ليبيا بين تهديدات “حفتر” والمصالحة مع اليهود

ليبيا بين تهديدات “حفتر” والمصالحة مع اليهود

علاء فاروق

باحث سياسي مصري متخصص في العلاقات الدولية وشؤون المغرب العربي

كعادة الملف الليبي يظل ساخنا ومتجددا ومليئا بأحداث كثيرة داخلية وخارجية تجعلك تتوه في قراءة المشهد أو محاولة الغوص في تفاصيله، فتارة تتوقع إنتهاء الأزمة وهدوء الأوضاع..وأخرى تفقد الأمل في حل الأزمة وتنازل كل طرف لأجل تحقيق الاستقرار أو المصالحة.

وتزدحم الملفات الليبية الشائكة في كل يوم.. لكن من أحداث اليومين الماضيين التي أثارت لغطا وجدالات واسعة، التهديدات التي أطلقها العقيد أحمد المسماري المتحدث باسم القوات التابعة للحكومة المؤقتة –الغير معترف بها دوليا- ضد الساسة في ليبيا وإعطائهم مهلة ستة أشهر لحل الأزمات أو تدخل الجيش، والثاني: مؤتمر عقد في جزيرة “رودس” اليونانية بين شخصيات سياسية ليبية وبين مجموعة من يهود ليبيا والذين يقولون أن لهم مطالبات من الليبيين بعودة ممتلكاتهم ودفع تعويضات لهم ورجوعهم للبلاد.

تهديدات عسكرية

وبلغة الآمر العسكري، هدد العقيد أحمد المسماري المتحدث باسم القوات التي يقودها “المشير” خليفة حفتر، الساسة في ليبيا بضرورة “إيجاد برنامج واضح لإنقاذ الوطن والمواطن خلال 6 أشهر، وإلا ستكون كلمة الجيش في الموعد”، أي أنه سيتدخل ليكون هو الحل.

ولم يكشف المسماري أو قائده عن طبيعة هذا التدخل أو مبرراته، وهل سيكون تدخل لحل مشكلات المواطن أو رفع المعاناة عنه –كما عبر حفتر لبعض مشائخ قبائل الشرق الليبي- أم سيكون تدخلا للسيطرة على الحكم وإدارة شؤون البلاد.. لكن كيف سيحدث ذلك ولم يبسط “الجيش الليبي” كامل سيطرته على باقي المدن، ناهيك عن سيطرته على شرق البلاد أصلا.

وإذا كان السيد حفتر وقواته يملكون فعليا الحلول التي سترفع معاناة المواطن.. لماذا تأخروا حتى الآن في تقديمها؟ ولماذا ينتظرون ستة أشهر أخرى ليقدموها.. أم هو استغلال للأمر لتأليب الشارع على أي حكم مدني.

هذه التهديدات أثارت استياء واستهجان بعض الساسة، والذي طالب بعضهم – وهم مؤيدون لحفتر وجيشه ومنهم النائب زياد دغيم- بتقديم إيضاحات لهذه التهديدات، وطبيعة التدخل التي يريدها حفتر؟.. وهل يقصد شخصيات أم مؤسسات؟ ولماذا ستة أشهر تحديدا-تنتهي المهلة في ديسمبر وهو موعد انتهاء م\ة الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات وإنتهاء مدة حكومة الوفاق الوطني.

ورغم المعاناة السياسية والأمنية والمعيشية إلا أن لغة التهديدات وطرح الحلول العسكرية لازالت تحكم تصريحات حفتر ومن يتحدث باسمه، وهو ما جعل الكاتب الصحفي المصري الكبير مكرم محمد أحمد يهاجم “حفتر” في مقاله الأخير لرفضه لغة الحوار مع منافسيه وإصراره على لغة الحل العسكري.

مؤتمر لليهود

إمعانا في تعقيد المشهد الليبي أكثر، أثار مؤتمر عقد في جزيرة رودس اليونانية، مؤخرا، قال منظموه أنه يهدف إلى “المصالحة وبدء حوار” بين ليبيا واليهود الليبيين، حضره كثير من الشخصيات الليبية إلى جانب شخصيات رسمية إسرائيلية، ونظم المؤتمر اتحاد يهود ليبيا الذي يرأسه “رفائيل لوزون”، والذي أكد في تصريحات صحفية أن “المشاركات في المؤتمر لم تكن مقصورة علي يهود ليبيا بل شارك فيها مسيحين ويهود آخرين”.

وتتلخص طالب يهود ليبيا في: عودتهم إلى ليبيا والحصول على تعويضات عن “تهجيرهم” أو هجرتهم منذ نكبة 67، ومشاركتهم كمواطنيين ليبيين في أي استحقاق دستوري أو انتخابي.

وجاء الجدل حول المؤتمر بسبب: رفض هذه الشخصيات المشاركة وعلى رأسهم وزير الإعلام السابق عمر القويري الجلوس أو المصالحة مع شركاء سياسيين ليبيين ووصفه لبعضهم بالإرهابيين والميليشيات، ورغم ذلك يسافر للتصالح واللقاء مع “يهود” عاشوا أغلب حياتهم في الخارج، أليس من الأولى الجلوس مع ليبيين عانوا مثلما عانى الوزير –في حال مرت عليه أية معاناة.

وردا على هذا المؤتمر، أكد الكاتب الليبي إبراهيم بن نجي أن “النظر إلى مسألة خروج اليهود من ليبيا خلال نكبة عام 1967م على أنها مسألة ليبية بحثة، هو نظر قاصر وحكم ظالم، وتجاهل لسياق الاحداث في فلسطين والمنطقة منذ بدايات القرن الماضي، وما نتج عنها من احتلال فلسطين وتهجير 12.5 مليون فلسطينيا، وسلب ممتلكاتهم ومصادرة أراضيهم وارتكاب المجازر في حقهم، وإذا أراد يهود ليبيا العودة فلابد من إرجاع حقوق المسلمين الفلسطينيين أولا”.

وبين تهديدات “حفتر” للساسة وبين مطالبات بحقوق ومصالحة مع اليهود رغم تشرذم إخوة الوطن والمناطق، تعيش ليبيا في حالة مزرية تحتاج فقط إلى مخلصين يشخصون “مرضها” الحقيقي لعلهم يصلون إلى علاج ناجع… وربما يكون قريبا.. قولوا “آمين”.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

علاء فاروق

باحث سياسي مصري متخصص في العلاقات الدولية وشؤون المغرب العربي

اترك تعليقاً