لا شك أن الإنسان يتأثر بما يمر به في حياته من أفكار وتجادبات وثقافة وتربية وصراعات وغيرها من الجوانب بشقيها الإيجابي والسلبي وقد يستمر الفرد رهين تلك التأثيرات طيلة حياته فإن كانت إيجابية إنحنت به إلى جوانب الحياة الإيجابية وكانت زاده لما يحتاجه من حكمة وبصيرة وإدراك لطبيعة هذه الحياة فكانت حياته في مجملها طيّبة، فتجد أن له علاقات جيدة إيجابية، علاقات إحترام مع الآخرين يعرف فيها حدوده فيقف عندها ولا يتجاوزها، يعرف حقوقه ويعرف واجباته فتجده إنسانا نافعا لنفسه ولمن حوله ولمجتمعه عامة، تجده حريصا على أداء عمله غالبا على أكمل وجه كنتيجة للتأثير الإيجابي لمحيطه، يضع نصب عينه قول الرسول صلى الله عليه وسلم معنىً:”إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”، حاله مع الناس كحال الجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعت له بقية الأعضاء لنجدته وإسعافه فهو يسرع للمساعدة حين يسمع بحادثة ألمّت بأحد يعرفه وقد يتجاوز من يعرفه لمن لا يعرفه، هذا هو دربه. التأثير الإيجابي في حياته يجعله بصفاء قلب وحسن سريرة يلتمس العذر للآخر ولا يتتبع عورات وهفوات الآخرين بل في كثير من الأحيان يغض الطرف عنها وكأنه لم يراها فذاك مبعث سعادة له لا يعرفه كثير من الناس ولا يستطعم مذاقه ولذته إلا من تشبع وتأثر ببيئة إيجابية سليمة المنبت. ينشغل بنفسه وإصلاحها فهي الأولى عنده من تتبع هفوات غيره، قوله في ذلك: إن لم أستطع إصلاح نفسي فأنا على غيرها أعجز، ودربه قول الشاعر: (يا أيها الرجل الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ *** هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ *** إبْدَأْ بِنَفْسِك فَانْههَا عَنْ غَيِّهَا *** فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ). إذا ناقش أحدا تأدب وإذا أختلف مع أحد علم أن الإختلاف سُنّة كونية لا مناص منها هديه قول الله سبحانه:”وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ” هود:118، علم أن الله بيّن طريق الحق وأعطى حرية الإتباع لمن يشاء، فالنار لها سكانها. هذا هو حال التأثير الإيجابي على حياة الفرد يحيى حياة إيمانية قوية راسخة هادئة متزنة ناجحة ويشُق طريقه غالبا بنجاح.
أما التأثير السلبي الذي نمُر به أو نعيشه في حياتنا لا شك أن له تأثيرا كبيرا فيها، في سلوكنا، تعاملاتنا، أعمالنا، مفهومنا ونظرتنا للحياة وفي جميع مناحي حياتنا بقدر أو بآخر. غالبا ما تجعلنا الجوانب والخبرات السلبية التي نعيشها أو نمر بها ننظر سلبا لما حولنا من أفراد أو جماعات كما تؤثر فينا في إتخاذ القرارات، تجد تلك التأثيرات السلبية واضحة في عدم تمكن صاحبها من تكوين علاقات جيدة مع الآخرين وعدم القدرة على الحفاظ على العلاقات التي قد يقيمها، قد يجنح لفرض رأيه كنتيجة تراكمية للقدرات التي قد يكتسبها أو يتأثر بها من المتناقضات والعوامل السلبية التي مر أو يمر بها، يشكك بقدرات الآخرين وينال منهم فتجد البعض هذا هو ديدنهم فلا يسلم منهم عالم ولا جاهل ولا صالح ولا طالح فلا تحاول إرضائهم فرضاهم غاية لا تدرك، إذا خاصمك أحدهم فجر وإذا خالف لا يراعي للود فضيلة. عادة لا يصاحب هؤلآء إلا من عاش وتأثر مثلهم بالمحيط السلبي وما يحمله من تناقضات مثيلة فإن الطيور على أشكالها تقعُ وما ذلك إلا تجسيدا وترسيخا لهذه التأثيرات السلبية فالخروج منها سبيله لقاء ومصاحبة أناس آخرين خيّرين لم يتأثر سلوكهم بالجوانب السلبية.
هذا هو الإنسان يتأثر ويؤثر في سلوكه وأعماله وتصرفاته بل وفي دينه وفق البيئة المحيطة به، وليس الخبر كالعيان: “سياسيا وإجتماعيا ودينيا”، فما نراه واقعا هو مرآة للبيئة السيئة وتأثيراتها السلبية التي عشنا فيها، فإن كانت بيئة سليمة تربّى وتطبّع الفرد بالسلم في العموم وصلح أمره وإذا تربى وأُحيط ببيئة سلبية في ثقافتها وعلاقاتها وسلوكها وخدماتها كان في العموم سيئا. فكن عطوفا رقيقا ليّنا هيّنا في نصائحك وتعاملاتك ونقاشك مع الآخرين أينما كانوا، إن تمتعك بتلك العناصر لها فائدة تعليمية تربوية وتأمُلية كبيرة في حياتك وحياة من حولك.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً