كنت أحاول أن أقول في الجزء الأول لما كتبته تحت هذا العنوان. بأن القول عن (سايس بيكو) جاء لتقّسيم المنطقة، كما درجت وسائل الاعلام بجميع وجوهها على ترديده. هو قول فيه كثير من الحيادية خاصتا عندما يأتي على لسان جغرافيات هذه المنطقة. فهي تفّرغه من محتواه الكارثي الذي الّحقة بهذه المنطقة بما فيها من بشر وشجر وحجر على مدار قرن من الزمان. وفيه ايضا ستر لعورة صانع هذا المشروع، والمسؤول عن كل ما لحق بهذه الجغرافيات من كوارث، ومما تعانيه حتى اللحظة من تأزم تنموي بوجهه العديدة. سياسي. ثقافي. اقتصادي. الخ. وبه أيضا -أي بهذا القول- يتمكن صانع (سايس بيكو) ومن تحت هذه المظلة من اعادة انتاج نفسه. فصِرّنا نشاهده يتصدر المشّهد في جميع وسائل الاعلام، وتلاحقه عدساتها في جميع الملتقيات الدولية والاقليمية وحتى المحلية. التي تتناول شأن المنطقة المأزم. بل يَفّتى ويُسّتفتى في شئونها، بل ويُوضع الملف الليبي بين يديه الكريمتين ليجوب به دهاليز واروقة الامم المتحدة وقاعاتها. ونلاحظ مندوبة السامي بإقليمنا الليبي في مرّات عديدة ومن خلال نشرات الاخبار وهو يتابع شئون مصرف ليبيا المركزي ويجتمع مع ومؤسسة النفط ولا يغّفل عن متابعة شركة الاستمارات الخارجية. وكأنه يقول لجميع الليبيين بان هذه الدوائر ملك يمِينه. ومن لا يعّرف مضامين مُلك اليمين فليسّتفتي عارف. ولكن يكفي أن تعرف بأن نشاط فرع شركة الاستثمار الخارجي الليبية بأوغندة، والذي ضمت الدولة الأوغندية اخيرا اصوله الى امّلاكها. كان يُدار بطاقم ادارى جيئا به من بعض دول الكومنولث. ومقر إدارته بالأمارات العظمى.
ومن واقع الحال أود القول. ان الانتفاضات التي حدثت داخل الجغرافيات التي ترزح تحت قبضة صانع (سايس بيكو) هي في واقع الامر ثورة علية وليست على بيادقه كما يحاول هذا الصانع الخبيث على تسويقه لنا وللعالم. فالجميع يعرف بان هذه البيادق، صُنعت على يده وهو من نفخ فيها من روحه. فبُعثتْ فيها الحياة. فكانوا ملوك وامراء وزعماء وقادة ورؤساء دول وظيفية لا غير. وبقول اخر فهذه البيادق في مجّملها تستمد حياتها منه.
كنت احاول ان اقول وتحديدا للهيئة الاممية، والتي اتصورها شخصية عالمية اعتبارية مستقلة. لا يجب إطلاق يد صانع (سايس بيكو) في شئون المنطقة، لان الواقع التاريخي يقول بانه ولا أحد سواه كان من وراء تأسيس هذا الواقع المأزم الذي يعصف بها على مدار قرن من الزمان. وفى تقديري سيجر المنطقة ان دام هذا الحال الى واقع سيتهدد به السّلم العالمي. وارهاصات ذلك ظاهرة للعيان امام كل ذي بصيرة. بدأ من تفجيرات بغداد ودمشق والتي لم تنتهي بعد، مرورا برُعب باريس وبروكسل والمانيا، ووصولا الى مُخّتبراته وحقل تجاربه في جغرافيات افغانستان واليمن والصومال واكاد اقول السودان. حيت المخزون البشرى الذي تكتنفه الحاجة من فقر وجهل ومرض.
وفى تقديري. لن يكون هذا للهيئة الاممية بدون بناء رؤية متكاملة عن الشأن الليبي. تتكئ على ركائز ثلاث
- الباعث الذي دفع الليبيون على الثورة لتضعه في صلب رؤيتها
- ثم قراءة الواقع الليبي. جغرافيا. ديمغرافيا. ثقافيا. لتتعرف الى أي واقع وفضاء إقليمي تنتمي ليبيا، لتعمل على تثبيتها وتؤسس لتجديرها داخل فضائها الطبيعي، من خلال معالجاتها هذه، لأن في ذلك تأسيس لاستقرار دائم، من خلال علاقة بناءة مع جوارها وفضائها المغاربي المتوسطي، وفيه ايضا امكانية زيادة منسوب السلمْ العالمي في نطاق هذه الجغرافيات
- وأخيرا تطعّم كل هذا بمضامين ميثاقها بما لا يتعارض مع خصوصية البلاد.
وفى تقديري بان خريطة طريق تُستخلص من رؤية ترتكز على هذه الثوابت، ستكون لا ريب في صالح ليبيا واقليمها ومحيطها الدولي القريب والبعيد. وسيكون على الهيئة الاممية تطّوِيع كل المفردات الليبية التي تتصدر المشهد بكل تنوعاته، لإستخلاصاتها هذه. التي تُضمّنها خريطة طريق. ويكون لزام عليها ألا تنطاع او تنصاع لأي مسار اخر غير هذا. لان في ذلك منح غطاء أممي لإعادة انتاج (سايس بيكو) جديد، أي اعادة انتاج الازمة وان بثوب ووجه جديد. والهيئة كما هو معلوم وُجدت لتفّكيك الازمات لا لإعادة انتاجها…
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً