نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، تقريرا، تتحدث فيه عن الاعتقالات الأخيرة في السعودية، التي طالت أربعة أمراء بارزين، بينهم الأمير أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك سلمان، إلى جانب ولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نائف.
وأشار التقرير الذي ترجمته شبكة “عربي21″، إلى أن الاعتقالات يقصد منها تقوية وضعية الحاكم الفعلي محمد بن سلمان، لافتا إلى أنه تم اعتقالهم يوم الجمعة، ووجهت لهم اتهامات بالخيانة والتآمر لقلب الحكم، وهي تهم خطيرة وقد تؤدي إلى الإعدام.
وتفيد الصحيفة بأنه تم عزل محمد بن نايف في عام 2017، عندما قرر الملك سلمان ترفيع ابنه لمنصب ولي العهد، ما أعطاه دورا في إدارة البلاد دون أي منازع، مشيرة إلى أن ابن نايف عمل وزيرا للداخلية، وطور علاقات عمل مع المسؤولين الأمنيين الأمريكيين.
ويلفت التقرير إلى أن الأميرين يعدان خطرا على خطة التوريث في السعودية، ويمكنهما منازعة ابن سلمان على ولاية العرش، مشيرا إلى أن السلطات السعودية اعتقلت بعد ساعات من اعتقال الأمير نايف، شقيقه الأمير نواف بن نايف، واعتقلت في يوم السبت الأمير نايف بن أحمد.
وتقول الصحيفة إنه ليس من الواضح إن كان الأربعة نقلوا إلى السجن أم أنهم وضعوا تحت الإقامة الجبرية، مشيرة إلى أن الأميرين عادا من رحلة صيد يوم الخميس، حيث جاءهما بلاغ للقاء ولي العهد في الساعة السابعة من صباح الجمعة في القصر، وذلك بحسب شخص على معرفة بالأمر، وعندما وصلا إلى القصر اعتقلا حالا.
ويجد التقرير أن هذه الاعتقالات تأتي في فترة حساسة تشهد فيها أسعار النفط تراجعا، وتزامنت مع قرار الأمير محمد تعليق زيارة مكة والمدنية لمنع انتشار فيروس كورونا، الأمر الذي أثار سخط الكثيرين، لافتا إلى أن صحيفتي “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز” كانتا أول من كشف عن هذه الاعتقالات.
وتذكر الصحيفة أن العائلة المالكة في السعودية تواجه شجبا دوليا بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي، في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، الذي كان يكتب مقالات ناقدة لولي العهد في “واشنطن بوست”، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة حملت ما أسمته “القتل خارج القانون” لعملاء سعوديين، فيما قالت المخابرات الأمريكية في لقاءات مع الكونغرس، إن محمد بن سلمان هو المسؤول عن الجريمة.
وينوه التقرير إلى أن محمد بن سلمان يعمل على توطيد موقعه منذ عدة سنوات، فقام بسجن أي ناقد له، وإسكات المعارضة له داخل البلاد وخارجها، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي نجح فيه في تركيز السلطة بطريقة لم تشهدها المملكة من قبل، إلا أن أحدا لا يعرف طبيعة المعارضة التي سيواجهها في حال توليه السلطة عند وفاة والده الملك سلمان.
وتقول الصحيفة إنه من غير المعلوم السبب الذي دفعه للقيام بالحملة الجديدة من الاعتقالات، لافتة إلى أن معلقين في الشأن السعودي أشاروا إلى وجود خلافات داخل العائلة المالكة حول مسألة الخلافة، وأساليب ولي العهد التي نفرت الكثير من الأمراء.
وينقل التقرير عن الأكاديمية السعودية، مضاوي الرشيد، قولها: “تعكس عملية اعتقال عدد من الأمراء البارزين المتذمرين (أحمد) ومحمد بن نايف، حالة من السخط المتنامي من (ابن الملك) وهيمنته الخسيسة وسياساته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية المتقلبة”.
وتورد الصحيفة نقلا عن محرر موقع “أراب دايجست”، هيو مايلز، قوله إن تصدعا داخل العائلة المالكة قد يفتح الباب أمام المشكلات للأمير وهو يحاول الوصول إلى العرش، وأضاف مايلز، المقيم في القاهرة: “في ظل وجود أسئلة حول ما سيحدث في السعودية أثناء الـ 24 ساعة الأخيرة فما هو واضح أنه (محمد بن سلمان) يواجه حكم السعودية دون دعم بقية العائلة المالكة”.
وقال مايلز: “هذه مشكلة كبيرة له؛ لأن أي شخص سيحكم السعودية لا يحتاج إلى بيعة العائلة المالكة كلها فقط، بل عليه إثبات حصوله على دعمها”.
ويجد التقرير أنه بالنظر إلى كونه نجل مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود، فإن الأمير أحمد يعد من المرشحين لتولي العرش، لكن تم تجاوزه مقابل ترفيع الجيل الجديد من أحفاد المؤسس، مشيرا إلى أنه كان يعيش في لندن، ولم يكن راغبا في العودة؛ نظرا للتعليقات الناقدة التي أطلقها ضد الملك وابنه، لكنه عاد في عام 2018 بعد مقتل جمال خاشقجي، عقب حصوله على ضمانات بعدم المساس به.
وتفيد الصحيفة بأن محمد بن نايف نجا من أربع محاولات اغتيال، وجرح عام 2009 عندما حاول أحد أفراد تنظيم القاعدة تفجير نفسه عندما اقترب منه.
وتختم “واشنطن بوست” تقريرها بالإشارة إلى أن ولي العهد أمر في 2017 بحملة اعتقالات لعدد من أهم رجال الأعمال والأثرياء والأمراء البارزين، ووضعهم في فندق ريتز كارلتون في الرياض، ولم يفرج عنهم إلا بعد تخليهم عن جزء من ثرواتهم، ونظر إلى هذه الاعتقالات، التي تمت باسم مكافحة الفساد، على أنها محاولة لتعزيز ابن سلمان سلطته.
اترك تعليقاً