن التغييرات المطلوبة.
فيقول محمد الحربي (27 عاما) رئيس اتحاد الطلاب، وهو يجلس على أريكة مريحة مع زملائه بمكتب العميد في كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، “نريد أن نبني علاقة بين الطلاب والإدارة …. كانت هناك فجوة كبيرة بينهم لسنوات عديدة”.
ويضيف، “وبشكل عام تواجه ليبيا تحديات سياسية كبيرة…. فكل شيء يسير ببطء شديد، كل شيء. وقد بدأ الناس في مقارنة الحكومة بالسلحفاة. بالطبع هناك وعود، وتم الوفاء ببعضها، لكنه تم إهمال البعض الأخر”.
ويتحدث الحربي، الذي يتكون الإتحاد الذي يترأسه من 250 عضواً، عن الوصمة التي ترتبط بإتحاد الطلبة بقوله، “ما زال الناس يحتفظون بالفكرة القديمة عن تنظيم داخل الجامعة يعتبر اعضائه مجموعة تجسس سرية. ومازال الناس يخشون من تكرار نفس الخطأ”.
ويضيف، “وكي أكون صادقاً معك، فالناس من نفس فئتنا العمرية قد تعبوا حقاً، وهم لا يملكون الطاقة للعمل الجاد في إتحاد أو حزب –وهم يقولون: لا نريد سوى راتب جيد وحياة مريحة- فقد مللنا من الإنتظار الطويل”.
هذا وتشكل فئة الشباب الغالبية في التركيبة السكانية بليبيا، فحوالي نصف السكان تقل أعمارهم عن 20 عاماً، مع معدل بطالة يقدر بحوالي 30 في المئة.
ويبدو أن الحربي مسرور لوعد الحكومة، في الآونة الأخيرة، بشأن حصول جميع الطلاب على 60 دولار كراتب شهري، بالرغم من أنه لا يعرف كيف سيتم توزيع هذه الأموال.
وما يشكل مأزقاً مماثلاً هو عدم وجود وعي لدى الطلاب حول آليات ومضمون العملية الانتخابية –مثل القوانين، والتسجيل، ومنصات الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين، والمنتديات والمناقشات العامة، وذلك بالرغم من إقتراب موعد الإنتخابات الوطنية في ليبيا في يونيو. وسيقوم الفائزون في هذه الانتخابات الحاسمة بتشكيل لجنة لصياغة الدستور لاحقاً.
لجين، 19 عاماً، وزميلتها رولا 22 عاماً، هما من الفتيات القليلات اللواتي لا يرتدين الحجاب في الحرم الجامعي.
وتقول لجين، “لا يوجد أي خطر من أن يتم تطبيق الشريعة الإسلامية … لكنهم إذا استخدموا الإسلام لحظر أشياء كثيرة، مثل منع النساء من قيادة السيارات، وسلبهن حريتهن، وإرغامهن على إرتداء الحجاب، فهذا هو ما نخشاه”.
وتضيف لجين أن الجماعات الإسلامية ناشطة جداً في الحرم الجامعي، وكذلك في الأحياء. أما بشير الجفري، 22 عاماً، فيقول “لابد أن تتقلد المرأة مناصب حكومية اليوم، عدا منصب رئيس الدولة، وذلك بسبب ما زرعته عقلية القذافي فينا، وكيفية تقبل الرجال لذلك. فإذا كانت المرأة تسعى لأن تصبح رئيسة ليبيا، فلن يتقبلها أحد … ومع ذلك نأمل أن نشهد تغييراً بهذا الشأن في المستقبل”.
وكانت ساحة الشهداء في طرابلس (الساحة الخضراء سابقا) قد شهدت في أول ذكرى سنوية للثورة 17 فبراير إحتفالية لافتة للنظر، حيث قام الرجال والنساء والأطفال بإنارة فوانيس عائمة للتعبير عن الفرح بحريتهم التي نالوها بشق الأنفس.
وشاركت كل من حاجة صابر وصديقتها رويدا مختار، من طالبات القسم الإنجليزي، عائلاتهن في هذه الإحتفالية. وهن من الفتيات اللواتي يتبنين بقوة أهمية الأدوار الجديدة للنوع الاجتماعي في ليبيا.
وتقول حاجة، “لدينا أهداف كبرى، ويمكننا القيام ببعض من وظائف للرجال، لكن الرجال هم الذين يمتلكون السلطة”.
وتوافقها رويدا قائلة، “هم يرون أنه لابد للنساء من البقاء في منازلهن … وأنه يمكنهن القيام بالأشياء الصغيرة مثل العمل في التدريس، ولكن في وظائف محدودة. فهذه بلد للرجال وليست للنساء”.
لا يتناسب ذلك مع جدول أعمال إسراء مرابط، 20 عاماً، فهي قائدة نشطة مع “صوت المرأة الليبية”، المنظمة المحلية غير الحكومية التي تشدد على ضرورة وصول المرأة للرعاية الصحية، والتعليم، والفهم العام للعنف القائم على النوع الإجتماعي.
وأهداف هذه المنظمة هي أهداف عملية بالنظر إلى ما يمكنها تحقيقه، فهي ترى أن إنشاء ملاجئ للنساء المعنفات سيكون من الصعب تنفيذه في مجتمع محافظ، كما أن المرأة الليبية لا تثق بالخطوط الساخنة، فقد أنشأ نظام القذافي خطاً ساخناً استخدم في إساءة معاملة الإناث المستضعفات بدلا من مساعدتهن.
هذا ويعتبر تثقيف النساء حول العملية الانتخابية في ليبيا، والشفافية السياسية، والتمثيل والمساواة في النوع الإجتماعي من الأهداف الأساسية لهذه المنظمة.
وقد وافق المجلس الوطني الليبي تحت ضغط من الجماعات النسائية على إلغاء حصة 10 في المئة المقترحة أصلا للنساء في قانون الانتخابات.وسيتم الآن تقسيم البلاد الى دوائر انتخابية على أساس التوزيع الجغرافي والسكاني، مع تخصيص 120 مقعداً للأفراد و80 مقعداً للأحزاب السياسية.
وسوف يتشارك الرجال والنساء التمثيل المتساوي في عدد المقاعد التي يفوز بها كل حزب سياسي، وتعتمد الجماعات النسائية على إمكانات تصويت أكبر للنساء الليبيات كنتيجة لذلك.
أما بالنسبة لمشاركة الشباب، فتقول إسراء: “هناك وجهان لعملة واحدة، فبعض الشباب تربى على عدم اتخاذ أي تصرف، في حين تقوم عقلية الكثير من الشباب على فكرة: لماذا لا تستمع الحكومة لنا؟”
وتضيف، “والوجه الآخر هو أن الحكومة لا تريد الاستماع للشباب. فاللعبة في الوقت الراهن هي لعبة الرجال الكبار سناً، فهم ينتظرون منذ 42 عاماً. لكن ذلك لا يمنعهم من إشراك الشباب وتوظيفهم بفاعلية”.
اترك تعليقاً