فى مقالة لى سابقة ذكرت حكاية من حكايات أهلنا فى البادية عندما مرّ أحد الرجال من أهل المدينة بنجع عامر بأهله فوجد بيت ربيع كبير منصوب فى أعلى تبة بالنجع يجلس به شيخ وقور فى العقد الثامن من عمره وبجواره خمسة من أبنائه ، فالقى عليه السلام فرد عليه الشيخ فقط مثلها وأكثر وهى عادات أهلنا عندما يكون الكبير حاضراً لا يتكلم الصغير إلا بإذن، وزاد الشيخ ترحيباً بهذا الضيف الغريب وطلب منه فى إحترام الجلوس بجواره حتى يستأنس الضيف ويشعر بالأمان ثم نادى على أحد أبنائه الذى كان خارج البيت بقوله يا (ترّاس) إكرم الضيف (صغة الأمر) وخللى النفاقة تُجهز الغداء ، هذه هى طبيعة أهلنا فى البادية نخوة وكرم ضيافة وفزعة ونجدة للملهوف ، وبعد تناول الغداء تحدث الضيف وقال … يا شيخ جيئتك هنا طالباً الزواج من إحدى بناتك فما قولك .. سكت الشيخ بُرهة وإلتفت إلى الضيف أنا عندى خمس بنات إحداهن نفاقه (يعنى المرأة التى تهتم بشؤون البيت ومتطلباته وحاضرة دائماً وعلى إستعداد للقتال مع أهلها) فمن تريد ؟؟ .. لم يفهم الضيف الغريب ما يقصد الشيخ غير أنه لا يخلوا من الخبرة الإجتماعية فى حياة البادية ، فقال أود الزواج من أخت الرجال وأبنة الشيخ الفاضل .. فسكت الشيخ مرة أخرى وقال لدى من الرجال خمسة أحدهم ترّاس وهنا تلعثم الضيف وظن أنه وقع فى إمتحان صعب فالشيخ لا يُضاهى فى الكلام (والكلام بلا معنى سفاهة) كما يقول المثل الشعبى وفى هذه اللحظة دخلت إحدى بنات الشيخ تحمل الشاهى وهى النفاقه فى حياء وخجل ولم ترفع عيونها فى والدها الشيخ ولا فى الضيف ثم إنصرفت . هنا بدأ الضيف يستجمع قواه الفكريه محاولاُ تفسير ما يعنيه الشيخ ولكنه فى آخر المطاف قال .. أيها الشيخ الفاضل بالله عليك أشرح لى ما حدث وما تعنيه حتى أغادر من عندك راضياً.
قال الشيخ بعد أن حمد الله تعالى على المال والبنون.. قُلت لك أن لدى خمسة من الرجال وليس كل الرجال رجال !! فهناك فرق شاسع بين التريس والرجال وأود أن أصدقك القول يا بنى أن لدى من الرجال خمسة ولكننى لا أعتمد إلا على واحداً وهو (الترّاس) الذى يرد المنهوبة ويحمى الديار فهو عمود البيت كما يقال والباقى رجال ليس أكثر من ذلك!! ولدى من البنات خمسة.. نساء وليس كل النساء نساء غير أن النفاقة هى أخت التريس الذين ليس لدى منهم سوى واحداً فإن كنت منهم سأزداد بك شرفاً وإن لم تكن كذلك فلك أن تختار إحدى بناتى الأربعة.
أفهمت يا بنى أم أنك لا زالت كما جئت، فقال الضيف الطالب للزواج.. لعمرى أيها الشيخ أنك أفحمتنى وأتمنى عليك أن تزوجنى النفاقة فأنا فى أهلى من التريس الذين عنيتهم وإنشاء الله تجدنى كذلك.
هذه الحكاية رأيت أن تكون مدخلاً لأولى الألباب ، فمنذ أكثر من شهر إطلعت على خبر فى الفيس بوك يقول أن بعض من أعضاء المؤتمر الوطنى هربوا من الأبواب الخلفية بعد أن هاجمهم بعض المسلحين الذين كانوا يعتصمون خارج مقر المؤتمر وقد أرفقت صورة فوتوجرافية لبعض من أعضاء المؤتمر (الرجال طبعاً) وهم يجلسون على بعضهم فى سيارة صغيرة لا تحمل سوى أربعة أشخاص وقد كانوا يجلسون فى (كتور بعضهم) وجوههم مُصفرّة يرتعشون من الخوف يسيطر عليهم الذهول منظر مُبكى مُضحك يدعو للإشمئزاز والتقزز فهل هؤلاء هم الرجال الذين إنتخبناهم ليُدافعوا عن حقوقنا وهم لم يستطيعوا حتى حماية أنفسهم ومنهم من دخل دورات المياه مثختبئاً إلى أن إنتهى الأمر ، بينما وقفت النساء داخل المؤتمر بكل شجاعة ، هذه هى إفرازاتكم أيها الشعب العظيم لقد خدعوكم ولم يقولوا الحقيقية عن أوضاعهم وسيرهم الذاتية ولم يكونوا واضحين مثل ذلك الشيخ الذى أوضح لطالب الزواج من إبنته الحقيقة فما من ذلك الضيف إلا أن أوضح للشيخ حقيقته وقال إنه من التريس وليس من الرجال أو أشباه الرجال أصحاب البدل الإيطالية والتركية والكرافتات والعطور الباريسية..!!!
أيها القراء الأعزاء … ليس من عادتى أن أشكر كثيراً أو أهلل لأحد إلا لأصحاب المواقف المُشرفة كموقف تلك النائبة المحترمة التى جعلتنى أقف إستعداداً وأنا أكتب مقالتى وهو تقديراً لها وإحتراماً لأقول وبأعلى صوتى (يا من فى المؤتمر العام نساءً ورجالاً) ألا تخجلون من أنفسكم بعد هذا الموقف المشرف. ويا من تطاولت فى الأيام الماضية على النساء داخل المؤتمر ورفعت صوتك وقلت أن الله سيحاسبكم على الإختلاط داخل المؤتمر !! فهل سمعت داخل المؤتمر عن السيدة الفاضلة التى رفضت إستلام صك السيارة (45) ألف دينار فهل أنت أفضل منها لا وألف لا.. ولتعلم أيها النائب أن موقف هذه المرأة المُشّرف قد هز أركان مؤتمركم المرعوب الذى بنى على أساسات خاوية!! فهى إمرأة من النساء الفُضليات الماجدات ، الذى تحاول سيادتك التطاول عليهن بما قرأته فى إيدولوجية إخونجية أكل عليها الدهر وشرب والتى لو إنتشرت فى هذا المجتمع لجعلت منه أحد مجتمعات الجاهلية.
أقول … الشيئ بالشئ يذكر لقد قرأت خبراً أثلج صدرى وقلت فى نفسى أن فى المؤتمر الوطنى نساء لا تُقارن بمئات أشباه الرجال ، السيدة المحترمة فريحه البركاوى النائبة عن مدينة درنه قامت بترجيع الصك أبو (45) ألف دينار وقالت عبارة فى منتهى الوطنية (هذا الصك من حق الشعب الليبى) ألله أكبر ألله أكبر أين نحن من هذه السيدة النائبة المحترمة حقاً وليس مجاملة يا أهل الكهف بالمؤتمر، صكوط وزعتها اللجنة اللمالية بالمؤتمر على جميع الأعضاء لشراء سيارات فارهة من دم الشعب الليبى وكأنها توزع فى تركة هذه الشعب الطيب وهو على قيد الحياة! فمن قال لكم أن الشعب راضى عن إهدار ثرواته سواءً على السيارات أو الإقامة أو حتى المرتبات التى تعدت (الـ (9) تسعة آلاف دينار، ياغمة يا أعضاء المؤتمر . ولكن الحمد لله أن فى المؤتمر نساء بما تعنيه الكلمة تستحق التقدير والإحترام والوقوف لها إستعداداُ… هذه السيدة إستطاعت أن تضرب لنا مثلاً عظيماً فى إحترام المال العام بينما معظم أعضاء المؤتمر يصبحون على النهب بإفطار خمسة نجوم ويمسون على اللهط وتعدد الوجبات وهم يوقنون أن الشعب الليبى بدأ يحتقرهم ويقلل من شأنهم وهناك من تطاول عليهم بالضرب داخل القاعة وهناك من يتوعدهم بالإسقاط فى أول إنتخاب قادم وغداً لناظره قريب.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
سلمت اخى ,لعل السيدة الفاضلة ( فريحة البركاوى ) قد اضاءت بعملها الوطنى داك شمعة آمل الى جانب الشموع القليلة جداً ( بعض الاعضاء الوطنيين حقاً ) فى ردهة مؤتمرنا الوطنى الحالكة , فالمراقب للمؤتمر يتأكد فى كل يوم بأن اغلب رجاله يمثلون عكس القول المعروف (الرجل المناسب فى المكان المناسب ) و للاسف جُلهم لا يستحقون الكراسى التى يجلسون عليها , وهم يثبتون فى كل مرة ان مصالحهم الشخصية ,فى نظرهم فوق مصلحة الوطن .