دخلت مباحثات جينف بين الحكومة والمعارضة السورية يوم الإثنين يومها الخميس على خلفية التوقعات الإيجابية للمشاركين فيها.
جمع لقاء جنيف وفد الحكومة السورية تحت رئاسة المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري ووفد المعارضة الذي يضم على نحو 40 شخصاً لكل من الفصائل المسلحة وكافة الأطياف المعارضة السياسية.
لقد أعبر مشاركون في المفاوضات عن التفاؤل بتحقيق الحوار المباشر والمثمر بين الطرفين وبنقاش الورقة المقترحة من قبل المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا وهي تنص على تشكيل ثلاث فرق عمل خاصة بملفات الإدارة والدستور والانتخابات وفقا لقرار مجلس الأم رقم 2254.
ولا تزال وفدا الحكومة والمعارضة السورية تدرسان مقترحات دي ميستورا وتستعدان لإجراء المباحثات المباشرة فيما قال نصر الحريري رئيس وفد المعارضة السورية إن المعارضة تلقي وعوداً إيجابية نت المبعوث الأممي.
ومع هذه التصريحات وكافة الكلمات الرنانة والطنانة لزعماء المعارضة واذا نظرنا إلى الواقع وإلى الوضع الميداني فنجد صورة مختلفة تماماً مما ترسمها البيانات للشخصيات المعارضة.
وربما أوضح الإشارة إلى هذا الاختلاف الغريب هو هجوم الإرهابيين التابعين لـ “هيئة تحرير الشام” على مدينة حمص في 25 شباط/فبراير حيث أودت التفجيرات الانتحارية بحياة أكثر من 40 شخصاً من بينها رئيس الأمن العسكري اللواء حسن دعبول بالإضافة إلى إصابة رئيس أمن الدولة العميد إبراهيم درويش.
وأعلنت “هيئة تحرير الشام” تم تشكيلها بعد اندماج “جبهة فتح الشام” (“جبهة النصرة” سابقا) مع عدد من الفصائل الإسلامية الأخرى مسؤوليتها عن الاعتداء وشدد المتحدث باسم “تحرير الشام” أوب يوسف المهاجر أن هدف الهيئة هو “قتال النظام” وأضاف أن مثل هذه الهجمات “تخضع لاعتبارات الميدان ولا ترتبط بتوقيت مفاوضات جنيف!
وعلى رغم هذه المحاولات المضحكة لتجنب إدانة المجتمع الدولي لقى هذا الاعتداء انتقاداً حاداً من قبل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي اعتبر عن هدف من تفجيرات حمص هو تخريب مفاوضات جنيف وأنها تمت بأمر الطرف “الذي يحاول أن يفسد الأمر في كل مرة يتم فيها إجراء محادثات أو مفاوضات” ما أجبر المعارضة على إدانة هذه الهجوم الإرهابي.
نضيف إلى ذلك مقترح دي ميستورا بتركيز مباحثات جنيف على الانتقال السياسي بتزامن مع استمرار نقاش مكافحة الإرهاب وتعزيز وقف إطلاق النار في إطار مفاوضات أستانة التي تمت بمشاركة وفد الفصائل المسلحة برئاسة محمد علوش. جدير بذكر أن الإرهاب في سوريا ممثل ليس بتنظيم “داعش” فقط بل بكل من “جبهة فتح الشام” و”لواء الأقصى” والفصائل المتطرفة الاخرى. وعلى رغم من حالة الاقتتال المستمر التي تشهدها محافظة إدلب وحماة ودرعا لم تدرك فصائل المعارضة المعتدلة حطر المتطرفين إلا بعد اعدان نحو 160 مقاتل على أيدي عناصر “لواء الأقصى” في خان شيخون.
ويؤدي هذا الاقتتال إلى سقوط ضحايا مدنيين وإلى الوضع الإنساني الكارثي في مناطق المعارضة بالإضافة من الجهة ويساهم في تعزيز مواقع المتطرفين من الجهة الأخرى. بحسب ما أفاده مصادر في المعارضة، جمد التحالف الدولي والولايات المتحدة على المقام الأول دعمها لفصائل المعارضة خوفاً من وقوع الأسلحة والذخائر والمال والمعلومات الاستخبارية إلى أيدي الإرهابيين.
تشير هذه التطورات إلى الاستنتاج الواضح: المعارضة السورية مصابة بمرض الانقصام الذي يجعلها عاجزة عن اتخاذ الموقع الواقعي ويتعلق مصيرها بما تختار في مباحثات جنيف وإن هذا الاختيار بين رفض الإرهاب والقتال ضد الحكومة السورية والشعب السوري وبين التلاش الكامل.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً