نودع عاما تجلت فيه همجية الغرب.. وخنوع الحكام العرب

نودع عاما تجلت فيه همجية الغرب.. وخنوع الحكام العرب

العام 2024 كان حافلا بالبطولات، امتزجت فيه دماء شرفاء الأمة من مختلف مذاهبهم وأعراقهم من أجل تحرير الأراضي المغتصبة، ورد هيبة الأمة التي فُقدت خلال العقود الماضية، تقدم القادة الصفوف فكانوا في طليعة الشهداء، بينما وقف الزعماء العرب والمسلمين يراقبون وعن كثب مجريات الأمور، هجمة كونية شرسة على قطاع صغير المساحة لكنه كبير بأبنائه، سقط كبار السن والاطفال بآلة الحرب الاستعمارية، الذين أشبعونا تشدقا بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وتقرير المصير، وأخلاقيات الحرب بعدم التعرض للمدنيين، وكذلك عدم التعرض لأماكن العبادة والمؤسسات المدنية والخدمية.

حرب غزة ولبنان كشفت لنا زيف تلك الشعارات وأن الغرب بمجمله لا تعنيه الإنسانية وهمومها بقدر ما تعنيه مصالحه وأنه في سبيل ذلك مستعد أن يفعل أي شيء، إنهم النازيون الجدد، العالم تعاطف مع اليهود لأنهم تعرضوا للمحرقة، لكنهم يقفون اليوم مع الصهاينة لإبادة سكان غزة المحاصرون منذ عقود، الغرب يعاقبونهم لأنهم لم يموتوا جوعا فأجهزوا عليهم بشتى أنواع الأسلحة عبر أقوام لا يمتون إلى الإنسانية بصلة.

المسؤولون العرب يناوون بأنفسهم عما تقوم به المقاومة واعتبارها أعمالا غير مسؤولة، بل يوجهون أصابع الاتهام إلى حماس وحزب الله والحوثيون بافتعال الحرب، ويعتبرونهم المتسببون الرئيسيون في قتل بني جلدتهم، إنهم وببساطة يدافعون عن الصهاينة، ربما لأن بعض المسؤولين العرب تعود أنسابهم إلى بني قينقاع وبني قريضة وبني النضير وهنا يصدق المثل القائل (العرق جساس).

الغرب ومن والاهم من الأعراب كانوا يصنفون الجولاني وشيعته بأنهم إرهابيون، وانطلاقا من (الغاية تبرر الوسيلة) تحالفوا مع الجولاني في العلن (الذي لا نشك ولو للحظة بأنهم من صنعوه) لإسقاط النظام في سوريا، ثم يسارعون إلى دمشق لتقديم التهنئة له وبأنهم على أتم الاستعداد لإعادة إعمار سوريا بينما ساهم الحكام العرب في محاصرة سوريا ودفع الأموال الطائلة لتدريب المرتزقة وإدخالهم عبر تركيا لزعزعة النظام في سوريا وإسقاطه.

المستفيد الوحيد من سقوط غزة وسوريا وإنهاك حزب الله بعد الصهاينة هو أردوغان الذي يسيطر على معظم الشمال السوري منذ سنين، أما الآن وقد نصّب أحد غلمانه حاكما على سوريا فإنه ولا شك سيسعى إلى ضم بعض أجزاء شمال سوريا إلى بلده واعتبارها أنها كانت تاريخيا تتبع تركيا بالإضافة إلى محاولاته بضم شمال العراق إليه باعتبارها أيضا أراض تركية، أما الأكراد في سوريا، فإنهم إما مقاتلة الأتراك وهم في وضع غير متكافئ مع تركيا أو الخنوع لأردوغان، خاصة وإن ترامب ليس في وارد أن يعادي أردوغان كما في ولايته الأولى.

تبقى إيران التي نعدها الخاسر الأكبر في هذه الحرب إذا استبعدنا العرب (لأنهم ساحة حرب وليسوا موحدين)، فالتصريحات المتكررة من المسؤولين الإيرانيين بأنهم لا يريدون الحرب، أدت بالنتيجة إلى قناعة راسخة عند العدو بأنه يستطيع أن يفعل ما يشاء دون رادع وهذا بالضبط ما حدث فعلاً، لقد ضاعت كل آمالها في أن تكون دولة إقليمية، بسبب قصر نظرها وتخليها عن سوريا مهما تكن مبررات التخلي، فالجيش العربي السوري قاتل على مدى 7 أعوام متصلة فصائل من تدعي المعارضة وقوامها ما يقارب المائتي ألف مقاتل من مختلف أنحاء العالم بما فيهم دول شمال أفريقيا، لقد انتصر أردوغان الذي يسعى إلى إحياء إمبراطورية بني عثمان على حساب العرب، وانهزم من يطلقون على أنفسهم المعتدلون العرب، مصر وأخواتها.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

ميلاد المزوغي

كاتب ليبي

اترك تعليقاً