رغم أنه كان من المتوقع أن تشعر إسرائيل بالاستياء من سماح الولايات المتحدة بتمرير قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر الاثنين ويدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة في رمضان، فإن رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كان حادا تماما، حسب مجلة “التايم”.
فعقب صدور القرار من مجلس الأمن بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت عليه، أعلن نتانياهو إلغاء زيارة كانت مزمعة لوفد من كبار مستشاريه إلى واشنطن لإجراء محادثات حول الحرب والبدائل للدخول في معركة برية في مدينة رفح ستؤثر على أكثر من مليون مدني في جنوب قطاع غزة.
وترى المجلة أن سلوك نتانياهو لم يكن ببعيد عن تاريخه الطويل الممتلئ بمناكفة الرؤساء الأميركيين وخاصة الديمقراطيين منهم وإثارة غضبهم.
وتستشهد بموقف حدث مع بيل كلينتون بعد أن ألقى نتانياهو عليه “محاضرة” في البيت الأبيض عام 1996، مما أغضب الرئيس الأميركي حينها وقال لموظفيه، حسب المجلة الأميركية، “من هو ذاك بحق الجحيم ومن يظن نفسه؟ من هي القوة العظمى هنا؟”.
وترى المجلة أن رئيس الوزراء الأطول خدمة في إسرائيل لم يتعلم من التجربة، وربما استنتج أنه سيفلت من ردة الفعل هذه المرة كما يحدث دائما، حيث “يعتقد نتانياهو، الذي يصف نفسه بأنه خبير في شؤون الولايات المتحدة، بأن الدعم الأميركي أمر مفروغ منه”، بحسب “التايم”.
“رهان سيئ للغاية”
وبالرغم من أن موقف الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بدأ في التحول في الفترة الأخيرة، وصرحا بما يفيد بأن الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم حماس في السابع من أكتوبر كان مبالغا فيه وأن الدولة العبرية تقصف غزة بشكل عشوائي وقتلت الكثير من المدنيين، فإن نتانياهو لا يزال مستمرا في نهجه ويبدو أنه أصبح يقامر بعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض بالفوز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، حسب “التايم”.
وتقول المجلة إن “نتانياهو والمتشددين اليمينيين في حكومته الذين يريدون ضم الضفة الغربية، ويرغبون الآن في إعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة يعتقدون أنه إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فسوف يسمح لإسرائيل مرة أخرى بفعل ما تريد. ومن وجهة نظرهم، إذا تمكن الجمهوريون من الاستيلاء على مجلس الشيوخ والاحتفاظ بمجلس النواب، فإن إسرائيل ستحقق ذلك بالفعل”.
لكن المجلة ترى أن “هذا رهان سيئ للغاية” لأنه “لا يمكن الاعتماد على تمسك ترامب بأي موقف يعبر عنه في الوقت الحالي، فضلا عن أنه يحمل ضغينة ضد نتانياهو لتهنئته بايدن على فوزه في الانتخابات عام 2020، فضلا عن أنه طلب أصلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي الانتهاء من هذه الحرب بسرعة والتركيز على السلام”.
ودعا الرئيس الأميركي السابق، والمرشح المتوقع عن الجمهوريين للانتخابات الرئاسية المقبلة، دونالد ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إلى إنهاء الحرب في غزة بسرعة.
وتقول إن “نتانياهو يعتقد بأنه سيبدو قويا في نظر قاعدته السياسية إذا تحدى الرؤساء الأميركيين وغيرهم من المنتقدين الأجانب، وقام وأقرب مسؤوليه بتعزيز العلاقات مع الجمهوريين، وخاصة المحافظين الصقور الذين يعجبون بما تستطيع الدولة اليهودية الصغيرة تحقيقه في منطقة ذات أغلبية ساحقة من المسلمين”.
وتعزو المجلة التحالف بين دولة عظمى ودولة صغيرة في منطقة استراتيجية بعيدة إلى عوامل مثل “القيم الديمقراطية المشتركة، وأهمية المجتمع اليهودي الأميركي، والارتباط القوي للإنجيليين بالأرض المقدسة، وذكريات المحرقة”.
لكنها ترى أن هذا التحالف “ليس أمرا طبيعيا يمكن اعتباره أمرا مفروغا منه، حيث أنه مع مرور الوقت والتغيرات في التركيبة السكانية الأميركية يمكن أن تؤدي إلى تآكل الدعم لإسرائيل”.
وتؤكد أن عدم حساسية نتانياهو لممارساته أدت إلى تراجع التأييد بين الأميركيين التقدميين فضلا عن أن اليساريين أصبحوا يضعون الصهيونية كواحدة من الأشياء التي تستحق الإدانة، مشيرة لأن هذا يبدو واضحا من خلال الاحتجاجات المكثفة حاليا في الجامعات الأميركية على الحرب في غزة.
لكن في نفس الوقت “لا تزال إسرائيل تتمتع بدعم واسع النطاق في الولايات المتحدة، على الرغم من تآكل هذا الدعم باستمرار بسبب سلوك نتانياهو والمتشددين في حكومته”.
“ستة أشهر”
تنقل المجلة عن السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن داني أيالون: “يبدو أن المسؤولين الأميركيين يتحدثون بأدب ولكن بحزم مع نظرائهم، لكن الإسرائيليين يتظاهرون بأنهم لا يفهمون ما يقال لهم”.
ولذلك كان قرار بايدن بالامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة، بدلا من حماية إسرائيل، كالعادة، باستخدام حق النقض، بمثابة رسالة لنتانياهو مفادها أنه قد طفح الكيل”.
وتشير الصحيفة إلى أن نتانياهو يعتقد أنه يمكنه الرد من خلال قراره بإلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي وتأكيده على عزمه باقتحام رفح وتعريض حياة مئات الآلاف من المدنيين للخطر، لكن الحقيقة أن إسرائيل لا تستطيع تحمل تعريض المساعدات الأميركية التي تتدفق بالفعل للخطر”.
فبالإضافة إلى 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية المباشرة السنوية، أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 400 طائرة نقل و30 سفينة تحمل 20 ألف طن من الذخيرة والصواريخ وغيرها من المعدات العسكرية الأساسية لمساعدة إسرائيل في مواصلة حرب غزة، فضلا عن أن الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للأسلحة والحامي للدولة العبرية.
تنقل المجلة عن قائد عسكري إسرائيلي سابق أنه “بدون إعادة الإمدادات هذه، لن يتمكن الجيش الإسرائيلي من مواصلة القتال لأكثر من ستة أشهر أخرى”.
اترك تعليقاً