توفي العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز فجر الجمعة وتمت مبايعة ولي عهده الامير سلمان بن عبد العزيز ملكا، بحسب بيان اصدره الديوان الملكي السعودي.
واورد البيان ايضا ان الامير مقرن، وهو الاخ غير الشقيق للملك الراحل، بات وليا للعهد.
ووفقا لوسائل الاعلام السعودية فإن الملك ادخل مدينة الملك عبد العزيز الطبية التابعة للحرس الوطني في الرياض في ديسمبر/كانون الاول لاجراء فحوصات طبية.
وفي وقت سابق هذا الشهر قال الديوان الملكي ان الملك -الذي من المعتقد ان عمره 91 عاما- يعاني من التهاب رئوي استدعى وضع انبوب مساعد على التنفس.
ومنذ ذلك الحين ذكرت وسائل الاعلام السعودية تقارير متكررة عن قيام اعضاء من العائلة الحاكمة بزيارته في المستشفى للاطمئنان على صحته.
يعد العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز الذي توفي فجر الجمعة اصلاحيا حذرا تمكن من الحفاظ على اكبر قوة نفطية في العالم بعيدا عن الاضطرابات التي عصفت بالعالم العربي طوال السنوات الاربع الماضية.
والملك عبدالله الذي توفي عن تسعين سنة تقريبا (عمره غير معروف بشكل محدد)، كان صعد الى سدة الحكم مع وفاة اخيه الملك فهد في 2005، الا انه كان يدير شؤون المملكة بحكم الامر الواقع قبل ذلك بسنوات.
وبعد خضوعه لعدة عمليات جراحية خلال السنوات الاخيرة، قلل الملك عبدالله من ظهوره في المناسبات العامة، وكان يمثله ولي العهد الامير سلمان بن عبدالعزيز البالغ من العمر 77 سنة والذي تمت مبايعته ملكا.
وعبدالله الذي كان معروفا ببساطته وايمانه، عزز صورته كملك نزيه وقريب من الناس، في تناقض مع صورة شخصيات اخرى في الاسرة الحاكمة.
وقال دبلوماسي غربي ان “الملك عبدالله هو الملك الاكثر شعبية منذ الملك فيصل” الذي قتل في 1975.
والمملكة التي تحتضن على ارضها الحرمين الشريفين، واجهت بحزم المجموعات المتطرفة وانضمت خلال عهد عبدالله الى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية وشاركت في الضربات الجوية ضد المتطرفين.
وحذر الملك عبدالله الغرب بشدة من خطر المتطرفين اذا لم يتم اتخاذ تدابير حازمة ضدهم، معتبرا ان خطر هؤلاء قد يصل الى اوروبا واميركا في غضون اشهر.
وفي نفس الوقت، وضعت المملكة في عهد عبدالله ثقلها من اجل حماية حصتها من سوق النفط في مواجهة تنامي انتاج النفط الصخري في اميركا الشمالية.
وتحت تأثير المملكة، امتنعت منظمة الدول المصدرة للنفط عن اتخاذ قرار بخفض مستويات الانتاج بالرغم من انخفاض الاسعار.
وعلى الساحة الداخلية، قاد الملك عبدالله مشروعا اصلاحيا حذرا اذ حاول التوفيق بين جناح ليبرالي متعطش للتطوير والمؤسسة الدينية البالغة النفوذ في المملكة المحافظة.
وفي 2005، نظم الملك اول انتخابات بلدية جزئية ومنح المراة الحق في التصويت خلال العملية الانتخابية المقبلة في 2015، وحتى ولو ما زالت المملكة تحظر على النساء قيادة السيارات.
وخفف الملك عبدالله ايضا من سطوة الشرطة الدينية وادخل اصلاحات الى قطاع التربية، كما افتتح في 2009 جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، وهي اول جامعة مختلطة في المملكة.
وتمكن الملك عبدالله خصوصا من حماية بلاده من العاصفة التي هبت على العالم العربي في 2011. واستخدم العاهل السعودي الراحل الثروة الضخمة لبلاده من اجل اتخاذ تدابير ترضي المواطنين، وخصص 36 مليار دولار من اجل خلق الوظائف وبناء الوحدات السكنية ولمساعدة العاطلين عن العمل.
وبالرغم من انخفاض اسعار النفط في النصف الثاني من 2014، امر الملك عبدالله بالابقاء على مستويات انفاق مرتفعة في ميزانية العام 2015، وذلك خصوصا للحفاظ على السلم الاجتماعي.
والملك عبدالله الذي عرف بدفاعه عن النظام العربي القائم، استقبل على ارض المملكة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ولم يرحب باسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك.
ودعم الملك عبدالله بقوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، كما اعتبرت المملكة جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي “منظمة ارهابية”.
وعلى المستوى الاقليمي، اطلق الملك عبدالله مبادرة السلام العربية مع اسرائيل، وهي المبادرة التي رفضتها الدولة العبرية.
كما حاول الملك عبدالله باستمرار مواجهة تمدد النفوذ الايراني.
واظهرت تسريبات موقع ويكيليكس ان الملك عبدالله كان حازما في موقفه من ايران.
وبحسب التسريبات، دعا الملك عبدالله الولايات المتحدة في اطار كلامه عن ايران الى “قطع راس الافعى” للقضاء على المشروع النووي الايراني.
وبالرغم من التحالف القوي مع الولايات المتحدة، لم يتوان الملك عبدالله عن توجيه انتقادات لاذعة الى واشنطن لاسيما عندما اشار الى “الاحتلال غير الشرعي” للعراق من قبل القوات الاميركية.
والملك عبدالله الذي ولد في الرياض، هو الابن الثالث عشر للملك عبدالعزيز، مؤسس المملكة.
وكان عبدالله قريبا من القبائل التي كانت المصدر الرئيسي لعناصر الحرس الوطني الذي قاده طوال عقود قبل ان يسلمه الى نجله الامير متعب.
والملك عبدالله كان يستمتع بقضاء الوقت مع رجاله، وادى معهم عدة مرات رقصة العرضة مع علم سعودي على كتفه والسيف في يمينه.
ومثلت العرضة باستمرار رمزا للالتفاف الوطني حول اسرة آل سعود الحاكمة.
اترك تعليقاً