قال رئيس مجلس النواب الاردني عبدالكريم الدغمي إن الأصوات المغردة خارج السرب ضمن مسيرات الحراك الشعبي الإصلاحي السلمي هي أصوات نشاز لا تسيء لأحد إلا لنفسها.
وأضاف خلال ندوة ثقافية نظمها منتدى البواسل الثقافي في لواء الموقر بعنوان “آفاق الإصلاح واستراتيجيات التشريع” أن في الأردن تطويراً، ولا يوجد (تثوير)، ولا نرضى أن تراق دماء تحت ذريعة المطالبة بالإصلاح.
وشدد على إن الحراك الشعبي في الشارع الأردني هو حراك سلمي يتم تحت حماية الدولة، فالأردن بطبيعته دولة إصلاحية منذ تأسيسها، والنظام الديمقراطي ليس جديدا عليها.
وتأتي تصريحات رئيس مجلس النواب في وقت اتهم عاهل الاردن الملك عبد الله الثاني الخميس رئيس وزرائه المستقيل عون الخصاونة بالتباطؤ بالاصلاح بعد نحو ستة اشهر من تكليفه بمنصبه لتنفيذ اصلاحات في بلد يشهد تظاهرات مطالبة باصلاح شامل منذ ما يزيد عن عام.
وكلف الملك رئيس الوزراء الاسبق فايز الطراونة (63 عاما)، الذي تولى رئاسة الحكومة في الأعوام 1998 و1999 وشهد عهده وفاة الملك الحسين بن طلال وانتقال السلطة للملك عبد الله الثاني، بتشكيل حكومة جديدة خلفا للخصاونة.
وأشار الدغمي إلى الوضع المأساوي الذي تشهده دولا عربية شقيقة أُريقت فيها الدماء جراء مطالبتها بالإصلاح، ولكن الإصلاح في الأردن استلمت زمامه قيادة هاشمية تنتسب إلى بيت حكم منذ فجر الإسلام.
واستعرض الدغمي مسيرة الإصلاح في تاريخ الدولة الأردنية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 بدءاً بالدستور الأردني عام 1928 الذي كان يسمى بالقانون الأساسي لإمارة شرق الأردن أيام الانتداب البريطاني حيث تم خلالها إجراء الانتخابات على مرحلتين وتأسيس مجلس تشريعي أشبه بالبرلمان ثم تطورت الأوضاع السياسية مرورا بوحدة الضفتين وإعلان المملكة الأردنية الهاشمية ثم إصدار دستور عام 1952 في عهد الملك طلال تلاها تعريب الجيش عام 1956 وإلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية ليصبح الأردن دولة ذات سيادة.
وتابع ، في عام 1960 شُكِّلت أول حكومة حزبية برئاسة سليمان النابلسي وحصلت على ثقة مجلس النواب بــ(39) صوتا من أصل (40) عضوا هم أعضاء مجلس النواب آنذاك، ثم أرتفع عدد أعضاء مجلس النواب ليصل إلى 60 عضوا بعد ذلك، لكن نكبة 1967 أدت إلى تعطيل الحياة البرلمانية، وإعلان الأحكام العرفية وقانون الدفاع وبقي كذلك حتى صدور قرار قمة الرباط باعتبار منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وجاء قرار فك الارتباط الإداري والقانوني عام 1987 فكانت الحاجة ماسة للعودة إلى الحياة النيابية وكان ذلك في عام 1989 وبقي التطور يمر من مرحلة إلى أخرى حتى مجيء أحداث الربيع العربي.
وأكد الدغمي أن بوابة الإصلاح مرت من خلال تعديل الدستور الذي شمل ثلث مواده لتحقيق ما هو أفضل ولإعادة التوازن بين السلطات وللحد من تغوُّل السلطة التنفيذية على باقي السلطات فأصبحت بموجبه الحكومة التي تحل مجلس النواب تقدم استقالتها خلال أسبوع كما أن الحكومة لم تعد تملك صلاحية إجراء الانتخابات حيث أُسندت هذه المهمة إلى الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات التي تستمد سلطتها من الدستور مباشرة.
ونوه إلى إنشاء المحكمة الدستورية مما يعطي مجلس النواب دورا حيويا في الرقابة والتشريع والمحاسبة.
وأوضح الدغمي أنه مع إقرار قانوني الأحزاب والانتخابات في المرحلة المقبلة ستكتمل حلقات دائرة الإصلاح ليغدو الأردن الجديد الذي يأمله الملك.
ونبه إلى خطورة موضوع الفساد والمفسدين الذي أساءوا إلى صورة الوطن وأهمية تجفيف منابع الفساد واستئصال رموزه إلا أنه في الوقت نفسه لا بد أن يأخذ القانون مجراه فلا يمكن محاسبة احد دون محاكمة أو لمجرد تصفيات حساب بين الخصوم السياسيين.
الى ذلك، رأى زكي بني ارشيد رئيس المكتب السياسي لحزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين في الاردن واكبر احزاب المعارضة، انه “بغض النظر عن كيفية استقالة الخصاونة فان هذا التطور يثبت ان حديثه (سابقا) عن الولاية الدستورية غير موجود في القاموس الاردني”.
واوضح لوكالة الصحافة الفرنسية ان “هذا التطور يظهر مدى الصراع بين مراكز القوى في الاردن، وللاسف انتهى هذا الصراع بفوز الاجهزة الامنية والعقلية الامنية”.
وحذر بني ارشيد من ان “المرحلة القادمة ستكون مليئة بالضبابية السياسية”، مشيرا الى ان “كل الحديث الذي كنا نسمعه عن الاصلاح كان دون معنى وتجربة فاشلة وقد ثبت انه لايوجد اي ارادة للاصلاح وان الاجواء الحالية تظهر ان البلد يتجه الى المزيد من الفشل”.
من جهته، قال محمد المصري الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية لوكالة الصحافة الفرنسية انه “امر غريب ومفاجىء ويدل على وجود مأزق سياسي في الدولة”، مشيرا الى ان الاستقالة والتعيين “اشبه بردة فعل”.
ورأى المصري انه “لايوجد لفايز الطراونة سجل مقنع ان يكون رئيسا للوزراء في مرحلة الربيع الاردني ومن اجل تقديم الاصلاحات المنشودة”.
واضاف ان “المعروف عنه (الطراونة) انه ليس سياسيا منفحتا وبالتالي فهو يواجه تحديات كبيرة في اقناع الناس بمقدرته على الاصلاح، وهو تحدي اساسي اذا فشل فيه سيكون المأزق اكبر”.
لكن لم يتم حتى الآن اتخاذ اجراءات حاسمة على صعيد مكافحة الفساد فيما ارتفع الدين العام الاردني الى ما يفوق 21 مليار دولار في شباط/فبراير 2012.
وتقدر نسبة البطالة في الاردن الذي يزيد عدد سكانه عن 6,5 مليون وفقا للارقام الرسمية ب14,3% بينما تقدرها مصادر مستقلة ب30%.
اترك تعليقاً