واشنطن بوست: الليبيون قد يواصلون مسيرة مصر وتونس

تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عما إذا كان الليبيون سوف يواصلون المسيرة التى سبق وأن تبناها كل من المصريين والتونسيين من قبلهم، بمنح الأحزاب الإسلامية الفرصة لإدارة حكومة بلادهم، خلال الانتخابات التى سوف تشهدها ليبيا خلال الأيام القادمة، لأول مرة منذ سقوط نظام العقيد الليبى الراحل معمر القذافى.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الأمر يبدو مختلفا فى ليبيا عن الحال بالنسبة لإسلاميى مصر وتونس، حيث إن قطاعا كبيرا من الإسلاميين فى ليبيا يرفض تبنى العملية السياسية من الأساس سواء من خلال الانخراط فى العملية الانتخابية أو المشاركة فى المعارضة السياسية.

وأوضحت أنه بالرغم من التاريخ الكبير الذى يحظى به الإسلاميون فى مصر وتونس، سواء فى العمل السياسى أو المدنى، إلا أن الإسلاميين فى ليبيا لم يلعبوا دورا حزبيا أو مدنيا طيلة تاريخهم، خاصة وأنهم قد عانوا اضطهادا شديدا فى عهد القائد الليبى السابق، والذى دام لأكثر من أربعة عقود من الزمان، موضحة أن النظام السابق كان دائما ما يقوم بحبسهم وإعدامهم، وهو الأمر الذى دفع الكثير منهم للهجرة وترك البلاد.

ولذلك فإن الليبيين، عند إقدامهم على المشاركة فى الانتخابات التى سوف تبدأ غدا السبت لاختيار أعضاء البرلمان الأول منذ الثورة الليبية، لن يعرفوا الكثير عن القيادات الإسلامية ولن يدركوا كذلك رؤيتهم لمستقبل البلاد خلال المرحلة المقبلة والتى قد تشهد تغييرا كبيرا عن السنوات الماضية.

وأكد الباحث السياسى عمر عاشور إن الإسلاميين فى ليبيا لم تكن لديهم الفرصة خلال الأعوام الماضية لتغيير أجنداتهم وأيديولوجياتهم لتتواءم مع العمل السياسى، إلا أنهم بالرغم من ذلك قد يحققون نتائج كبيرة خلال الانتخابات القادمة، موضحا أن السبب فى ذلك ربما يرجع إلى عدم معرفة المواطنين الليبيين بالأحزاب العلمانية.

وتابعت واشنطن بوست أن قطاعا كبيرا من الليبيين يرغبون فى أن يكون للإسلام دورا فى الدستور الليبى، إلا أنهم مازالوا مختلفين حول النطاق الذى قد يختلط فيه الدين بالسياسة. وأضافت أن التحدى الأكبر فى هذا الصدد يتمثل فى تشكك البعض حول نوايا من ينادون بخلط الدين الإسلامى فى العمل السياسى، فى ظل تأكيدات يرددها بعض الليبيين حول قيام الإسلاميين بالزج بالدين فى سبيل الحصول على مكاسب سياسية.

وأضافت أن أجندة الإسلاميين فى ليبيا لم تقتصر على الصبغة الإسلامية التى تميز هذا التيار، وإنما امتدت كذلك – كما هو الحال فى مصر وتونس – إلى إرساء قواعد الديمقراطية وحقوق الانسان، وأوضحت أن هناك مخاوف من احتمال تصاعد استخدام العنف فى حالة فوز الإسلاميين بأغلبية مقاعد البرلمان الليبى، خاصة فى ظل الشكوك التى تدور حول تورط الإسلاميين فى أحداث العنف الأخيرة التى استهدفت عددا من الدبلوماسيين فى بنى غازى، بالإضافة إلى استهداف بعض النساء فى بعض المناطق هناك.

وقالت إن احتمالات وصول التنظيمات الراديكالية إلى ليبيا فى ظل حكم الإسلاميين تبقى ضعيفة، خاصة وأن قادة القبائل لن يسمحوا لقادة هذه التنظيمات ليحلوا محلهم، بالإضافة إلى أنه لا توجد مناطق فقيرة بشكل كبير فى ليبيا يمكن لهذه التنظيمات من خلالها التوغل إلى الدولة العربية.

إلا أنه بالرغم من ذلك هناك مخاوف كبيرة من غياب القوة الشرطية والأمنية والتى تبدو غير مؤهلة لاحتواء الأزمات الأمنية، وهو ما قد يفتح الباب أمام مثل هذه التنظيمات للتوغل فى الأراضى الليبية، وهو الأمر الذى قد يؤدى إلى زعزعة استقرار ليبيا بل والمنطقة ككل خلال المرحلة المقبلة.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً