أمس الأحد الموافق 16/12/2012م وعلى تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً فتحت القناة الفضائية (ليبيا الوطنية) وإذا بجلسة للمؤتمر الوطنى العام فقلت فى نفسى من زمان لم نشاهد هذه الوجوه !! لقد كانت الجلسة حامية الوطيس بين أعضائه من أبطال الخطابات والتشدق بما قدموه من تضحيات وهمية ونضال من اجل الشعب الليبى ويبدو أنها كانت معارك شرسة حول أمن الجنوب ، خطابات وبطولات وعنتريات وقسم وطلاقات وهنا تذكرت المثل الشعبى المصرى الذى يقول (أسمع كلامك أصدّق أشوف أمورك أستعجب) بعض الأشخاص هم من الذين رفعوا شعار عدم الخروج عن الحاكم وإعتبروا ذلك حرام قطعاً ومنهم من وصل إلى حد القول (أللهم أضرب الضالمين بالضالمين لنخرج منها نحن سالمين) منتهى إنعدام الإيمان بالله تعالى والأنانية والجحود وحب الذات والنكران للقيم والمبادئ الإنسانية وفقدان الوطنية والإنتماء الوطنى أليسوا برجماتيين مصلحيين وصوليين لا هم لهم إلا الوصول للكراسى التى كانت عيونهم عليها منذ اليوم الأول للإنتفاضة حتى ولو أستشهد الشعب الليبى كله وبقوا هم .. من المؤكد أنكم تعرفتم عليهم لاشك فى ذلك أيها القراء الأعزاء!!!.
لقد تحول المؤتمر إلى ساحة للخطابات المٌدوية وكأنهم فى سوق عكاظ .. جعجعة والطحين كلام فى كلام يبيعون الكلام كما يبيعون العملة الصعبة التى يرجعون بها من المهمات الخارجية لأن ترجيعها للمصارف يكون مكشوفاً وربما سيفتح عليهم أبواب يصعب قفلها ! هذه حقائق وعلى المؤتمر أن يرد إذا لم يكن هناك العشرات من المهمات بالخارج صًرف عليها بدل سفر الملايين وأُسندت لغير أهلها من أنصاف المتعلمين وغير المختصين ولكن لكسب صوت هذا وذاك . أقول … بمجرد أن تنتهى مداخلة وخطبة النائب حتى يطلب إذن للخروج لكى يتصل ببيته وأصدقائه وهو فى قمة النشوة ليسألهم عن رأيهم فى كلمته المبجلة !! وهنا يخطب أحد فرسان المؤتمر من الذين لا يُشق لهم غبار فى الخطابات فى ميادين الإعتصامات وصالات الإجتماعات وإجادة دور المُصلحين أمام الشباب لينشروا أفكار وخُزعبلات أحزابهم الوافدة على منابر المساجد ، هؤلاء من قال فيهم أمير الشعراء أحمد شوقى (برز الثعلب يوماً فى ثياب الواعظين .. ومشى فى الأرض يهدى ويسب الماكرين) وإذا به بصوت مدوى تهتز له قاعة المؤتمر حتى أن الصورة المُصاحبة للصوت تنقطع وتأتى لقوة هذا النائب المؤقت وكأنه يقود جيش عرمرم ، يقول لا بد من إقصاء كل من عمل فى النظام السابق وأفسد الأخلاق والتعليم والإعلام والسياسة والإقتصاد و.و.و ّ!! .. حتى أنه لم يٌبقى شيئاً ونسئ هذا النائب أن ذلك ليس من إختصاصه ولا من إختصاص رئيسه المقريف ولا إختصاص الذين معه بل من إختصاص القضاء والمحاكم والقانون وليس أولئك الذين أصابتهم التُخمة من أكل السحت حتى زادت أوزانهم للضعف ولحاهم وصلت إلى بطونهم !! والإستحواذ على مال الليبيين من المرتبات التى تعدت العشرة آلاف دينار شهرياً والتى لم يحلموا بها يوماً إلا إذا كانت أضغاث أحلام ، ولا السيارات التى وصلت إلى 45 ألف دينار ومقابل السكن بعد أن إستحوا على وجوههم وخرجوا من (ريكسوس) غصباً عنهم نتيجة للضغط الإعلامى حتى تم تسجيل ذلك فى قائمة قينس للإقامة فى الفنادق لمجموعة جاءت من أجل الوطن عفواً من أجل أنفسهم ، وكأن ليبيا لا يوجد فيها إلا هؤلاء لكى نتحايل عليهم ونستجديهم لينهبوا أموالنا بالقانون ، هذا المؤتمر المُستنسخ من مؤتمر الشعب العام بدون لوحات ولكن بصناديق إقتراع بالتزوير والكذب على الطيبين من أبناء شعبنا الذين خُدعوا فى وضح النهار ، فلا تنسوا أيها السادة أن كذب بعضكم على مواطنى مناطقكم لا زال أمام الجميع ويتحدثون عنه ويتحسّرون على إنتخابكم حيث قمتم بالتدجيل وإنتهاج الكذب وضحكتم على ذقون أهلكم وقلتم بأعلى صوت أنكم مُستقلون وبعدها غيّرتم جلودكم بجلود الأحزاب الممولة من الخارج والعميلة لدول يعرفها الليبيون .. ألستم خائنون للأمانة وتستحقون الإسقاط علناً كما تم الإطاحة بالقذافى الذى وًصف بالخيانة يا سيادة النائب.
أقول لهذا النائب ومن على شاكلته ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا ، ورافع السموات من غير عمد أن إستلامكم للتعويضات بمئات الآلاف من القذافى لهو خزىّ وعار عليكم وعلى أسركم وعلى كياناتكم السياسية وبهذا أثبتّم أنكم لستم بعصارى !! ، ولو أن أيديكم لم تمتد إلى النظام السابق بالمصافحة والعهد وتستلم منه التعويضات التى لم تُعجب البعض منكم كقيمة وإتصلتم بأهل القانون لرفع دعاوى لزيادة التعويضات ، لكنت أول من يحترمكم وأن أؤيدكم فى كلامكم ، فالجعجعة أحياناً عند أطباء النفس لا تعنى الصدق ولا تعنى الصراحة والشفافية بل تعنى عقدة النقص ومُحاولة إخفاء الحقائق وكم من خطابات مُدوية فى ساحات الإعتصامات وعلى منابر المساجد كشفت أصحابها أمام الرأى العام حتى ولو لبسوا جلابيب الصحابة الأطهار فلن يغنيهم ذلك شيئاً ولن يُغير من صورهم وضمائرهم وإيمانهم.
إن المؤتمر الوطنى العام يا سيادة رئيسه المحترم ليس ساحة للخطابات والعنتريات فقد طالبتك أكثر من مرة أن تفتح ملفات لكل من معك فى تلك القاعة فقد بلغ السيل الزُبا ، فلو فتحت ملفات الكثير ممن معك يا سيادة رئيس المؤتمر وألتفت يمينك وشمالك ودققت فى وسط القاعة فستجد ما قد يُدهشك من أصحاب الخطابات المُزلزلة والعنتريات المُدوية التى تتضمن التهديد والوعيد لنظام كانوا أول من إستفاد منه وخدموا صبياناً لدى أبنائه وإتمروا بأمرهم . فافتح يا سيادة المقريف الملفات وأبدأ بنفسك أولاً ، فكيف بالله عليك تُهدد وتتوعد السفراء الليبيين بالخارج وتتهمهم بعدم الأمانة جميعاً ولا تستثنى أحداً إلا إذا كنت أنت قد إستثنيت نفسك بأنك كنت أميناُ على أموال الشعب الليبى التى كانت بعُهدتك عندما كنت سفيراُ لليبيا فى الهند وأنا لا أشكك فى ذمتك . أردت فقط أن أذكّرك وأنت اليوم مسؤولاً عن الوطن والمواطنيين وأردت أن لا تؤثر فيك جعجعة البعض من نواب الغفلة الذين تمرغوا فى أموال الليبيين عندما قبلوا على أنفسهم بأن يستلموا التعويضات المالية دون موافقة الشعب الليبى وهو حق مشروع فالأموال التى إستلموها ليست أموال القذافى بل أموال الشعب الليبى فهل هذا حلال أم حرام مع علمى بأن هناك كياناً سياسياً يحلل أموال الحكومة حسب أيدولوجيته الوافدة.
إن هجوم البعض على الخارجية يعنى أنه أمر (دبّر بليل) فيبدو أن أصحاب أعلى مرتبات فى ليبيا المتواجدون فى المؤتمر الوطنى نتيجة للخوف من قرب إنتهاء مُدتهم ، بدأوا يتطلعون مع مُريديهم وبطانتهم إلى السفارات ليكونوا سفراءّ وموظفين كبار بعد إنتهاء مدتهم فى ما يُسمى المؤتمر الوطنى وهذا ليس غريباً فقد قام بهذا الإجراء المجلس الإنتقالى الوطنى قبل مدة إنتهاء مهامه وأصبح اليوم البعض من أعضائه سفراء فى الخارج يتقاضون عشرات الآلاف من العملة الصعبة كمرتبات وإمتيازات عائلية . لقد تأسفت كثيراُ أن يقود الهجوم على الخارجية السيد محمد المقريف شخصياً وينسى الأمور الهامة التى تُهدد مُستقبلنا وأمننا المتمثل فى الإغتيالات وخطف الأطفال والحرائر وعبور الحدود بالأسلحة والمخدرات من كل مكان ونهب المصارف وسرقتها والفساد المُستشرى فى أركان الدولة وضعف المجالس المحلية الشكلية وقلة إمكانياتها مادياً ومعنوياً.
أيها السادة إننى وصلت إلى قناعة بأن كل من قال كلمة فى حق هذا الشعب أيام التحرير عندما كان هو وعائلته خارج الوطن بينما كان ثوار ليبيا يستشهدون فى ساحات الوغى وتُبتر أطرافهم ويُفتقدون هنا وهناك ، جاء اليوم هذا الإنتهازى مُطالباً بالثمن ولو كانت وظيفة فى إحدى سفاراتنا بالخارج التى تدفع رواتبها للعاملين بالعملة الصعبة وهو بيت القصيد.
أقول بكل صراحة وشفافية أن المواطن الليبى اليوم بدأ فى مرحلة من الغيبوبة السياسية والإجتماعية والتخبط فى التصرف ومُراجعة النفس بكل ألم وحسرة ، يتساءل ويتحدث مع نفسه ، هل كان خروجنا للإطاحة بالنظام من أجل أن يأتى البعض من الإنتهازيين ليجلسوا على الكراسى ويحصدون المرتبات والإمتيازات الوظيفية لهم ولأبنائهم ؟! يا للأسف وزراء ووكلاء وزارات ومدراء فرضوا قرارت إيفاد لأبنائهم للدراسة بالخارج وفى نفس إقامتهم على وزارة التعليم العالى (لا حشّم ولا أجعّره) كما يقال ، وهم الذين لم يدخلوا ليبيا إطلاقاً حيث جاءتهم القرارات قبل أن تنتهى فترة حكومة الكيب وكأنها (ياغمة فى مال يتامى) فى بريطانيا وأمريكا وكندا وغيرها من دول العالم وأن يتحصلوا على قرارات تعيين فى سفاراتنا وهيئة إستثماراتنا المختلفة … هؤلاء لم يكن همهم تحرير ليبيا بقدر ما أن يتحمل الشعب الليبى إنهاء حكم القذافى لكى يدخلوا هم على الخط ويستولوا على السلطة وثروات ليبيا وما يتحصلون عليه من غنائم عينيه ومعنوية وينسبون تحرير الوطن لهم كذباً وزوراً ، أما من أستشهد فقد أستشهد لنفسه ونسأل الله تعالى أن يكون مثواه الجنة ولا يفتقده اليوم إلا أهله وما تركه من ورائه من الثكالى واليتامى ولكى يُعيد التاريخ نفسه مرة أخرى فبدلاً من طاغية ها نحن نخلق طغاة بأيدينا فى غفلة منا فمتى نستيقظ من منامنا قبل أن تضيع ليبيا من بين أيدينا وتحكمها هذه الزمرة بأجندات خفية لا يعلمها إلا الله فأستيقظوا أيها الثوار والشباب الوطنى المخلص فقد ضاع حُلمكم وآمالكم قبل أن تبدأ وأستعدوا لجولة أخرى قد لا تُبقى ولا تذر ولكنها ستكون لتصحيح المسار فقد عرفنا عدونا الأصغر وتم الإطاحة به وخرج علينا عدونا الأكبر ليحل محله ، فالنستعد لذلك وننتظر ليوم مشهود … ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
شكراً آخى الكريم على مقالتك الصادقة و اُشاطرك الراى تماما ….و لقد نشرت مقالة فى بدايات الثورة للتحدير من الاحزاب و التنظيمات المجهزة سلفا فى الخارج و من دوى الجنسيات المزدوجة و انهم سيكونون وبال على ليبيا …و حدرنا من تخلى الثوار عن اسلحتهم لآننا كنا نتوقع ما الات اليه الامور اليوم فى ليبيا ……نرجو الا يكون الاوان قد فات…ونرجو من جميع الوطنيين الحقيقيين و اللدين لا ينتظرون ثمن قولهم للحقيقة او دفاعهم عن بلدهم و اهلهم …الاكثار من مثل هده الكتابات لتوعية الناس
و ليعلم الانتهازيون الحداق بانه يوجد فى الليبيين من يراهم على حقيقتهم و بدون الاقنعة الوطنية التى يرتدونها
ألف شكر أختنا الليبية وبارك الله فيك ، الحمد لله أنه فى وطننا لا زال هناك حرائر قادرة على قول الحقيقة بكل صراحة وشفافية دونما تردد أو خوف ، هذا يُشجع أى كاتب على أن يستمر فى إنتقاد ما يحدث أمام أعيينا من إنحرافات وسرقة للمال العام وبالقانون كما يقولون ويرددون من هم فى الفنادق الخمسة نجوم و سكان الفلل التى أجّرت لهم أخيراً ، وما حصل اليوم فى المؤتمر الوطنى من لغظ وتحامل على رئيس الوزراء على زيدان لهو أكبر دليل على أن أصحاب الكيانات السياسية المستوردة تسعى إلى للإستيلاء على السطلة وعلى ثروة الليبيين والإستعداد للهروب من هذا الوطن إذا تعرّض لآى أخطار وتركه فى هذه الحالة المزرية .