نعم لمدينة الصراع السياسي وتلييب الإسلام في ليبيا - عين ليبيا
من إعداد: أ.د. فتحي أبوزخار
ونحن نستقبل عام 2017 لا ندري اليوم إلى أي مدى نجح الشعب الليبي في إدارة الصراع مع أجهزة ومؤيدي النظام الدكتاتوري السابق.. لكن ما قد نستطيع أن نقف عليه من ملاحظات ربما نتفق عليها اليوم يمكن تلخيصها في ألأتي:
المعطيات والظروف التي عشاها الجميع بعد 17 فبراير صاغة اتجاهين نقيضين يرفضان اليوم الاتفاق السياسي السلمي وغريبين على المجتمع الليبي: مشروع الحكم الثيوقراطي الديني، ربما بنكهة سلفية وهابية أو إخوانية شعوبية، ومشروع الرجوع للحكم العسكري تسفيها للانتفاضة التي سالت فيها دماء شباب ليبيا من أجل المدنية والحرية والتحرر .. وقد اسهمت أنانية الأطراف المتحركة في الاتجاهين لتمكين المشروعين في ليبيا، مع الدعم الذي تلقته من أطراف الخارجية بعضها تجرأ ودعم الطرفين لتزداد أزمة ليبيا. لذلك سيحاول الكاتب الرد على مشروعي الثيوقراطية والعسكرية بإعطاء بسطة على النفاق الديني، الذي ظهر مع مشروع السيد الساعدي معمر القذافي وتفاقم بعد إنتفاضة 17 فبراير، قبل استعراض تلييب الدين الإسلامي. ثم القناعة التي وصلها معظم الشعب الليبي بتأكيد مدينة الصراع السياسي في ليبيا ورفض الصرع العسكري!
للأسف بات الإسلام الليبي الذي على سجيته في حكم الغائب بعد اجتياح موجه الإسلام الخليجي السلفي الذي روج له السيد الساعدي القذافي.. ومع أن الكاتب على قناعة تامة بأهمية الدين في حياة الناس إلا أن الاستغلال البشع للدين يأخذ أشكالا وألوانا عبر العصور تدمر المجتمعات وتخرب انسجتها الاجتماعية وتسقطها في غياهب الجهل والضلالة .. صحيح يستمر المتاجرون بالدين ومن يريدون اصباغ الهالة الدينة على أنفسهم باعتلاء المراتب الاجتماعية والاستحواذ على المال والسلطة باستخدام الدين .. لكن اليوم نرى النفاق الديني يأخذ العباءات التالية:
مما تقدم نرى بأهمية الرجوع إلى الإسلام الليبي البسيط دون تعقيد الذي يركز على السلوك قبل المظهر..بل التمسك بالمظهر الليبي الأصيل الذي انتجته تراكمات وتلاقح للثقافة المحلية الأمازيغية مع ثقافات أوروبية وشرق أوسطية وأفريقية سيبعد عنا شبح اكسسوارات الإسلام السلفي الخليج البعيد عن ثقافتنا..
فالإسلام الليبي ولو أنه قدم من خارج ليبيا إلا أنه تم تكييفه بما يتلاءم والطبيعة المحلية ورأينا كيف المذهب المالك والأباضي عاشا مقاربة دينية بعيدة عن التكفير السلفي والتصادمية الداعشية.. لا ننكر ارتباط المذهب الأباضي بالأمازيغية رفضا لقريشية الأمامة!!! فبذلك انحسر الخلاف في إطار ضيق جدا وتوسع التوافق مع دائرة التعامل والانسجام بحيث استمر قبول الطرفين لبعضهما في إمامة الصلاة والمشاركة للأعياد الدينية: (الأضحى “الكبيرة” والفطر “الصغيرة” والميلود) وغيرها من الطقوس الدينية في المعاملات الشخصية كالزواج والطلاق وغيرها!!!
فمواجهة الغزو الخليجي السلفي يتطلب التسريع في تلييب الإسلام والذي قد يتطلب الخطوات التالية:
لا ندري لأي مستوى قد ينجح السيد خليفه حفتر في عسكرة الدولة الليبية بعد فرشة الإرهاب المصطنعة المبهمة التي نجح، وبمساعدة أستخبارتية سيسية وغيرها، في مدها على مدينة بنغازي وبعض مدن الشرق الليبي.. الكاتب لا ينفي وجود بعض المتطرفين وخاصة من أنصار الشريعة المحظورة في الشرق وعموم ليبيا.. وربما بصمات دعم الدولة الجارة واضحة ضمن خطة استنساخ سيسي جديد على أرض ليبيا … ما يمكن الجزم به اليوم أنه لم يستطيع السيد حفتر الإيفاء بوعوده بمحاربة الإرهاب منذ منتصف عام 2014 إلى اليوم حسب زعمه وفشل في بسط السيطرة الكاملة على مدينة بنغازي.. ولكن نجح في عقد صفقة بشأن السيطرة على المواني النفطية وبتدخل قبلي.. واليوم وبعد انتصارات أحرار البنيان المرصوص الذين حاربوا داعش، الإرهاب الواضح والحقيقي، وبالوكالة عن العالم، وبفاتورة غالية جدا قوامها ما يفوق سبعمائة شهيدا وما يزيد عن ثلاثة آلاف جريحا.. كل ذلك من أجل هدم مشروع الدولة الإسلامية “داعش” وبناء الدولة المدنية لا العسكرية التي يستنزف فيها السيد حفتر شباب ليبيا لتحقيق حكمه العسكري.. وهو الذي يشكك في نضال أحرار ليبيا عن طريق رئيس أركان قواته عبد الرزاق الناظوري حيث صرح:” إن مسلحي تنظيم الدولة لم يكن لهم وجود بمدينة سرت وسط ليبيا، واصفا حرب تحرير المدينة، بعملية “استلام وتسليم بين كتائب من مدينة مصراتة”!!!!!!
التصعيد الحربي الأخير الذي رأيناه من السيد المسماري بتاريخ 27 ديسمبر 2017 بعد قصف مدينة هون لا يمكن قبوله ولو جزمنا بصحة ما أدعاه من وجود قوات معارضه للحكومة التشادية .. فهل هي تشكل خطرا عليه إذا لم يكن يتلقى دعم من الحكومة التشادية أو بالأحرى من صانعتها فرنسا.. أو ما أدعاه بشأن وجود سرايا الدفاع عن بنغازي يعطيه الحق في قصفها .. فالمسألة تتطلب أولا التنسيق مع قوات البنيان المرصوص قبل اتخاذ أي قصف لأراضي ليبية تحت سيطرة المجلس الرئاسي المعترف به دوليا.. فالحرب لا يمكن أن تقنع الشعب الليبي ولن يجدي هذا التصعيد نفعا وقد يرجع ذلك للأسباب التالية:
التصعيد العسكري لن يجدي نفعا وخاصة بعد أن تأكد لمشروع الكرامة غياب أي دعم لهم باستثناء الانصياع للسيد حفتر في المنطقة الشرقية نتيجة للممارسات الدكتاتورية فبالإضافة إلى سطوته على البرلمان وشيوخ القبائل يوظف بقية الأجهزة الأمنية من شرطة مرور وجنائية وبلدية وأمن داخلي وخارجي لخدمة مشروعه العسكري، بحيث باتت تتلقى الأوامر منه والتي يجب أن تخضع لوزارة الداخلية وتحت سلطة مدنية فهذه التداخلات في الاختصاصات تأزم الوضع في الشرق الليبي إضافة إلى مشاركة مليشيات متعددة في الكرامة: أولياء الدم، المداخله السلفية، بعض التبو والطوارق، العدل والمساواة.. كما وأن أهالي المنطقة الغربية يرفضون أن يتخذ المشير حفتر من أرضهم قواعد تنطلق منها قواته تجاه طرابلس .. بل بداخل طرابلس ترفض الأغلبية الحرب ولو كانت القلة القليلة المؤيدة لحفتر!!! المنطقة الغربية ترفض العودة للحكم العسكري وترفض طرابلس أن تدنسها أحذية العسكر !!! فمكانهم الطبيعي داخل معسكراتهم خارج المدن وبمحاذاة الحدود !!!
فبمدنية الصراع السياسي ضمن آليات ديمقراطية ستجنب ليبيا ويلات الحرب التي يتمسك بها السيد حفتر كحل للوصول إلى السلطة يراه الكثير أرضاء لشخصه ولا يمت لمصلحة الوطن بشيء. فجميع الليبيين والليبيات عليهم الدفع في اتجاه التمسك بالاتفاق السياسي، بكل علله، كحل سلمي والتحول للمدنية والعمل على بناء الديمقراطية والتبادل السلمي على السلطة.
الواضح أن المجتمع الدولي كان ينتظر استنزاف قوى الأطراف المسلحة في ليبيا للدخول على السوق الليبي بالرغم من انحيازه بالدعم العسكري للسيد حفتر.. وربما اليوم يخاف من انفلات زمام المهاجرين لتتحول أوروبا إلى سوق رائجة للإرهاب وتجارة البشر والسلاح والمخدرات.. لقد أدرك اليوم حتى من يتبنون المشروع الإسلامي، أفصحت عنه مبادرة د. على الصلابي، أهمية تخفيف لهجتهم فهم بين ناريين: نار عودة الحكم العسكري تحت قيادة السيد حفتر، أو منح الفرصة للاكتواء بنار الدواعش بعد التجربة التي عاشتها سرت ودرنه وحتى صبراته!!! والحرص على ضمان مكان في السلطة لا يستبعدهم أيضاً. فبالتأكيد التمسك بالحكم المدني وإشراك جميع أطراف الصراع السياسي في المرحلة الانتقالية المقبلة وجميع القوى المسلحة على الأرض في تأمين سلامة ليبيا وحمايتها هو مطلب الشعب الليبي .. ويبقى تليب الإسلام ضمن ميثاق مجتمعي يبقى الخيار الأقرب للحل لتعيش ليبيا والشعب الليبي سنة 2017 تأسيسا للأمن والآمان والسلامة والسلام .. تدر ليبيا تادرفت
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا