أنزل الله جل جلاله قوله: ” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ” آل عمران 110، لقد اختار الله سبحانه وتعالى صحابة رسول الله ليكونوا من حوله في البعثة ويصدقوه ويوازروه ويدافعوا عن هذا الدين ويتشربوا من خلق النبوّة فيتخلقوا بها فتقرأ عليهم من حسن الخلق مالا تقرأه على أحد من قبلهم ولا أظن من بعدهم. هكذا كانوا فزكّاهم الله بأنهم خير الناس بحسن إيمانهم وخلقهم، قام أؤلئك بكل ما يقوم به البشر من الإعمار والبناء الإجتماعي القوي فأسسوا حضارة انتقلت أسسها القوية لمن بعدهم فسادت الأمم. لقد ذكر الله جل جلاله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم قال سبحانه وتؤمنون بالله، إنها إشارة قوية بأن الإيمان بالله وحده لا يجدي صاحبه شيئا. لقد إعتمدنا على هذه وغيرها من الآيات البينات فاعتقدنا بأننا الأمة الناجية مهما فعلنا وأصبحنا نتصرف بأخلاق لا شروط ولا قيود لها بل في كثير من الأحيان لا تمت للإسلام ولا الإيمان بشئ. أصبح الإسلام عند أغلبنا تراثا نعتنقه لوجودنا في وسط يدين به فينطبق علينا قوله سبحانه:” قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ” الزخرف 22. نحن أمة إستحلت الربا وأكلته بل أفتى بعض مشائخها بذلك! نحن أمة تغش وتكذب! نحن أمة يكيد أفرادها ودولها لبعضهمُ البعض، حسد وحقد ! يكفر بعضنا بعضا ويقتل بعضنا بعضنا ! أمة ينتشر بينها الزنا بل أكثر من ذلك ! إنحطاط في الأخلاق وسوء في المعاملات، عجيب أمرنا !!!
خلفنا الأولون وخالفناهم فتركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأصبح إيماننا بالله خاويا فارغا لا مضمون له ولو أننا آمنا حقّا ما كان ولا يكون حالنا هكذا كما نحن اليوم، فما نعانيه اليوم ما هو إلا مما جنت أيدينا من التشبت بظواهر الأمور لا جواهرها الإيمانية منها والإجتماعية فحق علينا الأمة النائمة ونتج عن ذلك تفشي الجهل ودخول الأمة عصر الإنحطاط الأخلاقي والثقافي فالتقليد الأعمى.
ونتيجة اتساع دائرة الجهل تعددت الفرق كما تعددت المساجد والتي لزم بتعددها تعدد المشائخ أو المتكلمين فلم يعد هناك مرجعية واحدة مناسبة ترتقي لطموحات وتطلعات وتحديات الأمة وتواكبها إلى أن وصلنا إلى ما نحن فيه من تعصب أعمى لمشائخ بعينهم، وجمع الأمة في مسائل خلافية على شيخ أو شيوخ لقيادة الأمة في اتجاه الرأي الواحد الذي يعادون ويوالون عليه وغُذّي شباب هذه الأمة بهذا الحقد والكره للآخر ليس الكافر فقط بل المسلم الذي يخالف الرأي في أي مسألة، بل أصبح نتيجة هذا الفهم والتربية الخاطئتين من جذورهما أصبح الحقد يتطاير بين المسلمين دون غيرهم لمجرد الإختلاف في فكرة أو وجهة نظر، حال بائس !!!؟؟؟
نذهب للغرب ونعود بشهادات عليا في جميع المجالات نتلاعب في كثير من الأحيان للحصول عليها وعلى غيرها …. ونعدّ ذلك قمة النجاح ؟ ! ونعود لأوطاننا كما أتينا نرفس ونلهث وكأننا لم نرى حسن المعاملة والخلق الرفيع عند الغرب أفرادا ومؤسسات، وكأننا لم نرى التواضع لدى أساتذة الجامعات ورؤسائها ولدى المسؤولين على مختلف المستويات في المدن أو على مستوى الدولة، نعود وكأننا لم نرى الحقوق والخدمات التي تمتعنا بها، لم نرى الصدق والأمانة ؟؟؟ !!! نعود لنمارس سلوك العُقد التي لم نفلح في التخلص منها لنمارس الفهم والتربية الخاطئتين اللتين غُدّينا بهما، نتقلد المناصب بشهاداتنا العليا لنمارس التعصب والعقد والأمراض التي نعاني منها على الأفراد والمؤسسات عوضا عن التقدم بها، يا له من حال !!!
يا خير أمة: أين نحن من الإخلاص؟ أين نحن من الإتقان؟ أين نحن من الصدق؟ أين نحن من المحبة؟ أين نحن من الأمم؟ إشارات استفهام كثيرة يجب أن نجعل إجاباتها واقعا عمليا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً