مع التحذيرات الأممية من أن سوريا على شفا مجاعة بسبب أزمات الخبز والوقود ونهيار العملة، أعلنت وكالة أنباء النظام السوري “سانا” عن تنظيم “فعاليات ثقافية” في سجن عدرا المركزي في دمشق.
وكان سجن عدرا المركزي في دمشق، والذي يعد أحد أكبر السجون في البلاد، قد أقام “فعاليات ثقافية” للنزلاء شارك فيها وزير الداخلية ووزيرة الثقافة في حكومة النظام السوري.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية التابعة للنظام، فإن الوزيرين قد افتتحا خلال جولتهما مكتبة السجن بعد توسعها لتضم نحو 6 آلاف كتاب من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب.
كما أطلعا على أعمال تزيين جدران ردهات السجن برسومات تحتوي “رموزاً وطنية” ومن الطبيعة نفذها نزلاء من السجن بعد مشاركتهم بورشة فنية أقامتها وزارة الثقافة.
ونوهت فاتن سلهب، مديرة المركز الثقافي للسجن، والذي تأسس قبل نحو عامين فقط بالفعالية الثقافية للسجن والتي جرى إدراجها ضمن ما يعرف بـ”أيام الثقافة السورية”، مشيرة إلى “دور الثقافة الجوهري في كشف المؤامرة التي استهدفت” أرض وحضارة سوريا، على حد زعمها.
ومع ذلك الاحتفالات العبثية، قال للنشطاء الحقوقيين المُعارضين،أن نزلاء السجن يعانون من أوضاع إنسانية صعبة ومزرية، لاسيما في عنابر “سجناء السياسيين” والذي جرى اعتقالهم تحت ذرائع وحجج التحريض على الإرهاب.
وبات ذلك السجن يطلق عليه اسم “سجن سويسري” في سخرية سوداء من محاولات النظام السوري لتلميع صورتها في مجال حقوق السجناء من خلال أنشطة ثقافية “زائفة” لا تغير من أوضاع الكارثية من شيء.
وكانت مصادر في المعارضة السورية قد أكدت في وقت للوفيات والمصابين بفيروس كورونا المستجد في سجن”عدرا” وصل إلى 1084 سجينًا.
ونقل موقع “سوشال” المعارض عن مصدر أمني رسمي قوله إن الإصابات المسجلة بين المعتقلين هي 816 إصابة، بينما بلغ عدد الوفيات 204 شخاص، وأن الحالات الحرجة وصلت إلى 63 حالة.
وشهد سجن عدرا الكثير من حالات القتل والتعذيب للعديد من المعتقلين، وذلك منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا في منتصف مارس من العام 2011.
ولا تتوفر إحصائيات دقيقة بشأن ذلك، لكن بعض التسريبات تحدثت عن مقتل مئات المعتقلين، لعل من أبرزهم الطبيب المعروف عبد القادر الزعبي التي أشارت تقارير إلى أنه قضى تحت تعذيب في يونيو الماضي بعد اعتقاله من أجهزة الأمن دون توجيه أي تهمة له.
وذكر موقع “تجمع أحرار حوران” أن الزعبي تعرض للتعذيب لدى الأجهزة الأمنية، ومنع عنه الدواء الخاص بمرض سكر الدم الذي يعاني منه، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية بشكل كبير، ليتم تحويله قبل وفاته بخمسة أيام إلى سجن عدرا المركزي.
وكان الزعبي يعد أهم أطباء القلب في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، حيث سجلت له إجراء أكثر عمليات القلب دقة في سورية وبريطانيا لمرضى من جنسيات عديدة، كما تتلمذ على يده العشرات من الأطباء لاسيما وأن لديه اختصاص نادر في “كهربائية القلب”.
ولمعرفة ما يعانيه السجناء في سوريا، ولا سيما المعتقلين السياسيين، لابد من العودة إلى رواية “القوقعة” للأديب السوري مصطفى خليفة والذي قضى 13 عاما في السجون بتهمة انتمائه إلى جماعة “الإخوان المسلمين” رغم أنه علماني ينتمي إلى الديانة المسيحية.
ولمعرفة بعض ذلك الرعب والتهويل الذي يعانيه السجناء يقول خليفة في روايته: “كان أحد الرقباء “السجانين” واقفا في ظل الحائط، مرت فأرة أمامه فهرسها ببوطه العسكري، مُعست الفأرة وماتت، أخرج الرقيب من جيبه منديلاً ورقياً، وأمسكها بواسطة المنديل من ذيلها، اقترب من صفوف المساجين التي تدور حول الساحة”
وتابع: “أمسك بأحد السجناء لا على التعيين وأجبره على ابتلاع الفأرة.. منذ ذلك الوقت صرف الرقباء وعناصر الشرطة جزءاً مهماً من وقتهم لاصطياد الفئران والصراصير والسحالي وإجبار السجناء على ابتلاعها، كلهم قاموا بهذا العمل، ولكن ابتكاره (إبداعه) عائد لأول رقيب قام بهذا العمل”.
ويقول خليفة في إحدى حوارته أن أكل الفئران كان يعد أمرا بسيطا جدا بحفلات التعذيب والمشانق، ولدرجة التعذيب الذي عاناه وشاهده في سجن تدمر، شعر أن سجن عدرا عبارة عن فندق بعد الانتقال إليه رغم كل ما فيه سوء.
وفي معرض تعليقه على “الفعاليات الثقافية” في سجن عدرا، قال مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن لموقع “الحرة” إن ” النظام في دمشق يحاول أن يصور لنا سجونه معتقلاته على أنها منتجعات من فئة الخمس نجوم، فيما هي عبارة عن مسالخ بشرية تفتقر إلى أدنى المعايير الإنسانية.
وتابع: “في الوقت الذي يحاول ذلك النظام تلميع صورته نذكر أنه في السنوات الأخيرة قد قضى أكثر من 104 آلاف معتقل في سجونه سواء تحت التعذيب أو جراء الأوضاع الكارثية غير الصحية، و لا يزال في تلك السجون أكثر من 80 ألف معتقل سساسي مهددون بفقدان حياتهم”.
وبحسب ما نقلت قناة “الحرة” الأمريكية، أشار عبد الرحمن إلى أن السجن عدرا الذي يفترض أن يكون سجنا مدنيا وليس معتقلا، بيد أن السجناء فيه يعانون من اكتظاظ رهيب ومعاملة سيئة، مردفا:” بالأساس وقبل الثورة السورية في العام 2011 كان سجن عدرا وغيره من السجون يعاني من الاكتظاظ وعدم استيعاب السجناء، فما بالك وقد تضاعف عدد هؤلاء السجناء 4 أو 4 مرات”.
اترك تعليقاً