أثبتت القبيلة في ليبيا أنها كيان خائن.. ومراوغ.. ومخاتل.. لا يعول عليه، ولا يهمها غير مضارب خيامها.. والوطن بأسره ليس إلا كيان دخيل منافس بالنسبة لها، فمن يلوِّح بتقسيم وطنه لن يتردد في تمزيق أشلاء قادته وزعمائه. ولكن من صدقوا أوهام العظمة أبدًا لا يتعظون.. وبعد كل هزيمة لن تستسيغ آذانهم إلا أصوات هتاف المخادعين والمخاتلين.!
وسرعان ما ينسى الزعيم الطموح الجديد أن من يتلوا عليه وثائق العهد والبيعة اليوم هم نفس الوجوه والأعيان والمشايخ الذين عاهدوا وبايعوا من سبقه، وخذلوه عندما شعروا بهزيمته وفقدان سلطانه وهيبته، وبلا تردد تركوا من كانوا قد عاهدوه زعيمًا للأبد هائمًا في الصحراء وفريسة ينهشها صبية عابثون ليموت متوسلًا رحمتهم وشفقتهم.
القبيلة لا يؤمن جانبها؛ فهي مجتمعة تستمرئ الخيانة، وتنكرها إذا ما تفرقت. فلا أحد من هؤلاء الوجهاء والأعيان اليوم يعترف بعهد قبيلته، وبيعتها بالأمس. ويظل قطيع القبائل مع المنتصر، ولو كان غريبًا أو زعيمًا لدولة مجاورة، وضد من يسقط مهزومًا، ولو كان من نسلهم وذريتهم. فلا تطرب كثيرًا لهتافهم والزبد المتطاير من أفواههم فهؤلاء لا عهد لهم. وربما، تكون “القبيلة” هي “الأنثى” الوحيدة التي تستوجب منع السفر بلا محرم، فهي جسد شبق يمارس العهر والخلاعة في قصور زعماء وشيوخ دول الجوار علنًا بلا أدنى خجل أو حياء.
لذلك لا تعول على هذا الكيان الذي كلما اقترب من السياسة تحول إلى ورم خبيث يصعب استئصاله من جسد الوطن. وان تحشيد القبائل لإنقاذ جيش من الهزيمة ليس إلا هزيمة أخرى أكثر بشاعة من سابقتها. والحماقة التي تدعوك لتجييش قبيلة ضد قبيلة أخرى في بلدك هي الهزيمة الحقيقية والسقوط الذي لا نهوض بعده، ولا رجاء في الشفاء من لعنته وإلى الأبد.
في كل حرب أهلية، ثمة باب للنصر يبقى مفتوحًا على مصراعيه، ولا يجرؤ على دخوله إلا الأبطال والشجعان الحقيقين، لا دماء فيه، ولا أرواح تزهق، بل تحقن فيه الدماء وتصان فيه الأرواح، ويصبح السابقين إليه أبطال للسلام واخماد نار الفتنة في وطنهم. لأن السلام هو ما يتطلب الشجاعة والحكمة، أما الحروب الأهلية فلا تحتاج إلا جيشًا من المغفلين والجبناء واللصوص وقطاع الطرق.
الحروب الأهلية لا تصنع أبطالًا، والتاريخ لن يذكر زعماء الحروب في بلدانهم إلا قادة لعصابات من المجرمين والقتلة. وأمام كثير من الحالمين بالزعامة والطامعين في السلطة فرصة حقيقية بأن يكونوا أبطال سلام في ليبيا ومنقذين حقيقيين بما يقدمونه من تنازلات وما يتقبلونه من هزائم في سبيل وحدة وسلام واستقرار أوطانهم.
فهل يجرؤ قادة جيوشنا أن يكونوا أبطال للسلام وعودة الاستقرار؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
صدقت والله يرحم والديك .. واهنئك علي الايجاز والمعني المركز للجمل والكلمات فإنك والله اختصرت مايمكن سرده في كتاب او مجلد علي الاقل في مقال.
واتمني ان يقرأ هذا المقال كل من مازال يعلق امآل زائفة علي القبيلة واذكره ان يوما ما سيكتشف ان المرض الذي يعاني منه الوطن الغالي هو “القبيلة”.
واشكرك اخي الكاتب علي هذا المقال الهادف.
الدولة هي الملاذ الامن وهي الكيان الحديث وهي نتاج انساني لا يمكننا التخلي عنه وهو الطريق الى المستقبل. ولكن اذا انهارت الدولة او تصدعت تبقى القبيلة لأنها هي الجدور التي نمت منها الدولة . ارجاع الدولة وتفعيل مؤسساتها ولو كانت ضعيفة يختصر الطريق ويبعد المخاطر السلبية للقبيلة. جميل ان نقرأ هكذا ونوجه البوصلة نحو الاتجاه الصحيح وهو الامن والسلام والاستقرار لتتفاعل الأفكار ونبني حضارة ، لكنني احدر من معاداة القبيلة لأنها ذلك الوحش المرابط في عرينه يلتهم حتى نفسه. القبيلة يجب ان تكون من الأسس التي يعول عليها لأنها تربطنا بالأرض والاصالة . شكرا على هذا المستوى من التقافة والحوار.
صدقت ورب الكعبة فمصيبتنا في ليبيا هي القبيلة المنتنة الملعونة فعليكم بالوطن وإبعاد الورم السلطاني (القبيلة ) من حسبانكم ليبيا هي قبيلتنا جميعا موحدة …