عمل (محافظ بنك ليبيا المركزي) بصمت على مدى ولايته غير المنتهية، تودد اليه كافة رؤساء الحكومات لأنهم تأكدوا من أنه (مدعوم من الغرب) استجاب لبعض مطالبهم بينما احجم عن تنفيذ بعض المطالب في محاولة منه للحفاظ على موقعه، ليكون ذئبا بين الذئاب، تشبث بالحكم إلى آخر لحظة، في ظل الانقسام السياسي الذي اعقب انتخابات يونيه 2014 لم يعترف بسلطة البرلمان (الذي أقاله) النازح بأقصى شرق الوطن الذي اعترف به العالم كسلطة تشريعية وحيدة، بحكم تواجده بالعاصمة، حاول عدم التصادم مع السلطات بها، فكانت العلاقات يشوبها بعض الفتور وأحيانا شيء من التشنج ولكنه لم يرتقي الى نقطة اللاعودة، فالسلطات بغرب البلاد كما محافظ البنك المركزي تفتقد إلى الشرعية، فكان لزاما عليهما إدارة خلافهما بشيء من الحكمة لكي لا يشمت بهما الخصوم السياسيين.
ما يقرب من السنتين شهد الوضع الاقتصادي في ليبيا تدهورا ملحوظا متمثلا في ارتفاع أسعار السلع بمختلف أنواعها اضافة الى نقص السيولة بالبنوك، ما جعل الطوابير أمام المصارف أمرا مألوفا بل معلما من معالم حياة الرفاهية التي وُعِد بها الليبيون إبان الثورة على النظام.
المتعارف عليه ان البنك المركزي لأي دولة منوط به مجموعة من الاعمال نذكر منها: سك وطبع العملة الوطنية ودعم العملة الوطنية وتوطيد وتثبيت قيمتها الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تقوية غطاء النقد، إدارة احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي. رسم وإدارة السياسة النقدية للمحافظة على استقرار الأسعار وأسعار الصرف، تشجيع نمو النظام المالي وضمان سلامته، مراقبة البنوك والمصارف التجارية والمشتغلين بأعمال مبادلة العملات.
في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور وحالة البؤس التي يعيشها الليبيون، لم يكلف المحافظ نفسه اطلاع الجمهور حقيقة الوضع الاقتصادي والسياسات التي يجب على البنك المركزي القيام بها لرفع المعاناة عن المواطنين، ومدى تعاون الحكومات المتعاقبة على التعاون معه لتنفيذ تلك السياسات، بل لاحظنا انه يدير اعماله من خارج الوطن، فأصبح شبه مقيم بمالطا ويحضر الملتقيات والمؤتمرات الخاصة بليبيا، ما النتائج فهي كارثية بكل المقاييس.
فجأة خرج المحافظ عن صمته، عندما قامت مجموعة مسلحة بالاعتداء على دارته، صب جام غضبه عليها ووصف عملها بالهمجية وتفتقد الى الأعراف الاجتماعية وتم توثيق تلك الاعمال لدى مركز الشرطة المختص (مسكين ذلك المواطن يُعبث بكافة ممتلكاته ولا يجد من يفتح له محضر بأحد مراكز الشرطة-التي أصبحت هي الأخرى عرضة للعبث الاجرامي).
مع ادانتنا لكافة الاعمال الاجرامية، إلا اننا نجد بان هذه العملية قد فجّرت قريحة المحافظ فألقى باللائمة على الحكومات الست في عهده الميمون، وعدد مساوئ تلك الحكومات ومنها انعدام الامن وانخفاض انتاج النفط واتهمها بعدم قول الحقيقة والبحث عن كبش فداء، واعتبر صمته حفاظا على السلم الأهلي (ترى هل الاعتداء على دارته يمس السلم الأهلي فبادر بالصراخ؟).
مع ايماننا المطلق بان الحكومات المتعاقبة لم تعمل شيئا لصالح المواطن، إلا اننا وبنفس الثقة بالنفس نقول بان صاحب الجلالة ساهم بشكل كبير (اسم على مسمى) صحبة المتمكنين بالدولة في إيصال البلد الى هذا الوضع، كان عليه ان يصارح الجمهور من البداية بحقيقة ما يجري ولكننا نراه أحد حلقات سلسلة طويلة تكبّل المواطن، تدمي قدماه، أصبح متسولا.
من لم يمتثل للسلطة الشرعية التي أتت به والاستقواء بالخارج ليس جديرا بان يستمر على راس مؤسسة تعتبر الأساس في قيام الدولة من حيث عدم اهدار المال العام ورسم سياسات من شانها التخفيف من الأعباء على المواطن.
صاحب الجلالة، هنيئا لمن أتوا بك الى هذا الموقع (خازندار) وتربعكم على خزينة الشعب التي كانت تحوي مئات المليارات، فصرف قسط كبير منها على المليشيات التي اكتويت بنارها أخيرا وجعلتك تنطق بعض الحقيقة، لكنك ستظل أجبن من ان تقول الحقيقة كاملة لان من أتوا بك وابقوك صامدا لن يسمحوا لك بذلك، وستظل في نظرنا مجرد بيدق يدفع بك إلى الامام فتحرق، وعلى رأي الجواهري.. يلهى بها وتداس بالقدم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً